حكومة الانقلاب لا توفر لها حماية قانونية ولا مظلة تأمينية.. «العمالة المنزلية» تعيش فى زمن العبيد

- ‎فيتقارير

 

 

 

العمالة المنزلية تواجه ظروفا مأساوية فى زمن الانقلاب ..هذه العمالة لا تستطيع الحصول على حقوقها ولا توجد مظلة قانونية توفر لها الحماية رغم ما تؤديه من مهام حيوية كالتنظيف والطهى ورعاية الأطفال وكبار السن .

غياب أى غطاء قانونى ينظم أوضاع العمالة المنزلية يجعلها عرضة لسلسلة من الانتهاكات تتنوع بين تأخير الأجور والعمل ساعات طويلة دون راحة، وحرمانهم من الإجازات، وأحيانًا الطرد دون إنذار أو تعويض.

كما أن غياب تنظيم قانونى واضح يترك العمالة المنزلية فى دائرة الاستغلال القانونى والاجتماعى، فلا توجد عقود رسمية تضمن حقوقهم، ولا آليات فعّالة لحمايتهم أو إنصافهم حال وقوع نزاع. وتبقى هذه الفئة، هى الطرف الأضعف فى علاقة عمل لا تعترف بها التشريعات.

 

بشتغل فى صمت

 

حول معاناة العمالة المنزلية قالت «أم نبيل» 50 عاما، إنها عملت فى أحد البيوت لأكثر من عامين دون عقد أو تأمين، وكانت تبدأ يومها من السابعة صباحا حتى العاشرة مساء، دون إجازات أو أى امتيازات.

وأضافت: كنت بشتغل فى صمت، وعمرى ما اشتكيت وفى يوم صحيت لقيت شنطتى مرمية برا الباب، قالولى خلاص مش محتاجينك، من غير حتى ما يدونى مرتب الشهر.

وحكت «منى»، 28 عاما، عن تجربتها فى عدد من المنازل، مشيرة إلى أن المعاملة لم تكن دائمًا إنسانية. وقالت: كنت باشتغل وأنا تعبانة، ولما قلت لـ«الست» إن ضهرى بيوجعنى، قالت لى: لو مش قادرة امشى، حسيت ساعتها إننا مش بنى آدمين، بس مش بإيدى، محتاجة الشغل.

 

مصاريف الأولاد

 

وقالت «فاطمة»، 35 عاما، أم لطفلين ومطلقة، أنها تضطر لقبول أى ظروف عمل لتأمين مصاريف أولادها، وتابعت: فى ناس بيشغلونا من غير رحمة، حتى لو مريضة لازم أشتغل، ولو اتأخرت دقيقة، يخصموا من المرتب أنا باستحمل علشان أعيش، بس اللى بيحصل بيكسر كرامتنا.

وكشفت «أم حسن»، 42 عاما، من إحدى قرى الصعيد، عن معاناتها الأسبوعية فى التنقل للقاهرة للعمل فى البيوت.

وقالت: بننام فى أوض ما فيهاش لا شباك ولا تهوية، ونشتغل طول اليوم، ولو حد زعل منا نترمى فى الشارع ونرجع بلدنا من غير ولا جنيه. لا تأمين ولا ورقة تثبت شغلنا.

 

صاحب البيت

 

وأوضحت «سعاد»، 24 عامًا، أنها بدأت العمل المنزلى بعد فشلها فى العثور على وظيفة رغم تخرجها من معهد متوسط.

وحكت عن أول تجربة عمل لها قائلة: صاحب البيت اتحرش بيا، ولما حكيت لمراته قالت لى: أكيد فاهمة غلط مشيت من غير ما آخد حقى، ومفيش جهة ألجأ لها.

 

حماية قانونية

 

حول حقوق العمالة المنزلية قالت نهى الجندى المحامية إن العمالة المنزلية، مثل السائقين، حراس العقارات، أفراد الأمن، عمال الزراعة، وجليسات الأطفال وكبار السن، من أكثر الفئات تهميشًا فى سوق العمل مشيرة إلى أن هذه الفئة تعمل بنظام العمل الحر دون أى حماية قانونية أو تأمينات اجتماعية.

وأوضحت «نهى الجندى» فى تصريحات صحفية أن أغلب هؤلاء العاملين لا يحصلون على عقود عمل رسمية، ما يجعلهم عرضة للطرد دون مستحقات أو حماية قانونية.

وأضافت : فى حالة التعاقد مع هؤلاء العاملين من خلال شركات متخصصة، مثل شركات الأمن أو توفير العمالة، يحصل العاملون على عقود رسمية تحدد حقوقهم وواجباتهم وتوفر لهم حماية قانونية. أما فى الحالات التى يتم فيها الاتفاق مباشرة بين العامل ورب المنزل، فإن العامل غالبًا ما يفقد هذه الحماية، ومعظم العمالة المنزلية تعمل دون عقود، مما يؤدى إلى فقدانهم أى حقوق مالية أو قانونية فى حال حدوث خلافات أو إنهاء الخدمة.

وأكدت «نهى الجندى» أن غياب العقود يترك هذه الفئة فى وضع ضعيف للغاية، حيث يُنظر إلى أعمالهم كأعمال خفيفة لا تستدعى التوثيق القانونى، وهو أمر يحتاج إلى تغيير جذرى. مشددة على أن هناك حاجة ملحة لسن قوانين خاصة لحماية هذه الفئة من الانتهاكات التى قد يتعرضون لها أثناء أداء أعمالهم.

وحذرت من التحديات التى قد تواجه تطبيق القانون، مشيرة إلى أن بعض أرباب العمل قد يترددون فى إبرام عقود مع العمالة المنزلية أو الالتزام بدفع التأمينات الاجتماعية لهم. مطالبة بوضع آليات صارمة لإجبار أرباب العمل على الالتزام بالقانون، مثل تسجيل العمالة المنزلية فى التأمينات الاجتماعية وإلزامهم بالمساهمة فى تأمينهم، وهو ما يعزز من حقوق هذه الفئة ويضمن بيئة عمل آمنة ومستدامة .

وشددت «نهى الجندى» على أن العمالة المنزلية جزء أساسى من حياتنا اليومية، ولهم حقوق يجب احترامها، مشيرة إلى ضرورة اصدار قانون قادر على حماية هذه الفئة، لكن نجاحه يعتمد على جدية تطبيقه وتوعية المجتمع بأهميته .

 

تهميش

 

وأكدت استشارى العلاقات الأسرية الدكتورة نادية جمال، أن الظروف النفسية والاجتماعية التى تعيشها العمالة المنزلية تؤثر بشكل كبير على صحتهم النفسية وطريقة أدائهم اليومى.

وأوضحت نادية جمال فى تصريحات صحفية أن هذه الفئة تتعرض أحيانًا لضغوط نفسية واجتماعية ناتجة عن شعورهم بالتهميش أو قلة التقدير الاجتماعى مشيرة إلى أن بعض العمالة المنزلية تعانى من معاملة غير لائقة أو عنف لفظى، ما يؤدى إلى إحساسهم بعدم الأمان الوظيفى والتوتر المستمر، وهو ما ينعكس سلبًا على أدائهم وسلوكهم .

وقالت : غالبًا ما يلجأ العاملون إلى التصرف بشكل دفاعى أو محاولات لإظهار صورة مغايرة عن واقعهم لتحسين نظرة الآخرين إليهم. وهذا يخلق حالة من العصبية والضغط النفسى داخل بيئة العمل مشددة على أهمية أن يشعر العامل المنزلى بأنه جزء من الأسرة التى يعمل لديها

وأضافت نادية جمال: لابد أن نشعرهم بأنهم أفراد فاعلون ومهمون فى المجتمع والأسرة وأن التقدير والاحترام هما أساس بناء علاقة جيدة، خاصة أن هذه الفئة تقدم خدمات ضرورية ومهمة، وبالتالى يجب معاملتهم بطريقة تعزز من كرامتهم .

وطالبت بقانون يحمى العمالة المنزلية ويمنحهم ثقة أكبر فى أنفسهم وفى العمل الذى يقومون به، قائلة: القانون يجعلهم يشعرون بأنهم أشخاص ذوو قيمة وأن عملهم لا غنى عنه، ما يدفعهم لتقديم أداء أفضل فى بيئة تحترمهم وتقدر جهودهم .