قتلٌ وهتكُ عرضٍ وسرقةٌ وإدمان ..براءة الأطفال لم يعد لها وجود في زمن الانقلاب

- ‎فيتقارير

 

 

حتى براءة الأطفال لم يعد لها وجود في زمن الانقلاب الدموي، الأطفال أصبحوا يرتكبون جرائم قد يعجز عنها الكبار من قتل وهتك عرض وسرقة وتنمر وعنف وإدمان مخدرات .

هذه الجرائم لم تكن موجودة في مصر قبل سنوات الانقلاب، وهو ما يثير التساؤلات حول ما ارتكبته عصابة العسكر في حق المصريين من جرائم، حيث الفساد والسرقة والنهب في كل المؤسسات وانتهاك الأعراض في الشوارع وانهيار المنظومة التعليمية والتربوية حتى المساجد لم يعد له دور في التوجيه والإرشاد، لأنها تدار بالريموت كونترول من ميلشيات أمن الانقلاب، وكذلك الأب والأم لا يقومان بجهد يذكر في التربية لأن حكومة الانقلاب نجحت في تجويع المصريين، وجعلت أكبر طموح لأي أسرة هو توفير لقمة العيش والحصول على الاحتياجات الأساسية  .

 

كان 3 أطفال قد قتلوا زميلهم في إحدى مدارس كفر الشيخ، الذي لم يتعد عمره الـ12 عاما، بعد استدارجه إلى منزل أحدهم، ووثقت الكاميرات لحظة دخوله وهو ممسوك من يديه، والذعر والخوف يظهران على وجهه، ثم اعتدوا عليه بوحشية، وقتلوه بالرصاص، وقاموا بسحله مسافة 150 مترا على الأرض، وألقوه في الشارع واستمر في النزيف عدة ساعات ثم فارق الحياة.

أيضا استدرج 3 طلاب في المرحلة الإعدادية طفلة في مدينة قها بالقليوبية أثناء لعبها في الشارع، إلى مقابر القرية، ثم اعتدوا عليها وهتكوا عرضها، وقام أحدهم بتصويرها بهاتفه المحمول.

 

ناقوس خطر

 

حول هذه الظاهرة قال الدكتور حسن الخولي، أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس: إن "الجرائم التي يرتكبها الأطفال أصبحت ظاهرة خطيرة جدا خاصة في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة تدل على تغير كبير في المجتمع، لأن الأطفال يحتاجون إلى رقابة ، خاصة وأن سلوكهم يميل إلى الانحراف في بعض الأحيان".

وأكد الخولي في تصريحات صحفية أن الوقائع الأخيرة الخاصة بارتكاب أطفال جرائم قتل وهتك عرض وغيرها، تدق ناقوس الخطر، ويجب أن تلفت انتباه الجميع بسبب خطورتها على المجتمع .

وأوضح أن الأطفال قد ينحرفون تحت تأثير عوامل كثيرة، من ضمنها «السوشيال ميديا» وما يشاهدونه عليها، فضلا عن الألعاب الإلكترونية غير البريئة، والتي تحرض الأطفال على هذا السلوك العنيف .

ولفت الخولي إلى أن العملية التربوية تدخل فيها أطراف كثيرة، أبرزها الأسرة والمدرسة، التي يقع على عاتقهما الجزء الأكبر منها، إلا أن «السوشيال ميديا» بدأت تنازع الأسرة في هذه العملية، وبالتالي يتأثر الأطفال بها سلبا.

وأضاف : الأطفال يتجمعون عادة في «شلل» وإذا كان هناك طفل واحد فقط منحرف، فقد يجر الباقي معه في هذا التيار، لافتا إلى أن المسألة تحتاج إلى تدخل أطراف كثيرة من أجل التوعية والتنبيه على خطورة هذه الظاهرة سواء الأسر أو المعلمين في المدارس أو المجتمع بشكل عام .

وحمّل الخولي دولة العسكر المسئولية عن تفاقم هذه الظاهرة، مطالبا بتعديل قانون الطفل ورعاية الأحداث، وإقامة حوار مجتمعي واستعراض وجهات نظر اجتماعية، نفسية، تربوية، قانونية، سياسية، تشريعية، وإعلامية من أجل المواجهة .

 

انحرافات سلوكية

 

وقال الخبير التربوي الدكتور نور أسامة: إن "جرائم الأطفال ناتجة عن انحرافات سلوكية، تحتاج إلى مكافحة ومجابهة موضحا أن أسباب هذه الجرائم متعددة قد تكون أسبابا نفسية أو سلوكية أو اجتماعية أو ترجع الى العنف الممارس على الطفل من جانب الأهل أو مقدمي الرعاية".

وأوضح أسامة في تصريحات صحفية أن سلوك الأطفال يتشكل من خلال عدة وسائل أبرزها الأب والأم ومقدمو الرعاية سواء المدرسون أو الأخصائيون النفسيون وغيرهم وإذا لم يقم هؤلاء بأدوارهم فإن «السوشيال ميديا» ستلعب دورها في تقديم محتويات مغلوطة، أو ألعاب إلكترونية وكذلك شلة الأصدقاء .

ولفت إلى أن جرائم الأطفال قد ترجع إلى أكثر من عنصر غائب في تشكيل السلوك منها العنف البدني الذى تعرض له الطفل بجانب الإيذاء النفسي خاصة الوصم بصفات سيئة، أو العنف المعنوي مثل حرمانه من العاطفة لأسباب كثيرة، مشيرا إلى أن هذه الشحنة من العنف التي حصل عليها الطفل يمارسها فيما بعد مع الآخرين.  

 

شخص مجرم

 

وكشف أسامة أنه إذا لم يكن الطفل قد تعرض للعنف فقد تكون شخصيته نفسها بها مشكلة، فقد يكون خجولا لا يمتلك ثقة بالنفس، والعكس قد يكون شخصية قوية أو جريئة موضحا أن الخجول الذي يشعر بابتزاز مع كثرة الضغط النفسي واستمراريته يتحول إلى طفل عدواني أو شخص مجرم.

وأضاف : أما أصحاب الشخصية القوية أو الجريئة فإنهم عاشقون للمجازفة والتهور خاصة في حالة عدم وجود الأب والأم أو عدم قيامهما بدورهما في تشكيل سلوك الطفل موضحا أنه في حالة عدم قيام الأسرة أو مقدمي الرعاية بدورهم، ولعبت «السوشيال ميديا» هذا الدور، فإن الطفل يصل إلى مرحلة يقتنع فيها أن العنف هو الشيء السائد في المجتمع، أو أنه لديه صدمة بسبب تعرضه لعنف أو حادث ما أثر عليه نفسيا، وهذه الصدمة تؤدى إلى اضطرابات نفسية ، وكل هذه الاحتمالات قد تؤدي إلى ارتكاب الطفل للجرائم.

وأشار أسامة إلى أن مواجهة هذه الظاهرة تكون من خلال التوعية والتدخل الحكومي القانوني من خلال تطبيق قانون الأحداث عليهم وضبطهم ، مشددا على أهمية التوعية كنوع من الحماية وكمرحلة استباقية.  

وقال إن "التوعية تكون من خلال شرح كل أنواع العنف التي من الممكن أن تصيب الطفل للأسرة ومقدمي الرعاية مثل المدرسين والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين، وتوضيح كيف يتعاملون مع الأطفال في كل مرحلة عمرية".