أزمة نقص الأدوية تتصاعد يوما بعد آخر رغم مزاعم حكومة الانقلاب بالقضاء على الأزمة وأكاذيب وزارة صحة الانقلاب بحدوث انفراجة.. شكاوى المرضى والمستشفيات وعيادات التأمين الصحى تكذب هذه المزاعم حيث تعانى باستمرار من غياب العديد من الأصناف الأساسية فى الأسواق، خاصةً المتعلقة بالأمراض المزمنة مثل السكرى، الضغط، الغدة الدرقية، وأدوية المناعة، وأدوية الأورام، وصولًا لبعض المراهم وماسات الفم والمفاصل الصناعية.
هذه الشكاوى تكشف التناقض بين التصريحات الرسمية والواقع الميدانى وهو ما يثير تساؤلات حول أسباب عجز حكومة الانقلاب عن حل هذه الأزمة وانقاذ حياة المرضى .
شركات التوزيع تتلاعب بسوق الأدوية وتقوم بتخزين الدواء، وهو ما دفع مئات الصيدليات لإغلاق أبوابها لعجزها عن مواجهة مافيا شركات التوزيع .
يشار إلى أن التقارير تؤكد أن مصر تحتاج سنويًا نحو 3.6 مليار عبوة دواء، تكلفتها حوالى 191 مليار جنيه، ويصل نصيب الفرد الى ما يقارب 36 عبوة شهريًا، بينما بلغ حجم النواقص فى فبراير 2024، حوالى 1000 صنف دواء من السوق، بما فى ذلك أدوية السكرى، الغدد، والمضادات الحيوية.
تصريحات متضاربة
تصريحات مسئولي الانقلاب تتضارب وتتناقض، وزير صحة الانقلاب فى نهايات عام 2024، أكد أن أزمة نقص الأدوية ستُحل خلال شهرين، بعد رفع أسعار 200 صنف دواء بنسبة تصل إلى 50%، ورئيس هيئة الدواء زعم أن النقص كان نتيجة صعوبة توفير الدولار لاستيراد المواد الخام، مشيرًا إلى أن 90-95% من الأدوية متوافرة حاليًا .
فيما أكدت شعبة الأدوية أن النواقص تراجعت بنسبة 50%، متوقعة انخفاضها إلى 250 صنفًا فى سبتمبر 2024، وهو ما لم يحدث حتى الآن رغم استجابة حكومة الانقلاب لضغوط المنتجين والمصانع التى تمثلهم هذه الشعبة التى ترفع دائمًا شعار تحريك الأسعار هو الحل.
كان رئيس مجلس وزراء الانقلاب قد دعا الأطباء فى سبتمبر الماضى إلى كتابة اسم المادة الفعالة فى «روشتة» المريض بدلاً من الاسم التجارى للدواء، حتى يوضح الصيدلى للمواطن كل الأنواع من التركيبة نفسها، ما يسهل الحصول على الأدوية، خصوصاً الناقصة فى الصيدليات ، وهو ما لم يحدث للآن ولا تزال الأدوية مختفية من الصيدليات مع رفع أسعار غالبية الأدوية، والكارثة الكبرى أنه حتى عيادات التأمين الصحى تعانى من نقص الأدوية ومعها يصبح مريض التأمين الصحى ومعظمهم من أصحاب المعاشات كعب داير على المستشفى أو العيادة التابع لها والدواء وقد يصل الشح الدوائى الى بدائل تلك الأدوية.
معاناة المرضى
الواقع يؤكد أن هناك نقصا حادا فى الأدوية بمعظم الصيدليات العادية منها وكبرى السلاسل، وأيضًا صيدليات الإسعاف التى تشهد أحيانًا طوابير وقوائم انتظار للحصول على الدواء ولا دواء، وصولًا إلى منافذ وخطوط هيئة الدواء ذاتها، وهو ما أقر به بعض الصيادلة والمختصون.
من جانبهم كشف العديد من المرضى عن معاناتهم فى البحث عن الأدوية وأكدت أ. م مريضة أنها تعانى منذ شهور ورغم قرار علاج بتغيير مفصل ركبة لم يتم التغيير لأن المفصل غير متوافر فضلاَ عن عدم توافر العلاج المطلوب.
وقالت المريضة و. ف محافظة المنوفية انها صادر لها قرار علاج كيماوى غير متوافر حتى الآن وسعر الحقنة الواحدة فى الصيدليات 14 ألف جنيه وظروفها لا تسمح.
وأشارت المريضة س.ش الى انها تقوم بغسيل الكلى 3 مرات فى الأسبوع، وصدر لها قرار علاج على نفقة الدولة بصرف حقن الأنيميا تأخذها كل جلسة بمستشفى أشمون العام.
وأكدت أن هناك عجزا فى الأدوية وكل يوم رايح جاى على المستشفى عشان أصرف حقنه اسمها ايبوتين بـ 4000 جنيه .
مصيبة حقيقية
من جانبه أكد محمود فؤاد، رئيس جمعية «الحق فى الدواء»، أن الأزمة لم تنتهِ بعد، وإن شهدت انفراجة مقارنة بالسابق، موضحا أنه فى الفترة الماضية شهدت السوق نقص 1500 صنف دواء، 55 منها «منقذ للحياة»، مثل أدوية السكر وحمى البحر المتوسط وغيرهما، والآن توافرت الأدوية بنسبة 60 فى المائة تقريباً، لكن لا تزال هناك نواقص، مثل أدوية الهرمونات والذئبة الحمراء والغدة وغيرها، وزاد الأمر سوءا خلال الأسابيع الماضية.
وقال «فؤاد» فى تصريحات صحفية : أصبحنا فى مصيبة حقيقية، وأصبح المواطنون فريسة للشركات، فعلى سبيل المثال مرضى (الفصام والحالات الذهنية) ارتفع سعر حقن (الكلوبيسكول) الخاصة بهم من ٣٢٠ جنيهًا إلى ٥١٥ جنيهًا الى ٢١٥٠ جنيهًا .
سوق سوداء
وأشار إلى أن نوافص الأدوية أزمة مفتعلة نتيجة عدم سيطرة هيئة الدواء على أسواق البيع ووجود سوق سوداء للدواء معروفة وجروبات عليها أسماء أدوية غير متوافرة فى السوق الرسمى، مؤكدا أن حكومة الانقلاب غير قادرة على السيطرة على شركات التوزيع التى تتلاعب وتقوم بتخزين الدواء، وهو ما دفع مئات الصيدليات لإغلاق أبوابها لعدم مواجهة مافيا شركات التوزيع وتحميل أدوية فوقها مستحضرات تجميل، وكذلك عدم القدرة على مواجهة التضخم.
وشدد «فؤاد» على أن الصيدليات تحاول تجاوز هذه الأزمة عبر اقتراح بدائل للدواء الواحد، اعتماداً على المادة الفعالة، لكنها عملية لا يُكتب لها النجاح للآن.
تحديات كبيرة
فى المقابل اعترف الدكتور ياسين رجائى، مساعد رئيس هيئة الدواء المصرية، أن هناك تحديات كبيرة تواجه سوق الدواء فى مصر، الأمر الذى أدى لزيادة سعر الدواء وشح بعض منه بالأسواق.
وزعم رجائي فى تصريحات صحفية أن الوضع الآن أفضل بكثير والنقص أصبح محدودًا وهذا بشكل عام لجميع الأدوية.. وتجاوز الأزمة بمنافذ البيع والتوزيع.
وفيما يخص أدوية التأمين الصحى قال : هناك متابعة مع هيئة الشراء الموحد وأى إبلاغ من طرفهم بخصوص المستحضرات التى يتم توريدها إلى كافة الجهات الحكومية ومنها التأمين الصحى نحاول توفيرها .
وأشار رجائى إلى أن الهيئة تتابع مع كل الموزعين والمصانع للتأكد من توافر المواد الخام واستمرار معدلات الإنتاج بالمستوى الذى يكفى السوق المحلى ويتم تلقى أى شكاوى على الخط الساخن وفق تعبيره .