في أكتوبر 2020 وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصريحا لإثيوبيا قال فيه: "من حق مصر تفجير سد النهضة" وهو التصريح الذي صدر بعد تقارير عن أضرار على السودان ومصر حال ضربه، وفي 15 يونيو الجاري كتب منشورا على منصة "تروث سوشيال" الخاصة به، تذكرته اللجان قبل يومين فقط، قال إنه "صانع سلام" و"مفاوض عبقري" واستعرض إنجازاته ومنها؛ "حل أزمة سد النهضة التي كادت تشعل حرباً بين مصر وإثيوبيا، لكنه يشتكي أن أحدا لا يشكره على جهوده، ويلوم بايدن على المشاكل الراهنة" الذي اتهمه بأنه قاد الولايات المتحدة لتمويل سد النهضة.
ونجح الرئيس الأميركي ترامب في التوصل إلى اتفاق خلال ولايته الأولى وتراجع أديس أبابا عن التوقيع أخفقه، وعلى مدى نحو 16 عاماً من الخلاف بين مصر وإثيوبيا حول ملف سد النهضة، كانت الإدارة الجمهورية بقيادة ترامب (2016 – 2020) أكثر انخراطاً في الملف من الإدارتين الديمقراطيتين في عهد باراك أوباما (2008 – 2016) والرئيس جو بايدن (2020-2024)
الباحث مصطفى بركات (Mostafa Barakat) سجل ملاحظات على منشور ترامب المتعلق بتمويل سد النهضة فقال:
أولًا: رغم الدعم المعلوماتي والتحريضي لبناء السد لأهداف سياسية في القارة، لم تشارك أمريكا رسميًا في تمويل السد.
ثانيًا: من المعلوم بصورة شبه رسمية أن الصين أكبر ممول للسد.
ثالثًا: دول أوروبا، وخاصة إيطاليا وفرنسا، أبرز المشاركين من خلال شركات.
رابعًا: لجأت إثيوبيا لبيع سندات وتبرعات الإثيوبيين في الشتات، الذين ساهموا في جمع الأموال.
خامسًا: رغم الشكوك حول دور للبنك الدولي، أكد وزير الخارجية السابق سامح شكري عدم دخول حكومات رسميًّا في التمويل، ملمحًا لدور للشركات.
سادسًا: فشل ترامب في صناعة سلام بين مصر وإثيوبيا حول تلك القضية، كما يزعم.
سابعًا: رغم تعاطي أمريكا مع الموقف المصري، فشل الحراك في مجلس الأمن بسبب الصين وروسيا.
ثامنًا: ترامب لجأ لخصم ملايين من المساعدات المخصصة لإثيوبيا بسبب تعنت آبي أحمد مع تدخل ترامب في ولايته الأولى.
تاسعًا وأخيرًا: ترامب يستخدم القضية لتشويه الديمقراطيين كعادته، ويريد إقناع المواطن الأمريكي بهدرهم للأموال، وحديث اليوم عن تمويل السد هدفه تشويه بايدن كعادته.
عاشرا: الرئيس الأمريكي مهووس بجائزة نوبل للسلام ويعدد قضايا دولية يزعم حلها ضمنهم سد النهضة وحديثه المؤسف عن حصة شعب مصر من المياه يحمل غمز ولمز لإدارة الجائزة عن منحها لآبي أحمد الذي ساهم في تعطيش شعب.
فضح بايدن
وكتب ترامب، "مثال آخر هو مصر وإثيوبيا وصراعهما حول سد ضخم يؤثر على نهر النيل العظيم"، وأن "هناك سلاما حاليا، على الأقل حتى الآن، بفضل تدخلي، وسيبقى كذلك!".
وفي رأي عماد مجدي Emad Magdy Zaki أن تصريح ترامب يحمل سوء النوايا الأمريكية تجاه مصر، وأن تصريح ترامب بأن تمويل سد النهضة كان "غباءً أمريكيًا" يحمل في طيّاته تهديدًا غير مباشر لمصر وليس فقط انتقادًا لإدارة بايدن.
ورأى أن "الرسالة الضمنية هي أن أمريكا تلوّح بورقة المياه كسلاح للضغط وتُظهر قدرتها على التأثير في مصادر قوة مصر".
وفي أبريل 2023، استغلت إثيوبيا تخوفات بايدن وخنوع السيسي في استكمال ملء السد للمرة الرابعة، بعد أن بعث الرئيس الأمريكي السابق جوزيف بايدن برسالة للكونجرس لإبلاغه بنيته وضع جنود أمريكيين في أثيوبيا و چيبوتي والسودان، بعد الحرب الأخيرة في السودان، ربما لتأمين سد النهضة لصالح الصهاينة.
وتلقى الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تحذيرات دبلوماسيين مصريين وخبراء من أن إثيوبيا ستستغل الحرب وانشغال السودان ومصر بها وتنهي الملء الرابع للسد دون مزيد من الضجيج.
وفي ديسمبر 2022، قالت وكالة "فرانس برس": إن "عبد الفتاح السيسي طلب، مساعدة الولايات المتحدة في الضغط على إثيوبيا للتوصل إلى اتفاق بشأن سد ضخم تعتبره الدولة العربية الجافة تهديدا وجوديا".
وأضافت الوكالة أنه خلال زيارته لواشنطن لحضور قمة أمريكية إفريقية، أثار السيسي قضية سد النهضة الإثيوبي الكبير مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الذي التقى في اليوم السابق برئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد.
وقال السيسي لبلينكن: "هذه مسألة حيوية ووجودية للغاية بالنسبة لنا، ونشكر الولايات المتحدة على دعمها واهتمامها".
وأضاف السيسي "أن التوصل إلى اتفاق ملزم قانونا يمكن أن يحقق شيئا جيدا وفقا للمعايير والقواعد الدولية، نحن لا نطلب أي شيء آخر غير ذلك»، مضيفا "نحن بحاجة إلى دعمكم في هذا الشأن".
كان السد الضخم على نهر النيل الذي تبلغ تكلفته 4.2 مليار دولار ، والذي من المقرر أن يكون الأكبر في إفريقيا ، مصدر احتكاك شديد بين إثيوبيا ومصر وكذلك السودان.
وتخشى مصر، التي تعتمد على النهر في 97 في المئة من مياه الري والشرب، أن يقلل السد من إمدادات المياه الشحيحة بالفعل.
ووعد أبي أحمد بمواصلة المحادثات بشأن السد، لكنه مضى قدما في ملء وتشغيل التوربينات الأولية.
وسعت الإدارة الأمريكية السابقة لدونالد ترامب، الحليف المقرب للجنرال السيسي ، إلى التفاوض على حل وقطع المساعدات عن إثيوبيا بعد أن اتهمت أديس أبابا بالفشل في التعامل بحسن نية.
وأثار ترامب، أثناء وجوده في البيت الأبيض، ضجة باقتراحه أن مصر قد تهاجم السد، وهو احتمال رفضته القاهرة علنا.
واتبعت إدارة الرئيس جو بايدن نهجا أقل أهمية، حيث فضلت الدبلوماسية ولكنها لم تربط المساعدات بالقضية.
وتوترت علاقات بايدن مع إثيوبيا بسبب مخاوف لا علاقة لها بانتهاكات حقوق الإنسان في هجوم ضد المتمردين في منطقة تيغراي، والذي توقف بعد اتفاق نوفمبر 2022.
وتولى بايدن منصبه وأعلن مقته للسيسي بشأن انتهاكاته حقوق الإنسان لكنه ما لبث أن رحب بدوره في التوسط لوقف إطلاق النار العام 2021 في قطاع غزة وفي استضافة قمة الأمم المتحدة للمناخ نوفمبر 2022.