أزمة الغاز تضغط على الربط الكهربائي وتهدد بعودة انقطاعات الكهرباء

- ‎فيتقارير

 

في ظل تصاعد الطلب المحلي على الكهرباء ونقص إمدادات الغاز الطبيعي، يواجه مشروع الربط الكهربائي المصري مع دول الجوار تحديات متزايدة، قد تعيد مشهد انقطاع التيار إلى الواجهة، بحسب مصادر مطلعة في وزارة الكهرباء.

 

وأوضح مصدر مسؤول بوزارة الكهرباء بحكومة الانقلاب أن حمل الشبكة القومية للكهرباء بلغ خلال فترات المساء نحو 36 ألف ميجاوات، مقابل 28 ألفًا في فترات الصباح، ما يتيح هامشًا للطاقة يصل إلى 8 آلاف ميجاوات، يتم استغلاله في مشروعات الربط الكهربائي الإقليمي. لكن هذا الهامش معرض للتلاشي إذا ارتفعت درجات الحرارة أكثر، ما قد يرفع الأحمال إلى 42 ألف ميجاوات، وهو ما يتجاوز قدرات التوليد في ظل أزمة الغاز المستمرة.

 

وأشار المصدر، الذي رفض الإفصاح عن اسمه، إلى أن استمرار نقص إمدادات الغاز، التي لا تتجاوز حاليًا 3.8 مليار قدم مكعب يوميًا، يقوّض قدرة المحطات على تجاوز إنتاج 37 ألف ميجاوات، وهو ما يعرض الشبكة القومية لضغوط هائلة، قد تؤدي إلى العودة لنظام تخفيف الأحمال أو حتى الانقطاعات المؤقتة، كما حدث في صيف 2023 و2024.

 

وكان وزير البترول بحكومة الانقلاب كريم بدوي قد كشف في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن تراجع إنتاج الغاز الطبيعي بنسبة تصل إلى 25% خلال عامين، مما تسبب في اضطراب إمدادات الوقود لمحطات الكهرباء، وتفاقم أزمة الطاقة في ذروة الصيف. وتزامنًا مع ذلك، أعلنت الشركة القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) مؤخرًا عن خطة لاستيراد ثلاث شحنات من الغاز المسال، في محاولة لتعويض العجز وتلبية احتياجات محطات التوليد.

 

رغم هذه التحديات، تواصل مصر تفعيل اتفاقيات الربط الكهربائي مع دول الجوار. وأفاد المصدر أن الربط مع الأردن، الذي يبلغ في أقصى حالاته 550 ميجاوات، تراجع في الشهور الماضية إلى أقل من 400 ميجاوات، نتيجة ضغوط محلية على منظومة التوليد. ولفت إلى أن تراجع ضخ الغاز الإسرائيلي إلى مصر والأردن أثار قلق السلطات الأردنية، ما دفعها إلى زيادة سعة التبادل مع مصر خلال يونيو إلى نحو 400 ميجاوات، مقارنة بـ200 ميجاوات في مايو الماضي.

 

وتسعى مصر والأردن إلى رفع سعة الربط بينهما إلى 2000 ميجاوات مستقبلاً، بهدف الاستفادة من فوارق الذروة بين البلدين، بحيث تتمكن كل دولة من استيراد الكهرباء من الأخرى عند الحاجة. أما الربط مع ليبيا، فهو حاليًا محدود بإجمالي تبادل لا يتجاوز 150 ميجاوات، تُستخدم منه فعليًا أقل من 40%، وسط دراسات لرفع السعة المستقبلية إلى 2000 ميجاوات، بشرط تحسن الأوضاع الأمنية في ليبيا.

 

وأمام شحّ الغاز وارتفاع درجات الحرارة، فعّلت وزارة البترول خطة طوارئ لإدارة الإمدادات، تضمنت وقف ضخ الغاز عن بعض القطاعات الصناعية، من بينها مصانع الأسمدة، لتوجيه الكميات المتاحة إلى محطات الكهرباء.

 

وتعكس هذه التحركات قلقًا رسميًا متصاعدًا من تكرار مشهد صيف 2024، الذي شهد انقطاعات طويلة، أثارت غضبًا شعبيًا واسعًا، وأكدت هشاشة اعتماد الدولة المتزايد على الغاز المستورد، خصوصًا من إسرائيل، في وقت تتصاعد فيه التوترات الإقليمية وتتعطل خطوط التوريد.

 

وبينما يُروَّج لمشروعات الربط الكهربائي باعتبارها إنجازًا اقتصاديًا واستراتيجيًا، يرى مراقبون أن المضي في هذه المشروعات دون ضمان أمن الطاقة الداخلي يعرض مصر لمخاطر مزدوجة، إذ قد تجد نفسها غير قادرة على تلبية احتياجاتها، ولا الالتزام بتعهداتها التصديرية، ما يهدد بفقدان الثقة الإقليمية في شبكتها القومية.