قال محللون إن المنطقة تستعد لإعادة هندسة بما يخدم مصالح الكيان الصهيوني وأن مصر ستكون جزءا من هذه الهندسة على المستويين الاقتصادي والسياسي. فعلى المستوى الاقتصادي كتب الباحث والخبير الاقتصادي د. إبراهيم نوار عن "فخ استخدام الأصول لسداد أعباء الديون" محذرا من تبعات تخصيص آلاف الكيلومترات من الأراضي المصرية على ساحل البحر الأحمر كضمانات للاقتراض بالصكوك الإسلامية، وآلاف غيرها في الساحل الشمالي الغربي للبيع أو التأجير للمستثمرين الأجانب بهدف الحصول على موارد مالية إضافية.
وأن الظروف الطارئة المترتبة على الحرب الايرانية –"الاسرائيلية" اصطدم بالمراجعة الخامسة لصندوق النقد الدولي وانطوت أيضا على تهديدات لمصر تتعلق بالدخل القومي خصوصا قناة السويس وإمدادات الطاقة بسبب تراجع كميات الغاز الذي تحصل عليه مصر من الكيان.
وأضاف "نوار" أنه "مع حاجة الحكومة لتمويل شراء كميات أكبر من الغاز من السوق الفورية فإن ذلك يضيف ضغوطا أكبر على موارد النقد الأجنبي المتاحة، والنتيجة الرئيسية لكل ذلك، على الرغم من الزيادة الكبيرة في تحويلات المصريين العاملين في الخارج، هي اتساع نطاق العجز في الحساب الجاري، الذي يعتبر أحد مصادر قلق الصندوق فيما يتعلق بالتوازن المالي الخارجي.
عجز مخل وديون متلتلة
ونقل د.ابراهيم نوار عن خبراء الصندوق أن عجز الحساب الجاري لمصر سيتسع إلى 5.8% من الناتج المحلي خلال العام المالي الحالي قبل أن ينخفض إلى 3.7% في العام المالي المقبل، ولذلك لم يكن هناك خيار أمام الحكومة أسهل من اللجوء إلى إتاحة الاراضي المصرية للمستثمرين الأجانب سواء بالبيع أو حق الانتفاع أو التأجير لمدد طويلة مقابل الحصول على سيولة بالعملات الأجنبية".
وأضاف أن بيع الأراضي أو رهنها كضمان للحصول على تمويل، تتضمن ميزانية السنة المالية الجديدة إصدار أذون وسندات مستحقة على وزارة المالية بقيمة 1.5 تريليون جنيه تقريبا بنسبة زيادة تبلغ 19.4% عن السنة المالية التي تنتهي بنهاية الشهر الحالي.
وتوقع "تنفيذ برنامج للاقتراض الخارجي بقيمة 8 مليارات دولار، وهناك تقديرات عامة تشير إلى أن قيمة سداد أعباء الديون الخارجية المستحقة على مصر في عامي 2025 و2026 تتراوح بين 44 مليارا و 55 مليار دولار ، منها 33.2 مليار دولار حتى نهاية العام الحالي فقط، وتستنزف خدمة الديون الخارجية نسبة كبيرة من حصيلة النقد الأجنبي. ومن المتوقع أن تبلغ هذه النسبة في السنة المالية الحالية حوالي 9% اي ما يعادل ثلاثة أمثال ما كانت عليه خلال الفترة من 2018 الى عام 2023، حيث بلغت 3% فقط من الحصيلة في المتوسط سنويا. وتتبنى الحكومة في الوقت الحاضر استراتيجية متوسطة الأجل لتخفيض الدين العام المحلي والأجنبي، تستهدف تخفيض نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي الى 60% في عام 2030 مقارنة بما يقرب من 90% عام 2023/2024، حسب البرنامج المقدم لصندوق النقد الدولي".
الجانب الأخطر
وعن سيادة القرار نقل موقع "عربي بوست" عن مصدر كيف أنه رغم توقف الحرب الايرانية مع الكيان بات الأمن القومي لمصر والمنطقة مهددا..
وعبر @arabic_post تناولت كيف أنه "قبيل إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف إطلاق النار بين تل أبيب وطهران، أجرى عبد الفتاح السيسي اتصالاً لافتاً مع نظيره الإيراني، في وقت لم يكن فيه أي تواصل معلن مع الجانب "الإسرائيلي".
وقال مصدر دبلوماسي مطلع للموقع إن القلق المصري الذي عبّر عنه السيسي ووزير خارجيته يرجع إلى إدراك القاهرة أن الثقل العسكري الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، والتحركات الأخيرة في البحرين المتوسط والأحمر، تشير إلى أن الهدف أبعد من الوصول إلى طهران.
وأوضح المصدر، الذي تحدث مفضلاً عدم ذكر اسمه، أن القاهرة تُدرك جيداً أن الهدف الأمريكي من الدخول في الحرب الإسرائيلية الإيرانية بشكل مباشر، كان يتجاوز ذلك لصالح "إعادة هندسة المنطقة بأكملها وفقاً لما يخدم مصالح إسرائيل التي تُستخدم كرأس حربة في هذا الصراع".
وأضاف المتحدث ذاته أن مصر ترى احتمال تكرار التحولات التي جرت في أعقاب احتلال العراق وإسقاط نظام صدام حسين، وانعكاسه على موازين القوى في المنطقة في حال انتهت الحرب لصالح المعسكر الغربي.
وأشار "المصدر" إلى أن "الانعكاسات الأمنية على القاهرة ستكون ماثلة، مع توقعات بمزيد من الفوضى وتزايد نشاط التنظيمات المسلحة".
وأضاف "طالبت القاهرة بمزيد من التوضيحات حول أبعاد التنسيق الحالي بين الولايات المتحدة وإسرائيل والدول الغربية، خاصة أن التداعيات كبيرة على مستويات اقتصادية وأمنية مختلفة، وبالتالي فإن القاهرة وقفت إلى حد ما على الحياد، لكن بما لا يجعلها في صف "إسرائيل."
انعكاس على المنطقة
ونقل الموقع عما قال إنه "مصدر آخر بالخارجية المصرية" من أن مصر بذلت جهوداً حثيثة وأجرت اتصالات مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية في هذه اللحظة شديدة الحساسية، "وهناك إدراك بأننا في مساحة فاصلة بين الحلول الدبلوماسية والحرب الشاملة".
وأكد المتحدث ذاته أن سيناريو التدخل الأمريكي الواسع بالطيران والبحرية كما كانت الاستعدادات توشي، كان يحمل مخاطر جسيمة ليس على الأمن القومي المصري فقط، ولكن على أمن دول الخليج أيضاً.
وأضاف أن "استهداف القواعد الأمريكية في المنطقة ليس إلا بداية، رغم تخفيف الضربات، غير أن الولايات المتحدة ستكون بذلك قد عرضت أمن الخليج للخطر، لأنها إذا ما كانت قد استمرت في الانخراط عسكرياً في الحرب، فلن تكون قادرة على إنهائها بالشكل الذي تريده.".
وقال "المصدر الدبلوماسي" إن ما يخفف من حدة هذا السيناريو أن الولايات المتحدة من الصعب أن تنغمس بشكل كامل في حرب تهدد مصالح دول الخليج، كما أن ايران يمكن أن تستدعي مساندة دولية، سواء من روسيا أو كوريا الشمالية أو الصين، وغيرها من المقدرات التي لم تُعلن عنها بعد.
واشارت إلى أن ذلك يهدد أمن الطاقة العالمي، ومن الممكن أن تلعب إيران على وتر عرقلة خطوط الإمداد العسكرية والتجارية، سواء كنا نتحدث عن منطقة الخليج العربي أو خليج عدن أو باب المندب أو ممرات البحر الأحمر التجارية أو العسكرية.
وأضاف مصدر الموقع الصادر من اسطنبول، أن "ما يقلق مصر هو أن سقوط طهران يعني توغل الولايات المتحدة وإسرائيل في مقدرات المنطقة، إلى جانب وجود مخاطر جمة في حالة كانت قد انضمت روسيا إلى الحرب.. لأنه في تلك الحالة لن يعرف أحد ما هي حدود المعركة وكيف يمكن أن تنتهي.. وأن تأثيرات الحرب الإسرائيلية الإيرانية سلبية للغاية على القضية الفلسطينية والأوضاع في قطاع غزة، وهو أمر يهم مصر بالدرجة الأولى.".
