في خطوة أربكت المشهد وأثارت مخاوف ملايين المصريين، رفضّ رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي دور انعقاد مجلس النواب الانقلابى دون التصديق على تعديلات قانون الإيجار القديم، تاركًا القانون المثير للجدل معلقًا بين البرلمان والقصر الرئاسي. قرار فتح الباب أمام فراغ تشريعي وصفه حقوقيون بأنه “كارثي”، بينما يرى محللون أنه ليس إلا حلقة جديدة في سياسة النظام تجاه واحدة من أعقد الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في مصر.
لكن السؤال الأهم هنا: لماذا يواصل السيسي التلاعب بهذا الملف؟ وهل يسعى لإبقاء الملايين تحت رحمة الفوضى القضائية بهدف سياسي أكبر؟
أزمة مُفتعلة أم فشل في الحسم؟
كان البرلمان قد أقر تعديلات جوهرية على قانون الإيجار القديم، مانحًا المستأجرين مهلة انتقالية تتراوح بين 5 و7 سنوات قبل إخلاء العقارات وتسليمها للمالكين. لكن فض دور الانعقاد قبل توقيع الرئيس دفع الموقف إلى هاوية جديدة: أصبح حكم المحكمة الدستورية الذي أبطل تثبيت القيمة الإيجارية ساريًا، دون وجود قانون ينظم الزيادات أو يحمي الفئات الأضعف.
المحامية الحقوقية عزيزة الطويل حذّرت من “كارثة تشرد جماعي” قد تطال كبار السن وأصحاب المعاشات والأرامل والمطلقات، مؤكدة أن الملاك بات بإمكانهم الآن رفع دعاوى قضائية لزيادة الإيجارات دون أي سقف قانوني.
في المقابل، يرد شريف الجعار، رئيس اتحاد مستأجري مصر، مطمئنًا: “ما يحدث لا يهدد المستأجرين، والقانون سيصدر عاجلًا أو آجلًا”. لكنه لا يخفي القلق من اتجاه بعض الملاك إلى القضاء، مستشهدًا بأن أي زيادات ستظل خاضعة لرقابة الخبراء والمحاكم.
لماذا يماطل السيسي؟
يرى مراقبون أن إدارة السيسي للملف تكشف عن سياسة مقصودة لإبقاء الأزمة معلقة. فمن جهة، يخاطب الملاك الغاضبين برسائل ضمنية عن قرب إنصافهم، ومن جهة أخرى، يترك المستأجرين في حالة خوف دائم من فقدان مساكنهم. هذه الثنائية، بحسب محلل سياسي تحدث لـ “المنصة”، تمنح النظام “ورقة ضغط اجتماعية واقتصادية يمكن توظيفها في أي لحظة”.
ويضيف المحلل: “تأجيل التصديق ليس صدفة. السيسي يدرك أن المساس بعشرات الملايين من المصريين دفعة واحدة قد يفجر غضبًا شعبيًا واسعًا، لذا يُبقي الوضع في منطقة رمادية