أثار مراقبون سخرية واسعة من تصريحات رئيس حكومة السيسي، مصطفى مدبولي، التي حذّر فيها من "حروب الجيل الرابع والخامس" التي -بحسب قوله- "تعمل على كسر الوحدة الداخلية للدول، وتشكيك المواطنين في أوضاعهم، ونشر الإحباط واليأس"!
لكن المفارقة، كما يقول المراقبون، أن مدبولي نفسه كان مصدرًا لتلك الأجواء السوداوية، حين صرّح في 9 أكتوبر الماضي بأن مصر قد تواجه قريبًا "اقتصاد حرب"، إذا اندلعت حرب إقليمية لا قدر الله.
أما قنوات "المتحدة" الموالية للنظام، فكشفت عن مصدر جديد لإشاعة اليأس بين المصريين، وهو العقيد والخبير الأمني محمود محيي الدين الذي قال ببرود:
"حابب أفكر الناس بحاجة… لما حصلت نكسة 67، الناس تنازلوا عن التموين عشان الجيش".
بين "تموين 67" و"اقتصاد الحرب"
وربط مراقبون بين خطاب "تموين 67" الذي روج له محيي الدين، و"اقتصاد الحرب" الذي تبناه مدبولي، معتبرين أن كلاهما يعكس ملامح مرحلة من الفشل الاقتصادي والسياسي، يذكّر بما عاشته مصر عقب هزيمة 1967 العسكرية. بل إن السيسي نفسه شبّه الوضع الحالي خلال احتفاله بنصر أكتوبر بما كانت عليه مصر وقت النكسة، لكن هذه المرة يبدو أن الهزيمة اقتصادية واجتماعية.
وفي تناقض معتاد، يواصل مدبولي الحديث عن "جذب الاستثمارات الأجنبية" بينما يتنقل هو ووزراؤه بين منتجعات العلمين، في وقت يرى فيه المراقبون أن أولوياته الحقيقية تنحصر في البحث عن مبررات لإخفاقات حكومته وحماية موقعه.
الصحفية سيلين ساري: "الناس جاعت غصب عنها"
الكاتبة الصحفية سيلين ساري ردت بقوة على تصريحات محيي الدين، وقالت عبر منصة "إكس":
"لا يا سيادة العميد… الناس في 67 ما تبرعتش بالتموين، الناس جاعت غصب عنها بسبب نكستكم المجيدة. الدولة فشلت وقتها في تأمين أبسط حقوقهم، والإعلام حاول يجمّل الفشل ويصوره بطولة… زي دلوقتي."
وأضافت:
"مش كل مرة النظام يفشل تطلعوا تقولوا: (الشعب اتنازل وتحمّل)! الشعب انسحق زمان وبينسحق دلوقتي، وانتو لسه بتبيعوا نفس الوهم الوطني… بس على جثث جديدة."
وأكدت ساري أن "الجيش لم يعد حاميًا للشعب بل أصبح تاجرًا، شريكًا في التجويع، وأداة لتأبيد سلطة فاشلة".
أصوات أخرى: "كفاية كذب باسم الوطنية"
وجاءت تعليقات ساخطة من رواد منصات التواصل:
-
كتب جمال زكريا:
"في 67 الناس لم تتنازل… لم يجدوا تموين. نفسي أعرف بيزنس الجيش بيروح فين؟"
-
بينما قال حساب "ستيفان روستي" ساخرًا:
"إزاي يبقى التحول إيجابي والجيش مش حيتنازل عن الفنادق والكافيهات وصالات الأفراح؟ الشعب بس اللي مطلوب منه يتنازل؟!"
كما أشار ناشط آخر إلى امتيازات ضباط الجيش المتقاعدين، قائلاً:
"هذا العميد يمكنه شراء شقة صغيرة كل شهر من دخله، بينما ينظر للشعب في الشاي والسكر!"
باحث عسكري: الجيش مكانه الثكنات
المختص بالشأن العسكري، محمود جمال، شدد على أن سبب هزيمة 1967 كان "ابتعاد الجيش عن مهامه وانشغاله بالسياسة والاقتصاد"، محذرًا من تكرار نفس السيناريو الكارثي إذا استمر الوضع الحالي، حيث يهيمن الجيش على كل مفاصل الدولة الاقتصادية والسياسية.
ذكريات النكسة
يُذكر أن يونيو الماضي شهد مرور 58 عامًا على هزيمة 1967، التي أسماها عبدالناصر "النكسة"، فيما ضاعفت إسرائيل مساحة سيطرتها ثلاث مرات خلال "حرب الأيام الستة". وخلفت الهزيمة أكثر من 10 آلاف قتيل وجريح، إضافة إلى أسر الآلاف من الجنود المصريين الذين تعرضوا لتعذيب وإهانة على أيدي قوات الاحتلال.