“البنزين المغشوش” يعطل آلاف السيارات واتهامات تطال محطات “وطنية” التابعة للجيش

- ‎فيتقارير

 

في خضم تصاعد الغضب الشعبي من "البنزين المغشوش" الذي تسبب في أعطال آلاف السيارات بمختلف المحافظات، شنت وزارة التموين في حكومة الانقلاب حملات رقابية مفاجئة على محطات تموين الوقود. 

غير أن تلك الحملات وُصفت من قبل مراقبين بأنها "ذر للرماد في العيون"، في ظل تجاهلها محاسبة المتهم الرئيسي بحسب المواطنين: شركة "وطنية" التابعة للقوات المسلحة.

اتهامات تطال محطات "وطنية" التابعة للجيش

ورغم سحب عينات عشوائية وتحليلها في المعامل المركزية، فإن الحكومة امتنعت حتى الآن عن نشر نتائج الفحص أو الكشف عن المحطات المخالفة، في وقت تتزايد فيه المؤشرات على أن غالبية الشكاوى ترتبط بمحطات يديرها الجيش المصري الذي يحتكر جانباً كبيراً من سوق الوقود عبر شبكة "وطنية" التي تضم نحو 120 محطة منتشرة على الطرق الرئيسية.

 

تضرر واسع وصمت رسمي

وسائل التواصل الاجتماعي ضجت بوسم "#البنزين_المغشوش"، مع تداول عشرات الفيديوهات والصور لسيارات متعطلة على الطرق، وأصحابها يشكون من أعطال فجائية أبرزها تلف مضخات الوقود، وانخفاض كفاءة المحرك، وتوقف السيارة بالكامل بعد التزود من محطات بعينها.

 

ورغم تحذيرات المواطنين من التزود بالوقود من محطات "وطنية"، لم تصدر أي جهة رسمية بياناً توضيحياً، في ظل صمت لافت من وزارة الدفاع، المالكة لتلك الشبكة، ما زاد من حالة الغضب الشعبي والتشكيك في جدوى الحملة الحكومية.

 

البرلمان يطالب بالتحقيق وتعويض المتضررين

في تطور لافت، تقدمت النائبة  في برلمان الاتقلاب فاطمة سليم بطلب إحاطة عاجل إلى رئيس الوزراء بسلطة الانقلاب  ووزيري البترول والتموين، طالبت فيه بتحقيق فوري وشفاف حول أزمة البنزين المغشوش، ومحاسبة المسؤولين عن تلك الكارثة، وتعويض المتضررين بعدالة، منتقدة توقف بعض محطات الوقود عن العمل بشكل مفاجئ، دون إعلان الأسباب.

 

وحذرت النائبة من غياب الرقابة الفعلية على منظومة توزيع الوقود، خاصة في ظل هيمنة جهة واحدة على جانب كبير من السوق، وافتقاد المحاسبة والشفافية، مطالبة بمراجعة كاملة لتلك المنظومة التي باتت تشكل خطراً على سلامة المواطنين ومصدر دخلهم الوحيد.

 

ارتفاع جنوني في الأسعار رغم تدني الجودة

تأتي هذه الأزمة بعد أسابيع من قرار لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية رفع أسعار الوقود بنسبة قاربت 15%، لتكون الزيادة الـ19 منذ منتصف 2019. فقد ارتفع سعر السولار من 13.50 إلى 15.50 جنيهاً للتر، وبنزين 80 من 13.75 إلى 15.75 جنيهاً، فيما وصل سعر بنزين 95 إلى 19 جنيهاً للتر. وتجاوزت نسبة الزيادة الإجمالية منذ 2019 أكثر من 180%، في بلد يعاني غالبية سكانه من تدهور الدخول وارتفاع تكاليف المعيشة.

 

ورغم هذه الزيادات المتتالية، فإن جودة الوقود المعروض باتت محل تشكيك واسع، وسط تساؤلات عن مصير هذه الإيرادات إذا كانت لا تترجم إلى تحسين الخدمة أو ضبط الجودة، بل على العكس، ترتبط بأعطال واسعة ومكلفة للمواطنين.

 

غياب الشفافية والمحاسبة

ويؤكد خبراء اقتصاديون أن هذه الأزمة تكشف عن غياب الحوكمة والرقابة في قطاع حيوي مثل الوقود، الذي أصبح تحت سيطرة الجيش منذ أعوام دون رقابة برلمانية أو مدنية، ما أضعف المساءلة، وأتاح بيئة خصبة للتلاعب والفساد.

 

وقال خبير اقتصادي –فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية– إن "ما يحدث ليس خللاً فنياً عارضاً، بل نتيجة طبيعية لاحتكار جهة سيادية السوق وحرمان الأجهزة الرقابية من ممارسة دورها"، مشدداً على أن "أي إصلاح حقيقي يبدأ بإخراج الجيش من النشاط الاقتصادي وإخضاعه للرقابة".