في وقت يتواصل فيه العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، ويشتد الحصار المفروض على سكانه، كشفت بيانات رسمية إسرائيلية عن قفزة كبيرة في الصادرات المصرية إلى إسرائيل، لتصبح مصر ثاني أكبر دولة عربية تصدّر منتجات إلى الاحتلال خلال فترة الحرب، بعد الإمارات.
تأتي هذه التطورات بينما تُحاصر سلطة الانقلاب العسكرى بأمر السيسى قطاع غزة من معبر رفح، وتمنع دخول المساعدات الإنسانية والأدوية، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الكارثية في القطاع. وتتهم منظمات حقوقية مصر بالمشاركة في "جريمة الحصار"، من خلال التنسيق الأمني والقيود اللوجستية، التي تعرقل دخول القوافل والمساعدات.
فيما ويتساءل نشطاء فلسطينيون وعرب: كيف تُبرَّر هذه التجارة المتصاعدة مع الاحتلال في وقت تشتعل فيه غزة ناراً تحت القصف الإسرائيلي، ويُمنع أهلها من تلقي العلاج والغذاء؟
وحسب بيانات الجهاز المركزي الإسرائيلي للإحصاء، فقد صدّرت مصر 924 صنفاً من المنتجات محلية المنشأ إلى إسرائيل، بين أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وفبراير/ شباط 2025، مقارنة بـ1377 صنفاً صدّرتها الإمارات خلال الفترة نفسها.
وتشمل هذه الأصناف مواد غذائية، ومحاصيل زراعية، ومنتجات من القطن، إلى جانب منتجات تدخل مباشرة في أعمال البناء والتشييد، مثل الأسمنت، والحديد، والألومنيوم، ما يطرح تساؤلات كبرى حول توقيت تصعيد هذا النشاط التجاري مع الاحتلال الذي يواصل تدمير البنية التحتية في غزة.
الأسمنت المصري لإعادة بناء ما دمّرته إسرائيل؟
تصدر قطاع البناء والتشييد قائمة الصادرات المصرية إلى إسرائيل، بقيمة بلغت 265.6 مليون دولار خلال أشهر الحرب. وكانت أبرز هذه الصادرات هي الأسمنت، الذي شهد ارتفاعاً لافتاً، حيث بلغت قيمة صادراته 223.3 مليون دولار.
وسجل ديسمبر/ كانون الأول 2024 ذروة التصدير المصري للأسمنت إلى إسرائيل، بقيمة 28.2 مليون دولار، مقارنة بـ804 ألف دولار فقط في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، ما يعني زيادة بنسبة 3257%. ويُستخدم هذا الأسمنت بشكل مباشر في مشاريع البناء، وسط تساؤلات فلسطينية ودولية: هل تساهم القاهرة في ترميم ما تدمره آلة الحرب الإسرائيلية؟
في المرتبة الثانية: منتجات غذائية ومشروبات
حلّت المنتجات الغذائية والمشروبات كثاني أكبر فئة من حيث الصادرات المصرية إلى إسرائيل، بقيمة 121.4 مليون دولار، وشملت:
خضار وفواكه طازجة ومصنعة
حبوب ومنتجات مطاحن
حلويات وسكريات
مشروبات متنوعة وكاكاو
وهي منتجات تُصدَّر في وقت يعاني فيه سكان غزة من مجاعة حقيقية، وقيود مشددة على إدخال الغذاء والدواء، وسط حصار خانق تشارك فيه مصر عبر معبر رفح.
صادرات تشمل أدوية وملابس وألعاب أطفال
كما شملت قائمة الصادرات المصرية إلى إسرائيل منتجات صيدلانية بقيمة 636.7 ألف دولار، إضافة إلى مشروبات، مستحضرات تجميل، ملابس، ألعاب أطفال، بلاستيك، ورق، وخشب.
ويبلغ إجمالي الصادرات المصرية إلى إسرائيل خلال أشهر الحرب 743.2 مليون دولار، وهي أرقام غير مسبوقة في ظل دعوات المقاطعة الشعبية للاحتلال.
واردات من إسرائيل: أسمدة وملابس وكيميائيات
من جهة أخرى، كشفت البيانات الإسرائيلية عن تصدير تل أبيب 165 صنفاً من المنتجات إلى مصر، بقيمة إجمالية بلغت 466 مليون دولار، توزعت على 45 فئة رئيسية، أبرزها المنتجات الكيميائية المستخدمة في النسيج، والملابس، والأسمدة، والورق.
وسجل شهر ديسمبر/ كانون الأول 2023 أعلى معدل للواردات الإسرائيلية إلى مصر، بقيمة 54.1 مليون دولار، في حين كان شهر أبريل/ نيسان 2024 الأدنى بـ8 ملايين دولار.
"الكويز" بوابة التطبيع الاقتصادي
وترتبط بعض الواردات الإسرائيلية إلى مصر باتفاقية "الكويز"، التي وُقعت في 2004 بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة، وتنص على دخول المنتجات المصرية إلى السوق الأمريكي دون جمارك، شرط احتوائها على مكونات إسرائيلية بنسبة 10.5%.
وتسمح هذه الاتفاقية، رغم عدوان الاحتلال المتواصل، باستمرار تبادل المنتجات الصناعية، ما يعمّق من علاقات التطبيع الاقتصادي في ظل انتقادات حقوقية وشعبية واسعة.