بعد قرار السيسي الجمهوري بتخصيص مساحة 174.399 كيلومتراً مربعاً تطل مباشرة على البحر الأحمر؛ أي ما يعادل 41515.55 فداناً، من المساحات المملوكة لدولة مصر، ملكية خاصة لصالح وزارة المالية (من أصول الدولة المصرية)، من أجل استخدامها في خفض الدين العام للدولة، حذر تقرير نشره "المركز المصري للدراسات" بإسطنبول من مخاطر بيع أصول الدولة وذكر منها عدة مخاطر تترتب على بيع أصول الدولة ومنها:
1-فقدان السيطرة على قطاعات إستراتيجية.
2-بيع الأصول بأقل من قيمتها الفعلية.
3-التأثير على الوظائف وحقوق العاملين.
4-الاعتماد الزائد على التمويل قصير المدى بدلاً من بناء قاعدة إنتاجية.
أما النقطة الخامسة فكانت أن "بيع أصول الدولة قد يشكل خطراً على الأمن القومي في حالات معينة، خاصة إذا لم يكن هناك تنظيم دقيق وشفافية في عمليات البيع. ولكن ليس كل بيع للأصول يمثل خطراً تلقائياً؛ المسألة تعتمد على نوع الأصل، وهوية المشتري، وطبيعة الصفقة، بيع أصول في قطاعات حساسة: مثل: الطاقة (كهرباء، غاز ، الموانئ والمطارات، الاتصالات، الأمن الغذائي والمائي) بيع أصول في هذه القطاعات قد يُفقد الدولة القدرة على اتخاذ قرارات سيادية مستقلة.".
ماذا يعني بيع أصول الدولة؟
وأشار التقرير إلى أن بيع أصول الدولة يعني قيام الحكومة ببيع ملكية جزئية أو كلية في كيانات أو ممتلكات تابعة للدولة، إلى جهات خاصة محلية أو أجنبية، بهدف تحقيق عوائد مالية أو إعادة هيكلة الاقتصاد.
وأضاف أن “أصول الدولة” هي كل ما تملكه الدولة من ممتلكات قابلة للتقييم المالي، مثل:
1-شركات قطاع عام (مثل شركات الكهرباء، البترول، الاتصالات، النقل).
2-أراضٍ وعقارات حكومية وموانئ تابعة للدولة.
3-مشروعات بنية تحتية أو خدمات عامة.
4-حصة الدولة في البنوك أو المؤسسات المالية.
وعن سبب بيع الدولة أصولها وضع قائمة تشمل: "جذب استثمارات خاصة محلية وأجنبية، تقليل عجز الموازنة العامة.. سداد ديون أو توفير عملة صعبة، زيادة الكفاءة الاقتصادية من خلال خصخصة القطاعات الخاسرة، الامتثال لشروط صندوق النقد الدولي أو مؤسسات تمويل دولية.".
أطراف أجنبية
ولتبين مدى خطورة البيع على أمن مصر القومي، قال: إن "إتاحة ملكية أجنبية في مواقع استراتيجية مثل (بيع أراضٍ قرب مناطق عسكرية أو حدودية كما يتم في مصر باستمرار ومنطقة رأس الحكمة ورأس شقير دليل واضح على ذلك الأمر ، وذلك الأمر قد يترتب عليه دخول أطراف أجنبية قد تكون لها مصالح متعارضة مع الأمن القومي".
وأشار إلى أن غياب الرقابة أو الشفافية في بيع أصول الدولة بعقود غير معلنة مع عدم وجود رقابة برلمانية مع غياب تقييم دقيق لقيمة الأصل. هذا يفتح المجال للفساد أو استغلال الأوضاع المالية لشراء أصول بأقل من قيمتها الحقيقية.
القلق الأمني القومي
وذكر أن هناك عدد من الأصول الحيوية التي يعتبر بيعها أو التنازل عنها خطراً محتملاً على الأمن القومي، خصوصاً إذا تم ذلك دون شفافية أو ضمانات سيادية. إليك أبرزها: الموانئ والمناطق اللوجستية موضحا أن "أهميتها هي أنها تتحكم في حركة التجارة، ومرتبطة مباشرة بالأمن البحري والاقتصادي ومثال لذلك: موانئ الإسكندرية، دمياط، السخنة، شرق بورسعيد، قناة السويس ومنطقتها الاقتصادية
وجدد أن القلق من دخول أطراف أجنبية بعقود امتياز طويلة قد يحد من قدرة الدولة على التحكم في سلاسل الإمداد أو استخدامها في أوقات الأزمة
وبالنسبة للقطاع الثاني وهو قطاع الطاقة (كهرباء – غاز – بترول) فأهميته: أنه مصدر رئيسي للعملة الصعبة، ومفتاح للتنمية والاستقلال الاقتصادي، ومن ذلك محطات الكهرباء التي أنشئت بالشراكة مع شركات أجنبية (مثل سيمنز).
وأشار إلى أن القلق هو في "بيع حصص استراتيجية قد يؤدي إلى سيطرة خارجية على الأسعار أو الإمداد والقرار السيادي للدولة.".
وبالنسبة لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فلفت إلى أن أهميته هو أنه "البنية التحتية الرقمية مرتبطة بالأمن السيبراني والاتصالات السيادية." كما بالنسبة لشركات المصرية للاتصالات (TE)، ومراكز البيانات الكبرى.
وحذر من أن القلق يتجه نحو "التخلي عن السيطرة على الكابلات البحرية أو مراكز الاتصالات يفتح باباً أمام التجسس أو قطع الخدمة.".
وعن قطاع الأراضي الزراعية والمياه فأشار إلى أهميته من جانب "الأمن الغذائي، والموارد المائية المرتبطة بنهر النيل".
واستدرك أن القلق: بيع مساحات كبيرة من الأراضي لمستثمرين أجانب قد يؤدي إلى استنزاف المياه الجوفية أو توجيه الإنتاج للخارج.
وعن القطاع الخامس وهو "العقارات السيادية والمواقع التاريخية والإستراتيجية" ومن ذلك "مجمع التحرير، مقرات وزارات وسط البلد، أراضٍ حول الأهرامات، منطقة رأس الحكمة، منطقة رأس شقير، منطقة رأس جميلة".
وأوضح أن القلق هو في: التنازل عن ممتلكات رمزية قد يُفقد الدولة السيطرة على تراثها أو قيمتها الجغرافية والسياسية وقرارها المستقل وسيادة الدولة.
الخلاصة:
وخلص التقرير إلى أن "بيع أصول الدولة في مصر يُعد خطراً على الأمن القومي المصري بالضرورة، عند التعامل مع قطاعات مثل الموانئ، الطاقة، الاتصالات، أراضي أو مواقع سيادية وإستراتيجية يصبح الأمر مسألة تتعلق بالأمن القومي وليس فقط خياراً اقتصادياً.".
وأشار إلى أن "من أهم التطورات الاقتصادية خلال الفترة محل الرصد استعداد الحكومة المصرية للإعلان عن صفقة جديدة بمنطقة رأس شقير على البحر الأحمر” تشمل أحد صناديق الثروة السيادية الخليجية”، حسبما كشفت تقارير صحفية.
آلية إصدار الصكوك
وبين أن "هذا الاتجاه بداية لتوجه أوسع لتكرار نجاح اتفاقية رأس الحكمة مع شركة أيه دي كيو القابضة الإماراتية (صندوق أبو ظبي السيادي) ولكن مع اختلاف ملحوظ. فقد خُصصت الأرض التي تزيد مساحتها قليلا على مساحة رأس الحكمة رسميا لصالح وزارة المالية بموجب قرار رئاسي نشر في الجريدة الرسمية، لغرض محدد يتمثل في جمع الأموال عبر إصدارات الصكوك السيادية المحلية، وخفض الديون. من المنتظر أن تستخدم هذه الصفقة وغيرها من مشروعات رأس شقير المستقبلية إصدارات الصكوك السيادية المحلية لتكون مصدرا للتمويل، إذ من المقرر أن تدعو وزارة المالية صناديق الثروة السيادية الإقليمية وغيرها من الكيانات الاستثمارية للاكتتاب في إصدارات الصكوك المرتبطة بمشروعات معينة.".
وأضاف أن "آلية إصدار الصكوك السيادية ما هي إلا آلية للاقتراض لجمع الأموال لسداد ديون سيادية سابقة أخرى تلتزم بها الدولة (ما يطلق عليها البعض عملية بونزي)، إلا أن الصكوك هي ألية تتوافق مع الشريعة الإسلامية، من حيث ارتباطها بأصول، وليست مثل السندات غير المرتبطة بأصول، إلا أنه في نهاية المطاف استمرار لسياسة الاستدانة لتغطية العجز، وليس تمويل لإنتاج حقيقي.".
بلا شفافية
وعن سبب رئيسي للقلق قال التقرير: إنه "لا توجد أية تفاصيل ولا إجابات عن الكثير من الأسئلة حول هذه “الصفقة”، حيث تغيب الشفافية بشكل كامل، حتى الآن على الأقل، هناك أسئلة من قبيل: هل سيتم سداد عائد الصكوك، ثم قيمة الصكوك في النهاية في مواعيد استحقاقها، من قبل خزانة الدولة عن طريق وزارة المالية، تماما كالسندات، أم أن هناك نشاطاً اقتصادياً سيكون في منطقة المشروع يتم سداد المستحقات من خلاله؟ ومن الذي سيقوم بهذا النشاط إن وجد؟ وماذا عن الأنشطة القائمة بالفعل مثل استخراج النفط؟ وما الذي سيحدث لأصول المشروع إن حدث عجز عن سداد الأرباح وأصل الصكوك عند استحقاقها؟ ومن الذي سيراجع شروط الصفقة ويراقب تنفيذها؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التي ليس لها إجابة حتى الآن".