دفعت التداعيات الكارثية لقرار حكومة الانقلاب بتحريك الوقود على الأسعار والتضخم والاستثمار خبراء الاقتصاد إلى التحذير من الإدارة الفاشلة للاقتصاد المصرى، مطالبين بتغيير أسلوب الإدارة وعدم الخضوع لإملاءات صندوق النقد والبنك الدولى .
وقال الخبراء ان رفع أسعار الوقود سيؤدى إلى ارتفاع الأسعار وزيادة معدلات التضخم وتراجع الاستثمارات المصرية والأجنبية وتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار الأمريكى والعملات الأجنبية، مؤكدين أن الاقتصاد المصرى سوف يظل يعانى بسبب هذه القرارات الغريبة وغير المدروسة.
وأكدوا أن قرار تحريك أسعار المواد البترولية غير منطقى فى ظل التراجع الكبير فى الأسعار العالمية للنفط، موضحين أنه كان من الأفضل تأجيل هذه الزيادة إلى اجتماع لجنة التسعير التلقائى للمواد البترولية فى شهر أكتوبر المقبل .
وأوضح الخبراء أنه كان من الأفضل أن تخفض حكومة الانقلاب أسعار الفائدة 1% فقط، لخفض عجز الموازنة بقيمة 100 مليار جنيه، مقارنة بـ 35 مليار جنيه فقط سيتم توفيرها من رفع أسعار الوقود.
أسلوب إدارة
من جانبه قال الخبير الاقتصادى، أحمد خزيم، إن رفع أسعار البنزين والسولار يؤدى إلى ارتفاع أسعار كافة السلع والخدمات، سواء سلع غذائية أو كهرباء ومواصلات، ورفع معدل التضخم فى النهاية.
وأضاف «خزيم»، فى تصريحات صحفية : كان من الممكن أن تخفض حكومة الانقلاب أسعار الفائدة 1% فقط، لخفض عجز الموازنة بقيمة 100 مليار جنيه، ما يساعد على زيادة التشغيل وفرص العمل والاستثمارات وتشجيع المستثمرين لضخ استثمارات فى الاقتصاد المصرى، مقارنة بـ 35 مليار جنيه فقط سيتم توفيرها من رفع أسعار الوقود.
وأكد أن ما حدث سوف يدفع الاقتصاد المصرى ثمنه أضعافا مضاعفة، من رفع أسعار السلع والتضخم خلال الفترة المقبلة.
وأوضح «خزيم»، أن الدعم هو الفارق بين تكلفة المنتج وقيمة بيعه، وبالتالى طالما أن هناك ارتفاعا مستمرا فى الدولار أمام الجنيه، فى الوقت الذى نستورد فيه كميات كبيرة من الوقود، سيستمر دعم الوقود ولن يتم التخلص منه نهائيا.
وشدد على ضرورة تغيير تفكير أسلوب وإدارة الاقتصاد المصرى حاليا، مشيرا إلى أن حكومة الانقلاب تعتبر القروض وبيع الأصول استثمارات وهذا غير صحيح، فعليها أن تضع قوانين مشجعة للاستثمار, وتوفر بيئة ومناخا استثماريا يجذب المستثمرين المحليين والأجانب، من أجل زيادة الإنتاج .
واعتبر «خزيم»، أن المضاد الحيوى السريع للاقتصاد المصرى هو تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة من أجل زيادة الإنتاج والتصدير، وجذب عملة صعبة تستطيع من خلالها مواجهة أى تقلبات اقتصادية عالمية.
فروق الأسعار
وقال الباحث الاقتصادى، محمد محمود، إن تقدير حكومة الانقلاب لبرميل البترول فى الموازنة العامة كان يدور حول 80 دولارا، والأسعار حاليا تدور حول 60 و65 دولارا، مشيرا إلى أن حكومة الانقلاب تزعم أنها قامت بشراء البترول بعقود آجلة عندما كان السعر مرتفعا، وبالتالى اضطرت إلى رفع الأسعار.
وطالب محمود فى تصريحات صحفية بضرورة إيجاد آلية تمنع تحميل المستهلك النهائى نسبة الزيادة بمفرده مع مراعاة عجز الموازنة العامة لدولة العسكر، مشددا على ضرورة التفكير فى إنشاء صندوق لتمويل فروق أسعار المنتجات البترولية لمزيد من التحوط وتخفيض الآثار السلبية على الموازنة العامة دون تحميل المواطن هذه الفروق أو على الأقل تحميله بشكل نسبى مع مراعاة عجز الموازنة العامة.
ولفت إلى أن هذا الشكل هو الأنسب للحالة المصرية التى لا تتحمل الزيادات المستمرة، مع الأخذ فى الاعتبار ضرورة البحث عن اكتشافات بترولية جديدة , تسهم فى سد الفجوة الاستيرادية لضبط الطلب والعرض.
وأكد محمود، ضرورة أن يكون إنشاء هذا الصندوق بشكل منضبط وبعد دراسة متأنية، وتعيين مدير له على درجة عالية من الكفاءة يستطيع توجيه واستثمار أمواله فى قطاعات معينة تعود بالربحية على الصندوق، بحيث يتم زيادة رأسمال الصندوق من العوائد ووجود سيولة كافية نستطيع من خلالها تحمل فروق الأسعار وإزالة هذا العبء من على المواطن، لأن مصر لا تتحمل استمرارية زيادة الأسعار كل 3 أو 6 أشهر.
وأوضح أن أهمية المنتجات البترولية تتمثل فى أنها مكون مهم فى تكلفة جميع السلع تقريبا، وبالتالى يمكن القول وبشكل عام إن سعر المنتجات البترولية يشكل عاملا مؤثرا فى نسبة التضخم وعلى حركة الأسواق بشكل عام .
ولفت محمود، إلى أن رفع أسعار الوقود من أهم النقاط التى يتبناها صندوق النقد الدولى فى إطار التفاهم مع حكومة الانقلاب بشأن ما يسميه برنامج الاصلاح الاقتصادى، حيث يشترط الصندوق ألا تتحمل الموازنة العامة لدولة العسكر دعما للمنتجات البترولية، مؤكدا أن هذه العوامل تشكل ضغوطا على تسعير المنتجات البترولية ولابد من اعادة النظر فيها وعدم الخضوع لها .
عقود تحوط
وقال الخبير الاقتصادى، محمد أنيس، إنه كان يتمنى عدم رفع أسعار الوقود فى اجتماع لجنة تسعير المواد البترولية الأخير، وتأجيل هذه الخطوة إلى اجتماع يوليو أو أكتوبر المقبل .
وأضاف أنيس فى تصريحات صحفية : ذلك كان أفضل حتى نعطى الفرصة للبنك المركزى أن يتخذ قرارا بخفض الفائدة خلال الشهور المقبلة بإجمالى 5%، مشيرا إلى أن تخفيض الفائدة بـ 5% يوفر على حكومة الانقلاب 180 مليار جنيه فى خدمة الدين، لكن تقليل دعم المحروقات يوفر 20 مليار جنيه فقط وسيرفع التضخم من جديد، ويضطر البنك المركزى إلى الانتظار حتى يخفض الفائدة.
وأوضح أنه حان وقت تنفيذ عقود تحوط طويلة الأمد لمشتريات مصر من النفط والغاز الطبيعى، لافتا إلى أن مستويات أسعار النفط الحالية ما بين 60 إلى 65 دولارا للبرميل مع وجود ضبابية كبيرة تتعلق بمستقبل الاقتصاد العالمى، وهى الظروف المناسبة لتنفيذ عقود التحوط.
