التنازل مقابل الدعم .. لماذا منح السيسي “الرخصة الذهبية” لأي مشروع سعودي بلا شروط ؟؟

- ‎فيتقارير

في مؤشر جديد على تسارع وتيرة تفريط  حكومة الانقلاب في الأصول الوطنية، لصالح الحلفاء الخليجيين، أعلن رئيس حكومة العسكر  مصطفى مدبولي،   الاثنين الماضي ، تعهده بتسريع جميع الإجراءات الخاصة بالمشروعات السعودية الجديدة، بما يشمل منح "الرخصة الذهبية" لأي مشروع سعودي يُعرض على الحكومة، في خطوة اعتبرها مراقبون استمراراً في مسار تمكين السعودية والإمارات من السيطرة على الاقتصاد المصري.

 

"الرخصة الذهبية" بلا شروط

جاء إعلان مدبولي خلال استقباله وفداً من كبار رجال الأعمال السعوديين بالقاهرة، على هامش ملتقى رجال الأعمال المصري – السعودي، الذي حضره كبار مسؤولي الاستثمار في الرياض، يتقدمهم إبراهيم المبارك الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية لتسويق الاستثمار، ورئيس اتحاد الغرف السعودية حسن معجب الحويزي، إلى جانب السفير السعودي في القاهرة.

 

وخلال اللقاء، أكد مدبولي استعداد حكومته لتقديم "تسهيلات استثنائية" للمستثمرين السعوديين، والتعامل مع مشكلاتهم القديمة، حتى تلك الممتدة لعقود، في إطار ما وصفه بـ"تعزيز الشراكات الاستثمارية" بين البلدين، عبر تبسيط الإجراءات الجمركية والضريبية، وتوفير بنية تحتية ملائمة، إضافة إلى تقديم حوافز للمستثمرين في مجالات الصناعة والطاقة والسياحة والزراعة.

 

التنازل مقابل الدعم

ويأتي هذا التحول في موقف حكومة الانقلاب بعد توقيع اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين القاهرة والرياض، والتي دخلت حيز التنفيذ مؤخراً، متضمنة بنوداً تمنع نزع الملكية أو التأميم أو المصادرة في حالات الاضطراب، وهي بنود يرى منتقدون أنها تحصن الاستثمارات الخليجية من أي مساءلة مستقبلية، وتحول دون استرداد الأصول العامة حتى في حال تغيّر النظام السياسي.

 

كما وافق برلمان الانقلاب  قبل أيام على قرار المنقلب  عبد الفتاح السيسي رقم 55 لسنة 2025، بشأن تشكيل "مجلس التنسيق الأعلى المصري – السعودي"، المكلف بمتابعة تنفيذ المشروعات المشتركة، وتقييم التقدم في ما وصف بـ"التكامل الاستثماري"، في وقت تتعزز فيه مخاوف واسعة من أن هذا التكامل يكرّس بيع ما تبقى من أصول الدولة لصالح شركاء النظام، مقابل استمرار تدفق الودائع والتمويلات الخارجية.

 

استثمارات مقابل الولاء السياسي

منذ تولي  المنقلب السيسي السلطة  رسميا عام 2014، تلقت القاهرة دعماً مالياً ضخماً من الرياض، بلغ ذروته بعد أزمة العملة في 2022، حين أودعت السعودية 5 مليارات دولار في البنك المركزي المصري، ليرتفع إجمالي ودائعها إلى 10.3 مليارات دولار. وتُمدد هذه الودائع دورياً، مما يعكس طبيعة العلاقة التي تربط بين الدعم المالي الخليجي ومستوى النفوذ السياسي والاقتصادي المتاح للسعودية والإمارات في مصر.

 

ويرى مراقبون أن منح "الرخصة الذهبية" بشكل مباشر للمشروعات السعودية دون قيود أو منافسة مفتوحة، يُعد تأكيداً إضافياً على أن القاهرة تدفع ثمن انهيار اقتصادها بالتنازل عن أصولها الاستراتيجية، تماماً كما حدث في صفقات سابقة بيعت فيها شركات وفنادق وأراضٍ مملوكة للدولة تحت مسمى "جذب الاستثمارات".

 

توسّع سعودي موازٍ للنفوذ الإماراتي

وإن كانت الإمارات قد سبقت السعودية في السيطرة على عدد من الشركات والأراضي المصرية – خاصة عبر "القابضة ADQ" وصندوق أبو ظبي السيادي – فإن الفترة الأخيرة تشهد تقدماً سعودياً مضطرداً نحو اقتسام النفوذ الاقتصادي، مستفيدة من التسهيلات الرسمية التي يقدمها النظام المصري، مقابل ما يعتبره خبراء اقتصاد "إنقاذاً سياسياً" للسيسي أكثر منه استثماراً حقيقياً.

 

وتتجه الاستثمارات السعودية نحو مجالات استراتيجية مثل تحلية المياه، صناعة البطاريات، الألومنيوم، السياحة على السواحل، والزراعة، وهي قطاعات كان يفترض أن تلعب فيها الدولة دوراً محورياً ضمن رؤية تنموية مستقلة، إلا أن الأزمة الاقتصادية الخانقة جعلت من الحكومة المصرية عرضاً دائماً للبيع، بحثاً عن أي سيولة مالية تسهم في إنقاذ الموازنة العامة وسداد أقساط الديون المتراكمة.