إهمال حكومة الانقلاب وعدم اهتمامها بتأمين حياة المصريين والحفاظ على صحتهم، تسبب في انتشار الكلاب الضالة في الشوارع بصورة غير مسبوقة، ما يشكل خطرًا على السلامة العامة، خاصة على الأطفال وكبار السن .
ورغم أنه لا توجد إحصائيات دقيقة للكلاب، إلا أن هناك تقديرات تشير إلى أن عددها تجاوز الـ 22 مليون كلب ضال، وهو ما يخل بالتوازن البيئي في مصر، والذي يقتضي أن يكون العدد من 6 إلى 7 ملايين كلب فقط، فيما يتراوح عدد بلاغات العقر ما بين 400 إلى 450 ألف حالة، وعدد الوفيات يقترب من 100 حالة سنويا.
وتتسبب الكلاب الضالة في حوادث عض وإصابات، ونقل الأمراض مثل داء الكلب، الذي يشكل خطرًا على صحة الإنسان، كما تثير الذعر بين المارة، وفي الوقت نفسه، تعاني هذه الحيوانات من ظروف معيشية قاسية، رغم أنها تستحق الرعاية والحماية.
شركة خاصة
في هذا السياق كشفت دراسة أعدها الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة المحلية وخبير استشاري المناطق العشوائية، أن عدد الكلاب الضالة المنتشرة في القرى والمدن بلغ 22 مليون كلب ضال.
وأضافت الدراسة أن أعداد الكلاب الضالة تتزايد أعدادها بشكل ملفت، حيث إن متوسط مدة بقاء الكلاب ودورة حياتها تصل إلى 8 سنوات أي أنه في عام 2028سيصل عدد الكلاب إلى أكثر من 44 مليون، موضحة أن عدد الكلاب الضالة في مصر يعادل عدد سكان 8 دول عربية.
وأكدت أن هيئة الخدمات البيطرية لا تستطيع التعامل بمفردها مع انتشار 22 مليون كلب في 27 محافظة، أي بمعدل كلب لكل 5 مواطنين وإن مديريات الطب البيطري تتحمل المسؤولية بالتعاون مع المحافظين، طبقًا لقانون الإدارة المحلية رقم 43 لعام 1979.
واقترحت الدراسة أن تتكفل شركة خاصة بمكافحة الكلاب الضالة، بسبب عجز حكومة الانقلاب إداريًا في إدارة الملف من خلال التعاقد، وأن يقوم كل محافظ بتشكيل لجنة لمكافحة الكلاب داخل محافظته، نظرًا لعدم وجود خطه قومية متبعة بجدول زمني من قبل مجلس وزراء الانقلاب في هذا الصدد.
وحملت الأجهزة التنفيدية للمحافظات والأحياء ومديري الزراعة والري والطب البيطري ومديري المستشفيات والوحدات الصحية المسؤولية عن تفاقم ظاهرة انتشار الكلاب الضالة.
وأشارت إلى أن الجهات الحكومية لا تتعامل مع جميع الكلاب الضالة، إنما يقتصر تعاملها مع الكلاب "العقور" فقط، ولا يتم التحرك في الغالب إلا بناء على شكاوى مقدمة من الأهالي.
داء الكلب
وكشف الدكتور "أحمد أبو شنب" عضو مجلس نقابة الأطباء البيطريين السابق أن الكلاب الضالة تتكاثر بشكل خاص في أطراف المدن، والأحياء الشعبية، ومكبات النفايات، حيث تجد الطعام والمأوى، وأيضا الأحياء الحديثة التي تحت الإنشاء تشكل بيئة مثالية لها.
وحذر "أبو شنب" من خطورة الأمراض التى تنقلها الكلاب إلى الإنسان ومنها داء الكلب (السعار) الذي سيظل الخطر الأكبر، حيث إنه مرض قاتل ولا علاج له، مشيرا إلى أن الأمراض الأخرى التي تنقلها الكلاب الضالة تشكل خطرًا على الصحة العامة .
وأشار إلى أن الأثر النفسي، مثل فوبيا الكلاب، غالبًا ما يتم تجاهله، لكنه يمكن أن يكون مدمرًا، مؤكدا أن التعقيم هو الحل الأمثل للتحكم في أعداد الكلاب ومنع تكاثرها بشكلٍ عشوائي، وهناك العديد من الجمعيات والمؤسسات تقوم بتنظيم حملات دورية لتعقيم الكلاب الضالة، مع تقديم الرعاية البيطرية اللازمة لها.
وطالب "أبو شنب" حكومة الانقلاب بتوفير برامج تعقيم وتطعيم، لأنها تعتبرمن أكثر الحلول فعالية للحد من انتشار الكلاب الضالة، وحمايتها من الأمراض، بجانب إنشاء ملاجئ للكلاب الضالة، لتوفير الرعاية الصحية والغذاء والمأوى لها، بالإضافة إلى التعاون مع منظمات الرفق بالحيوان لتنفيذ برامج التعقيم والتطعيم، وتفعيل القوانين والتشريعات التي تنظم التعامل مع الكلاب الضالة، وتفرض عقوبات على من يسيء إليها.
الحلول المؤقتة
وشدد على ضرورة توعية المجتمع بأهمية التعامل الإنساني مع الكلاب الضالة، وتجنب إيذائها، موضحا أن المجتمع المدني يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في التعامل مع الكلاب الضالة، من خلال تنظيم حملات توعية بأهمية الرفق بالحيوان، وتقديم الدعم المادي والمعنوي لملاجئ الكلاب الضالة، والتعاون مع الجهات الحكومية لتنفيذ برامج التعقيم والتطعيم.
وأكد "أبو شنب" أن الكلاب الضالة قضية معقدة تتطلب تضافر جهود حكومة الانقلاب والمجتمع المدني والأفراد، والتعامل مع هذه القضية بشكل إنساني ومسئول، يضمن سلامة المجتمع وحماية الحيوانات، مشددًا على ضرورة إجراء دراسات لتحديد أعداد الكلاب الضالة وتوزيعها في مختلف المناطق، لتحديد المناطق الأكثر تضرراً وتوجيه الجهود إليها.
وحذر من اللجوء إلى الحلول المؤقتة التي قد تؤدي إلى تفاقم المشكلة في المستقبل، مثل حملات التسميم أو القتل العشوائي.
توازن بيئي
وكشف الدكتور خالد سليم نقيب الأطباء البيطريين، أن عدد الكلاب الضالة حسب آخر الإحصائيات 15 مليون كلب ضال في الشوارع .
وقال سليم في تصريحات صحفية: إن "التوازن البيئى في مصر يقتضي أن يكون العدد من 6 إلى 7 ملايين كلب فقط، وهذا يوضح أن هناك فارقا شاسعا بين المفروض والواقع ما يتطلب جهودا كبيرة" .
وأشار إلى أن عدد بلاغات العقر في مصر يتراوح ما بين 400 إلى 450 ألف حالة سنويا وفق آخر الإحصائيات في عام 2019 – 2020، موضحا أن عدد الوفيات يقترب من 100 حالة، وأكثر المحافظات التي بها حالات وفيات هي القاهرة والجيزة والشرقية والبحيرة.
التعقيم
وقال أخصائى طب وجراحة الحيوان الدكتور محمود حمدي: "إن زيادة أعداد الكلاب الضالة يمثل مشكلة كبيرة حاليا، مؤكدا عدم وجود إحصائيات دقيقة خاصة بأعدادها، مما يدفع مديريات الطب البيطرى إلى اللجوء لتسميمها لتخفيض أعدادها".
وأكد حمدي في تصريحات صحفية أن التسميم لم يقلل من أعداد الكلاب بل تزايدت الأعداد بشكل أكبر، مشيرا إلى أن الاتجاه إلى أساليب تحديد النسل مثل التعقيم لدى الحيوانات بشكل أخلاقي هو الحل .
وشدد على ضرورة تطعيم الكلاب لمواجهة السعار، لافتا إلى أن العيادات البيطرية يمكنها إجراء عمليات التعقيم والتطعيم معا.