تشهد جزيرة الوراق، الواقعة في قلب نهر النيل ، تصعيدًا حادًا في وتيرة الاشتباكات بين الأهالي وقوات الأمن بنظام الانقلاب العسكرى. فقد تجددت المواجهات اليوم السبت أسفل محور روض الفرج، بالقرب من المعدية التي تُعد الطريق الحيوي لربط الجزيرة بالمنطقة النيلية ومنطقة شبرا، بعد استمرار حصار الشرطة عليها.
يأتي هذا الحصار في إطار محاولات السلطات الانقلابية فرض رقابة على دخول مواد البناء، مما يؤثر بشكل مباشر على سبل معيشة الأهالي وحياتهم اليومية.
منذ عدة سنوات، يخوض سكان الجزيرة أزمة معقدة، إذ يواجهون ضغوطًا مستمرة تهدف إلى تهجيرهم من أراضيهم لصالح مشاريع تنموية عقارية فاخرة تمولها جهات خارجية، أبرزها دولة الإمارات.
فقد أعلنّت وزارة الإسكان بحكومة الانقلاب عن إجراءات لإخلاء نحو 1024 فداناً من أصل 1295 فداناً يُشكلون نسبة 79% من مساحة التطوير المُخططة، بينما تُعد نسبة 21% المتبقية محور النزاع الواضح بين الأطراف. ويُذكر كذلك أن الجزيرة، التي تمتد على مساحة تُقدّر بين 1500 و1800 فدان، تُشكّل نقطة جغرافية واستراتيجية تربط بين محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية.
وفي تطور درامي للأحداث، أشارت تقارير شهود عيان إلى أن قوات الأمن استعملت أسلحة غير قتالية مثل طلقات الخرطوش وقنابل الغاز المسيل للدموع، مما أسفر عن إصابة عدد من الأهالي بجروح بالغة. إلى جانب ذلك، شهدت الاحتجاجات تجمعات شعبية حاشدة عبر أهالي الوراق الذين رفعوا هتافات منقضة مثل:
يُضاف إلى ذلك، أن قوات الأمن بدأت بعمليات هدم المباني الحيوية على الجزيرة، كالمستشفى والمركز الشبابي الوحيدين، مما يعكس استراتيجية ضغط وتضييق من قبل السلطات بهدف تسريع عملية تهجير السكان الأصليين، واستغلال أرض الجزيرة في إنشاء مشروع سكني يُدعى "مدينة الوراق الجديدة". هذا المشروع لا يمثل مجرد تحويل حضري فحسب، بل يُجسد أيضًا رغبة سياسية وإدارية في إعادة تشكيل بُنية المجتمعات المحلية وتغيير النظام العمراني في قلب إحدى المناطق ذات الطابع الزراعي المتأصل.
الخلفية والسياق السياسي والاجتماعي:
1. البعد الاجتماعي والاقتصادي:
تعتبر جزيرة الوراق بيئة حيوية يعتمد سكانها بشكل رئيسي على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل. تدخل هذه الأزمة ضمن سلسلة من الإجراءات الاستبدادية التي تهدف إلى استغلال الأراضي وتغيير تركيبها الاجتماعي، مما يترك أثرًا بعيد المدى على حياة الأهالي الذين فقدوا موطنهم وتراثهم الزراعي.
2. البعد السياسي والعقاري:
تُظهر الواقعة تعقيدات الاضطرابات السياسية والعقارية في مصر، حيث تتشابك السياسات الوطنية مع مصالح استثمارية خارجية، مما يؤدي إلى تضييق الخناق على المجتمعات المحلية، ويطرح تساؤلات حول حقوق الإنسان والحريات المدنية في إطار عمليات التجديد الحضري.
3. **الأثر الإعلامي والرأي العام
أدت الأحداث إلى تسليط الضوء من قبل الإعلام والمجتمع المدني على معاناة الأهالي، حيث برزت هتافات وتعبيرات تكشف عن الإحباط والغضب تجاه سياسات التجريد القسري من الأراضي، مع دعوات متزايدة للعدالة الاجتماعية وإعادة النظر في سياسات الاستيلاء على الممتلكات التقليدية.