تمكن يهود داعمون لفلسطين من عقد أول مؤتمر يهودي مناهض للصهيونية على المستوى العالمي، في فيينا حيث البلد التي ولد فيه تيودور هرتزل، ونضج فيه مشروعه الصهيوني.
وعلى مدى 22 شهرا شهدت النمسا مظاهرات لمناهضي الإبادة الجماعية دائرة الرحى بفعل العدو الصهيوني وطحينها شعب غزة وتمكن المحتجون قبل شهرين من تغيير اسم الساحة التي تحمل اسم مؤسس الصهيونية تيودور هرتزل إلى "ساحة غزة".
ويقود المؤتمر اليهودي الأول والاحتجاجات الناشطة اليهودية الأصل داليا ساريغ-فيلنر، وتخلّله رفض وانتقاد لمبادىء الصهيونية، التي حمّلها المشاركون مسئولية التهجير والإبادة الجماعية والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في فلسطين.
ووضع المشاركون لافتات على اللوحة الأصلية للمؤتمر كُتب عليها: "ضد الصهيونية"، و"من أجل ضحايا الإبادة في غزة وضحايا إيديولوجيا الصهيونية منذ عام ١٩٤٨".
وعن المؤتمر قال رئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية د. مصطفى البرغوثي عبر @MustafaBarghou1: "لأول مرة مؤتمر يهودي مناهض للصهيونية على الصعيد الدولي".
وأشار إلى أنه لأول مرة:
– يعقد اليهود مؤتمراً لهم بحضور 500 مشارك جاءوا من كل أصقاع العالم ،لأول مرة يكسر اليهود احتكار الصهيونية للتمثيل اليهودي ويسقط بالتالي ادّعاء وإجماع أن إسرائيل الممثلة الشرعية والوحيدة لليهود في العالم.
– لأول مرة تتعزز الشرعية الأخلاقية والسياسية للنضال الفلسطيني في المحافل الدولية بعد أن أصبح لهم داعمون من داخل الجماعة التي تدعي الصهيونية التحدث باسمها.
– لأول مرة يتوفر لحركة المقاطعة العالمية غطاء يهودي دولي وغطاء أخلاقي وديني بحضور أكاديميين يهود معروفين في أمريكا وأوربا في حركات المقاطعة التي تتعرض لهجوم اللوبي الصهيوني.
– لأول مرة يدعو اليهود في مؤتمر دولي رسميا إلى تجميد عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وإلى إحياء المقاطعة الأكاديمية والثقافية ضد المؤسسات الإسرائيلية.
– لأول مرة في مؤتمر دولي يصرح يهودي نجا من الهولوكوست/المحرقة أن إسرائيل ترتكب فظائع باسمنا ، ويعتبر المؤتمر إسرائيل نظام فصل عنصري استعماري إحلالي يشبه نظام الأبرتايد في جنوب إفريقيا، ويدعو المشاركون لتشكيل ائتلاف يهودي فلسطيني أممي لإسقاط هذا النظام للفصل العنصري وبناء دولة ديمقراطية واحدة لجميع سكانها.
– لأول مرة يطالب المؤتمر بمحاسبة إسرائيل وقادتها أمام المحكمة الجنائية الدولية والدعوة لتوسيع مفهوم الجرائم ضد الإنسانية لتشمل الاستيطان والحصار.
توصيات المؤتمر
– لأول مرة في مؤتمر يهودي دولي يتبنى المشاركون تحرير فلسطين من النهر إلى البحر ورفض حل الدولتين باعتباره غطاء لتكريس الاستعمار.
يدعم المؤتمر بشكل صريح المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها واعتبارها مقاومة مشروعة ضد استعمار عنصري، وملاحقة الحكومات الغربية المتواطئة في الإبادة الجماعية ، وتحقيق العدالة التاريخية بحق العودة للاجئين الفلسطينيين.
وأضاف البرغوثي أن المؤتمر هاجم الولايات المتحدة لدعمها اللامحدود لإسرائيل وهاجم ألمانيا لاستخدامها المحرقة لتبرير دعمها السياسي والعسكري وهاجم فرنسا والنمسا لقمعهما الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين بدعوى مكافحة معاداة السامية وجاء في البيان الختامي" العار كل العار على حكومات الغرب التي تبرر الإبادة وتقمع التضامن مع الضحايا الفلسطينيين".
ومن التوصيات التي صدرت عن مؤتمر إعلان ڤيينا " نرفض ادعاء الصهيونية أنها تمثل اليهودية وندين استخدام اليهودية كأداة للاستعمار والفصل العنصري والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني" (الوثيقة السياسية المركزية للمؤتمر)
وقال "المؤتمر" إن معاداة الصهيونية ليست معاداة السامية بل إن الصهيونية نفسها تهدد الوجود الأخلاقي لليهودية.
ونقل عن "ستيفن كابوس" أحد الناجين من الهولوكوست قوله: "من عاش جحيم النازية لا يمكن أن يصمت عما تفعله إسرائيل اليوم في غزة" و تقول داليا ساريغ (المنظمة الرئيسية ) في هذا المؤتمر " نحن يهود ضد الصهيونية ونرفض أن تُرتكب جرائم باسمنا، ونقف مع الفلسطينيين كجزء من التزامنا بالعدالة".
كما نقل تأكيد "إيلان بابيه" مؤرخ "إسرائيلي" مشارك في "المؤتمر" أن "ما تقوم به إسرائيل ليس مجرد احتلال بل استعمار إحلالي وأبارتايد وجرائم تطهير عرقي لا جدال فيها".
ونقل عن أحد المشاركين في المؤتمر الذي عُقد في فيينا قوله: "هنا وُلد هرتزل وفي القاعة المقابلة ماتت فكرته ، وليس عبثا أن باحات وبهو المؤتمر وضع المنظمون أغصان الزيتون ولا وجود لا لعلم فلسطين ولا لعلم إسرائيل و لا لدولة أخرى، فعلق أحد الضيوف من أوروبا الشرقية هل نحن في مؤتمر سياسي أم في معرض زيتون فلسطيني؟ فرد أحد الصحافيين " هنا الزيتون أصدق من كل أعلام الأمم المتحدة".
وفي خضم المناقشات تدخل أحد الحاخامات الحريديين متضامنا مع الفلسطينيين بلغة عربية أنيقة قائلا " أنتم يا أهل غزة أشجع من بني إسرائيل أيام فرعون".
وخلال استراحة قامت يهودية نمساوية عجوز 91 سنة، نجت من محرقة النازية، غنت مع بعض الحاضرين أغنية "موطني " بعربية مكسرة ثم قالت: "كنت أغنيها أيام النكسة ولم أكن أعلم أنني سأغنيها ضد تل أبيب يوما".
ثمرة طوفان الأقصى
الباحث الفلسطيني وليد إبراهيم Waleed Ibrahim أشار إلى أن الحدث هو إحدى ثمرات 7 من أكتوبر. مضيفا أن هذا الحدث الذي استغلته وبشكل بشع دولة الاحتلال لارتكاب مجزرة وجريمة إبادة جماعية في غزة ضد أهلها، كشف حقيقة هذه الدويلة وقادتها المتعطشون للدماء والقتل ضاربين عرض الحائط اي معايير لها علاقة بحقوق الإنسان وابسطها حق العيش بكرامة.
واستدرك أن "الغريب أن يمر هذا الحدث من دون تسليط الضوء عليه بما يستحق. فلأول مرة نشهد هكذا مؤتمر تتم من خلاله التبرؤ من الحركة الصهيوينة ودولة الاحتلال من قبل اشخاص يفترض ان هذه الحركة والدويلة وُجدت لمصلحتهم وتتحدث باسمهم".
وأكد أن "اختيار العاصمة النمساوية فيينا لتكون المكان لهذا المؤتمر لم يكن امرا اعتباطيا. فهذه المدينة تحمل من الرمزية الشيء الكثير للحركة الصهيونية. هذه المدينة كانت المقر لمؤسس الحركة الصهيوينة تيودور هرتزل ومنها انطلقت أفكاره بشأن التأسيس للحركة الصهيونية التي مهدت فيما بعد لإنشاء دولة الاحتلال في فلسطين".
وأضاف أن اليهود المشاركين في المؤتمر، دعوا إلى ضرورة "فصل الهوية اليهودية عن الأيديولوجيا الصهيونية"، وأهمية كسر "الاحتكار الصهيوني للهوية اليهودية"، والتأكيد أن انتقاد "اسرائيل" وما ترتكبه من جرائم في غزة هو موقف اخلاقي ولا يعتبر باي شكل من الأشكال معاداة السامية.
وعن أهمية المؤتمر قال إن اليهود المشاركين في المؤتمر دعوا إلى ضرورة إقامة دولة واحدة في فلسطين تقوم على أساس الديمقراطية والمساواة بين المواطنين لكل سكان فلسطين التاريخية وهذا لن يكون سوى بتحرير فلسطين بالكامل من النهر إلى البحر ورفض مبدأ حل الدولتين "باعتباره غطاءً لتعزيز الاستعمار". لافتا إلى أن أسماء يهودية مهمة من بينهم مؤرخون وناشطون وشخصيات بارزة، حرصوا على إرسال العديد من الرسائل من أهمها، ان "اسرائيل" لا تمثلنا جميعا وهي ليست بالضرورة ممثلا لليهود". لافتا إلى أن المشاركين طالبوا بـ"تجميد عضوية "إسرائيل" في الامم المتحدة ومحاسبة قادتها على ما ارتكبوه من جرائم في غزة امام المحاكم الدولية".
وقالت الناشطة النمساوية داليا ساريغ فيلنر: قررنا تنظيم المؤتمر اليهودي الأول ضد الصهيونية في يونيو المقبل تأكيدا على أن "اليهودية ليست صهيونية".
مؤتمر هرتسليا
وفي 14 ابريل 2013 عقد اليهود الصهاينة مؤتمر هرتسيليا الذي تأسس في سنة 2000 وينعقد سنويا، للنظر في وضع الكيان اقتصاديا وسياسيا ووجوديا والتفكير في الحفاظ عليه.
ويحضر في هذا المؤتمر النخب الإسرائيلية في الحكومة والجيش والمخابرات والجامعات ورجال الأعمال وضيوف من المختصين الأجانب من الولايات المتحدة وأوروبا .
وفي 2012 أوصى بين توصياته، بتأجيج الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة، كي تنشغل الطائفتان في صراعيهما ويسلم الكيان، كما أوصوا بتفكيك الربيع العربي لاسيما في مصر.