وافق برلمان السيسي على تعديل جديد لبروتوكول التعاون الضريبي مع دولة الإمارات، يسمح باعتماد شركتي “أبو ظبي التنموية القابضة” و”صندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية” كمؤسستين حكوميتين، ما يمنحهما إعفاءات واسعة من الضرائب بموجب اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي الموقعة بين البلدين عام 2019.
وجاء التعديل، ضمن بروتوكول ثانٍ مكمل للاتفاقية، يوسع من نطاق تعريف “الحكومة” في بنود الاتفاق، ليشمل الكيانات التي تملكها الدولة بنسبة 50 بالمئة فأكثر، ويشمل شركات وصناديق استثمارية تعمل بشكل مستقل نسبيًا عن الهيكل الحكومي التقليدي، ويُعفيها من ضرائب أرباح الأسهم والفوائد والأرباح الرأسمالية.
وأقر البرلمان التعديل تحت شعار “تشجيع الاستثمار وتحقيق التنمية”، في وقت تعاني فيه مصر من أزمة تمويل حادة، وسط تصاعد أعباء الدين المحلي والخارجي وتراجع الموارد الضريبية، وهي واحدة من أهم مصادر دخل الدولة.
وقال الخبير الاقتصادي إبراهيم نوار Ibrahim Nawar: إنه "نظرا لانتهاء برنامج الاقتراض من صندوق النقد الدولي عام 2026 فإن الحكومة من المرجح ان تتوسع في اللجوء لبيع أو تأجير نسبة أكبر من الأصول الاقتصادية الوطنية، وزيادة الضرائب والرسوم لتحقيق هدف زيادة حصيلة الإيرادات الضريبية بما يعادل نصف نقطة مئوية من الناتج المحلي سنويا".
وتوقع أنه "حصيلة الضرائب المتوقعة في السنة المالية الجديدة تصل إلى 2654.7 بنسبة 85.1% من الإيرادات العامة، تعادل 13% من الناتج المحلي، وهي نسبة تقل عن المتوسط العالمي للإيرادات الضريبية للدول النامية ذات الدخل المتوسط الأدنى التي تتراوح بين 15% إلى 35%. وتعتمد استراتيجية زيادة الإيرادات على توسيع النطاق الضريبي، وتعظيم حصيلة الضرائب غير المباشرة. وهي أدوات شديدة التحيز ضد الفقراء ومتوسطي الدخل.".
وتراهن وزارة المالية بحكومة السيسي حاليًا على حزمة من الحوافز الضريبية أطلقتها الوزارة في أكتوبر الماضي لرفع الإيرادات الضريبية، وبحسب الوزير أحمد كجوك استطاعت الضرائب تحقيق أعلى معدل نمو للإيرادات خلال النصف الاول من العام المالي الجاري، بعد تحييد ضريبة قناة السويس التي تضررت من الاضطرابات في المنطقة، لكن طموحات الحكومة تقف أمامها استمرار سيطرة التعاملات غير الرسمية على الاقتصاد والتي تشجع على التهرب الضريبي.
وقال حساب المرابطون @morabetoooon : "في الوقت الذي يعفي #السيسي فيه #الامارات من الضرائب .. السيسي وعصابته يعدون خطة لاستنزاف المصريين وسد عجز موازنة العسكر .. وتتمثل الخطة في كلمتين: "زيادة الرسوم والضرائب"
فبالنسبة لرسوم الخدمات يستهدف العسكر زيادتها بنسبة 25% (من 15.5 مليار إلى 20 مليار جنيه) منها على سبيل المثال رسوم جوازات السفر
ومضاعفة الرسوم القضائية إلى 9 مليار مقابل 5.6 مليار جنيه.
ورسوم الإجراءات القنصلية: من 8.1 مليار إلى 15.5 مليار جنيه
ورسوم وضرائب على السيارات: من 12.7 إلى 16.6 مليار جنيه .
وأشار الحساب إلى أنه سيتم رفع الخدمات جمركية ورسم مغادرة البلاد ورسم إقامة أجانب والتوسع في منح الجنسية المصرية للمستثمرين ".
https://x.com/morabetoooon/status/1936534062904311958
قراءة تحليلية
وقراءة في الأوضاع الاقتصادية لموقع المعهد المصري للدراسات قال: إن "هذا التطور يتطلب فهم السياق الاقتصادي والاستثماري بين مصر والإمارات، وكذلك قراءة في دلالة التعديل الضريبي من زاويتين: السيادة المالية واستراتيجيات جذب الاستثمار".
وأشار إلى أن هدف الإعفاءات الضريبية على الإمارات :
1. تعزيز التمكين القانوني للاستثمارات الإماراتية في مصر:
تعديل البروتوكول يعكس رغبة واضحة في منح الكيانات السيادية والشركات الإماراتية الكبرى – مثل “أبو ظبي القابضة” – ميزات استثنائية، عبر الاعتراف بها كمؤسسات حكومية، مما يُعفيها من الضرائب المفروضة على الأرباح أو المكاسب الرأسمالية بموجب اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي.
النتيجة المباشرة هي تخفيض كبير في الكلفة الضريبية على استثمارات الإمارات داخل مصر، وفتح المجال أمام توسع أكبر لصفقات الاستحواذ أو الاستثمار، خصوصًا عبر صندوق مصر السيادي نفسه، الذي يدخل في شراكات مع “أبو ظبي القابضة” منذ سنوات.
2. دلالة على توجه استراتيجي مصري لجذب التمويل مقابل التنازل الضريبي:
في ظل الضغوط المالية الكبيرة التي تواجهها مصر، واحتياجها إلى تدفقات رأسمالية سريعة، فإن تعديل الاتفاقية يعكس ميلًا نحو تقديم تنازلات ضريبية مقابل استمرار تدفق الأموال الخليجية، خاصة في القطاعات الحيوية (مثل الطاقة، البنية التحتية، اللوجستيات).
لكن هذا يطرح تساؤلات حساسة حول مدى العدالة الضريبية والسيادة المالية، إذ إن منح إعفاءات لمؤسسات أجنبية ضخمة، قد يُنظر إليه على أنه تمييز ضد المستثمر المحلي، أو تنازل مفرط عن أدوات الدولة الضريبية.
وأكد المعهد في تحليله أن الخطوة تعكس أيضًا متانة العلاقة السياسية بين القاهرة وأبو ظبي، حيث يُنظر إلى التنسيق المالي والاستثماري كأداة لدعم النظام المصري اقتصاديًا في مرحلة حساسة، مقابل حصول الطرف الإماراتي على موطئ قدم أعمق في مفاصل الاقتصاد المصري، أي أن كل هذا يؤدي في نهاية المطاف إلى تعظيم النفوذ الاقتصادي والسياسي لدولة الإمارات في مصر.
مشددا على أن تعديل البروتوكول الضريبي يفتح الطريق أمام مزيد من التمكين الاستثماري الإماراتي في مصر على حساب الحصيلة الضريبية قصيرة الأجل، في إطار سياسة مصرية تقوم على المفاضلة بين السيولة العاجلة والسيادة الاقتصادية الجزئية، وهو قرار يحمل مخاطرة هيكلية على المدى الطويل، وعلى سيادة الدولة المصرية وقرارها المالي والسياسي، إن لم يُدار ضمن استراتيجية شاملة تحقق توازنًا بين الجاذبية الاستثمارية والاستقلال المالي وسيادة الدولة.