من جديد عاد الطيران الحربي الصهيوني في استباحة سماء سوريا، حمما وقنابل في دمشق ودرعا واللاذقية وحماة وغيرها، مستغلا حالة الضعف العسكري السوري بعد انشغال السوريين بهمهم الداخلي الناجم عن تمرد الدروز وتقية بعضهم وتبجح آخرين، في حين يحذر المراقبون من أن الكف السابق سابق وأن انكسار الحكومة في لطمه للمعتدين سيفقد السوريين الثقة في حكومتهم وقائدهم أحمد الشرع.
وبحسب المراقبين تضم قائمة الفرحين بالعربدة الصهيونية في سماء دمشق ودرعا وحماة وحلب هم أنفسهم الذين فرحوا من قبل في مايو الماضي يضمهم المال الخليجي ومنهم فلول السويداء (دروز) والساحل وشمال شرق سوريا (قسد) وملالي طهران والحشد الشعبي وحزب الله واليساريون العرب والدولجية أتباع الأنظمة.
الباحث علي عبدالرازق قال: إن "إسرائيل تدرك جيدًا أن شن حرب على سوريا الآن سيكون أقل تكلفة مقارنة بما قد يكون عليه الوضع بعد عام أو اثنين، حيث تسعى سوريا لبناء بنية تحتية عسكرية متطورة، تشمل شبكات أنفاق تحت الأرض تُدار منها العمليات الإستراتيجية".
وأوضح أن "إسرائيل"، من جانبها، تُسارع للتصدي لسوريا الآن، لأنها تخشى أن يصبح الغد أكثر خطورة وأن " المقاتلون في سوريا، بدورهم، يتحلون بروح قتالية عالية، مستعدين للتضحية في سبيل الله ولامجال للتنازل لديهم حول قضيتهم. و"إسرائيل" تدرك هذا الواقع، فهي تواجه الآن آلاف المقاتلين الذين يتمتعون بدعم شعبي واسع، إلى جانب نظام وجيش منظمين".
وأعتبر أن الحافز للجهاد "يُشكل خطرًا وجوديًا على إسرائيل، خاصة إذا ما نظرنا إليه من منظورها الاستراتيجي، حيث أشار إلى تقارير إسرائيلية حديثة أشارت إلى أن الجيش الإسرائيلي يرى في القدرات العسكرية السورية تهديدًا متزايدًا، خاصة مع دعم تركيا المحتمل.
وأضاف أن "إسرائيل" تعتمد بشكل كبير على ضعف الوحدة العربية وصمتها، مما يمنحها الجرأة للمضي في عملياتها العسكرية، فعلى سبيل المثال، في غزة، تسببت إسرائيل في مقتل عشرات الآلاف دون أن يثير ذلك رد فعل عربي أو دولي قوي، مما يشجعها على الاستمرار بنفس النهج في سوريا، مدعومة بترسانة أمريكية ترى في إسرائيل قاعدة متقدمة لتأمين مصالحها في الشرق الأوسط".
وأكد أن استهداف "إسرائيل" لمواقع حساسة في سوريا، "مثل القصر الرئاسي ووزارة الدفاع، وهذا ينفي اتهامات العمالة الموجهة لأحمد الشرع، ويثبت استمرار إسرائيل في استفزاز سوريا للرد العسكري، مما يبرر تصعيدًا إسرائيليًا أوسع".
ولفت إلى أن "الشرع لم يكن صامتًا؛ تحركاته في السويداء، على سبيل المثال، كانت ردًا استراتيجيًا لتعزيز مواقعه وإحباط مخططات إسرائيل".
السويداء، بموقعها الإستراتيجي، يمكن أن تتحول إلى نقطة انطلاق لعمليات مقاومة مشابهة لما نشهده في غزة، خاصة إذا تم دعمها بشبكة أنفاق وتسليح متقدم.".
وزعم "عبدالرازق" أن "أحمد الشرع، الذي يقود سوريا الآن، يُعتبر شخصية مثيرة للجدل، لكنه يملك سجلاً حافلاً بالانتصارات في صراعات سابقة.
تحركاته الحالية تشير إلى أنه يُعد العدة لمواجهة إسرائيل، ليس فقط عبر ردود فعل مباشرة، بل من خلال بناء قدرات طويلة الأمد. . دعم تركيا المحتمل، بما في ذلك إمدادات عسكرية ولوجستية، يعزز من قدراته، مما يجعل سوريا لاعبًا لا يُستهان به.".
وخلص إلى أن "، الصراع بين إسرائيل وسوريا ليس مجرد مواجهة عسكرية، بل صراع وجودي وعقائدي، صراع بين أمتين، أمة الإسلام وأمة اليهود، صراع يضع إسرائيل أمام تحدٍ غير مسبوق، ويضع أهل الشام أمام اختبارات لابد منها، ستكتب نتائجها شكل المنطقة والعالم في المستقبل القريب".
واستدرك أن "الذين يطلبون من الشرع مواجهة "إسرائيل" الآن، لن يمولوه ولن يساندوه ولن يسلحوه، ولن يكونوا في صفوف جيشه عندما تشتعل الحرب بين سوريا وإسرائيل، وشعوب المنطقة لن تفعل أكثر من مشاهدة دمار المدن السورية، وصور الأشلاء وبحور الدماء والجثث المتفحمة والتعليق عليها في منشورات.. وستخرج العديد من المظاهرات التي ثَبُتَ أنها لا تردع ولا توقف إسرائيل، في ظل عدم وجود قوة حقيقية قادرة على التصدي لجرائم اليهود في حق المسلمين على الأرض، ولولا أن اليهود يعلمون أن هذه القوة المحتملة تتجهز الآن في سوريا، لما تحولوا نحو سوريا وتفرغوا لها، وكما قلنا في البداية، أمام اليهود وأمام السوريين خيارين لاثالث لهما ".
إعادة الحسابات
المستشار الإعلامي للرئيس د. محمد مرسي الصحفي أحمد عبد العزيز دعا السوريين إعادة النظر في حساباتهم، وضبط بوصلتهم من جديد ..الشعب قبل القيادة".
وعن الفئة التي تدعو للتفرغ لسوريا أولا "جماعة بتوع "حلوا عنا".. "سيبونا في حالنا".. "تعبنا".. "عايزين نبني بلدنا".. عليهم أن يراجعوا أنفسهم! موضحا أن "الكيان الصهيوني لن يعطيكم أية فرصة؛ لتحققوا حلمكم ببناء #سوريا_الجديدة.. فإذا وضعتم حجرا في الصباح سيقصفه الصهيوني في عز الضهر، من اليوم نفسه..".
وعن فئة أخرى مشابهة أسماها بمحلل للوضع في سوريا مستشهدا بأحدهم اشتهر بمصطلح "الرقصة الترامبية" قال: "إننا تعلمنا من أخطاء مرسي، ويعني أن الرئيس الشهيد محمد مرسي لم يكن حصيفا، وبتعبير أدق "كان غبيا" يوم فتح صدره وقال: "لبيك يا سوريا"، وقال: "لن نترك غزة وحدها".. فدفع حياته ثمنا لـ عنتريته".. وعادت مصر إلى ما قبل الاحتلال الإنجليزي..".
ودعا هذا الرجل وأمثاله إلى أن "يختفوا من المشهد الإعلامي، وأن يختفوا من حول الرئيس..فهذا وأمثاله يزيِّفون الوعي، ويبيعون الوهم للشعب السوري، ولا يخلصون النصح للرئيس أحمد الشرع ".
وأشار إلى أن "كل مَن يتصور مِن السوريين أن وقت الراحة والرفاهية وقطف الثمار قد حان فهو واااااهم! .. على كل سوري أن يُعد نفسه إعدادا "جهاديا"، وعلى الحكومة السورية أن تعيد تأهيل الجميع بلا استثناء للحرب بدنيا وثقافيا وعلميا وميدانيا.. على الحكومة السورية أن تضع خططها وفق اقتصاد الحرب، حتى يزول السرطان المُسمى "إسرائيل"..كل شيء يجب أن يُوجّه لبناء سوريا قوية قادرة على الردع.. التعليم، الإعلام، الثقافة، الإنتاج، الزراعة، الصناعة.. ".
ودعا السوريين إلى "امتلاك الردع قبل إعادة الإعمار.. ليعتبر السوريون أنهم لا يزالون في المخيمات 10 سنوات أخرى!.. " وطالب تركيا أن تقوم بما يلزم اليوم وليس غدا؛ فحماية سوريا جزء لا يتجزأ من الأمن القومي التركي، وأعتقد أن القيادة التركية تدرك ذلك تماما..
معركة مستقبل سوريا
وعن "معركة السويداء تحدد مستقبل سوريا" كتب الكاتب الصحفي عامر عبدالمنعم عبر Aamer Abdelmoneim عن أنه "إذا انسحبت القوات الأمنية السورية وسلمت السويداء للدروز وعاد الوضع كالسابق فستكون هزيمة كبرى للحكومة السورية، يليها المزيد من الانكسارات في مناطق أخرى وقد تنتهي بفقدان أحمد الشرع للشعبية التي يتمتع بها وسقوط الحكومة.".
وأضاف " وإن بقيت القوات الأمنية وسيطرت على الوضع في المحافظة وواصلت القضاء على التشكيلات المسلحة التابعة لحكمت الهجري، سيكون انتصارا كبيرا يمتد أثره على باقي جبهات الأقليات المتمردة، وتزيد شعبية الحكومة والتفاف الشعب حولها.".
وأشار إلى أنه "حتى الآن يبدو أن قرار حكومة الشرع هو الاستمرار في فرض السيطرة الأمنية، وسحب المعدات الثقيلة وقوات الجيش مع الإبقاء على قوات الأمن العام ووزارة الداخلية لاستكمال المهمة، مع توسيع الانشقاق داخل الكيان الدرزي والتعاون مع مشايخ الدروز الوطنيين المؤيدين للانضمام للدولة السورية وعزل الزعيم المتمرد الداعي للقتال".
ولفت إلى أن "التحدي الذي يواجه الحكم السوري الآن هو التدخل "الإسرائيلي" الذي يستغل الدروز لتحقيق المصالح الاستراتيجية "الإسرائيلية" المعلنة، وهي منع الجيش السوري من الانتشار في جنوب سوريا، مع سيطرة سلاح الجو الإسرائيلي على السماء السورية وضرب أي هدف في أي وقت، حتى لو كان قصر الرئيس ومراكز الحكم والسلطة، والتوسع في احتلال الأراضي في الجنوب الغربي".
وذهب عبدالمنعم إلى أن "..المعركة معقدة، وكل الخيارات صعبة ولها أبعاد كثيرة، وإن لم يستطع الشرع الرد على الاعتداءات الإسرائيلية سيكون هو الهدف القادم للاغتيال وإنهاء التجربة، ودخول سوريا في حروب طائفية تغذيها القوى الخارجية واقتتال داخلي ستكون الأقليات أكثر ضحاياه.
العنصر الأقوى في سوريا هو الشعب العربي السوري السني ( الأغلبية) الذي لن يتحمل تقديم التنازلات للأقليات، ولا يقبل استمرار العدوان الإسرائيلي المتكرر، وقد يدفع الشعب الثائر رئيسه أحمد الشرع لاتخاذ القرارات التي يحاول تأجيلها.".
ورجع الكاتب السابق بجريدة الشعب من أن "القادم في سوريا أشد ضراوة، فالشعب الذي انتصر على أكثر النظم إجراما واستبدادا وهزم جيوش دول كبرى لن يقبل أن يهان مرة أخرى، ولن يستسلم بسهولة لأي احتلال ولن يتسامح مع أي أدوات لقوى خارجية.".