الحد الأدنى للأجور الذى حددته حكومة الانقلاب بـ 7 آلاف جنيه وأعلنت عن تطبيقه بداية من شهر يوليو الجاري مجرد شعار دعائي لا وجود له على أرض الواقع باستثناء بعض القطاعات الحكومية التي لا تمثل أكثر من 10% من قطاعات العمل في البلاد .
العاملون في القطاع الخاص وفي الكثير من القطاعات الحكومية مثل هيئة النظافة والقطاعات الصناعية والمستشفيات وغيرها، يؤكدون أنهم لا يحصلون على الحد الأدنى للأجور الذي تعلن عنه حكومة الانقلاب .
وقالوا: إنهم "يعملون بأجور أقل بكثير ودون تأمينات أو حماية اجتماعية أو صحية، في ظل غياب تطبيق فعلي للقانون ووجود الكثير من الاستثناءات القانونية التي تُبقيهم خارج الحسابات".
وأكد العاملون أن الفئات البسيطة التي تكافح يوميًا في الشوارع والأسواق، لا تدخل ضمن حسابات دولة العسكر، رغم أنها أكثر الفئات حاجة إلى الدعم والحماية.
مهنة البناء
حول الحد الأدنى للأجور قال محمد عبد الرحمن، (37 عامًا) : أعمل أكثر من 10 ساعات يوميًا، في مجال البناء، نظير أجر يومي لا يتجاوز 200 جنيه في أفضل الحالات، مشيرا إلى أن هذا المبلغ لا يكفي لتوفير احتياجات أسرته المكونة من 5 أشخاص، ولأن عمله غير منتظم، لا يتمكن في أحيان كثيرة من تغطية نفقاته الأساسية.
وأضاف عبد الرحمن في تصريحات صحفية: أعمل في مهنة البناء منذ عشر سنوات، وأتقاضى أجرًا يوميًا يتراوح بين 200 و250 جنيهًا إذا توفر العمل، لكن في كثير من الأحيان يمر أسبوع كامل دون أن أجد فرصة عمل، لافتا إلى أن لديه ثلاثة أبناء، ومسؤوليات كثيرة، وكل شيء أصبح مكلفًا، بدءًا من الطعام وحتى إيجار السكن.
وتساءل: هل من حقي الحصول على الحد الأدنى للأجور، موضحا أنه في كل مرة يسمع فيها عن قرارات حكومة الانقلاب المتعلقة برفع الحد الأدنى للأجور، يتساءل: هل نحن محسوبون ضمن هذه القرارات؟
وأعرب عبدالرحمن عن أسفه لأن عمالة البناء خارج هذا الإطار، ولا أحد يسأل عنهم، ولا يحظون بأي تأمين صحي أو اجتماعي، مشيرا إلى أن زوجته تعمل في تنظيف المنازل، ولا تحصل على أجر ثابت أو تأمين، ومع ذلك نكافح لتوفير متطلبات الحياة.
بائعة خضروات
وقالت سعاد أحمد، (44 عامًا)، بائعة خضروات في أحد شوارع مدينة أسيوط: "أتمنى الحصول على راتب ثابت يمكنني من توفير احتياجات أسرتي بعد وفاة زوجي، مؤكدة أنها منذ وفاة زوجها قبل خمسة عشر عامًا تتحمل مسؤولية إعالة بناتها بمفردها".
وأضافت سعاد أحمد في تصريحات صحفية : عملت بائعة خضروات على عربة صغيرة في الشارع، لأنني لم أجد بديلًا آخر يوفر مصدر رزق، مشيرة إلى أنها تسمع عن قرارات رفع الحد الأدنى للأجور، لكنها لا تتعلق بها لأنها تعمل في الشارع، لا تأمين ولا مرتب ثابت .
وتابعت: أحيانًا يكون الدخل جيدًا، وأحيانًا أخرى أعود إلى المنزل بخسارة أو دون دخل على الإطلاق بسبب تلف بعض الخضروات مؤكدة أنه خلال الشهر الماضي لم يتجاوز دخلها ثلاثة آلاف جنيه، وهذا مبلغ لا يغطي تكاليف الطعام والإيجار وفواتير الكهرباء.
وأعربت سعاد أحمد عن أسفها، لأن الفئات البسيطة التي تكافح يوميًا في الشوارع والأسواق، لا تدخل ضمن حسابات دولة العسكر، رغم أنها أكثر الفئات حاجة إلى الدعم والحماية .
حماية اجتماعية
وقالت هدى علي 50 عامًا، تعمل في تنظيف المنازل بمنطقة الهرم: إنها "على مدار 20 عامًا من العمل لم تحصل على تأمين صحي أو اجتماعي، ولا أي ضمان لدخل ثابت، مشيرة إلى أن زوجها هجرها منذ عشر سنوات، وتعول أربعة أبناء، جميعهم في مراحل دراسية مختلفة".
وأكدت هدى علي في تصريحات صحفية أنها رغم الجهود اليومية والعمل الشاق، تحصل على أجر يومي يتراوح بين 150 و200 جنيه، وأحيانًا تُضطر للبقاء في المنزل إذا مرضت أو لم تكن هناك فرص عمل متاحة، وهو ما يعني انقطاع الدخل تمامًا.
وأشارت إلى أنها تسمع عن قرارات حكومة الانقلاب بشأن رفع الحد الأدنى للأجور، لكنها ليست من بين المستفيدين منها، مؤكدة أنها تعيش تحت ضغط دائم، وتخشى المرض أو التوقف عن العمل، لأن ذلك يعني فقدان مصدر رزقها الوحيد.
وأعربت هدى على عن أملها في أن تتوسع مظلة الحماية الاجتماعية لتشمل العاملين في النظافة، لأنهم جزء من المجتمع، ويعملون بجد رغم ظروفهم الصعبة.
فرصة عمل
وقال أحمد سعيد، (26 عامًا)، حاصل على بكالوريوس تجارة : تخرجت منذ ثلاث سنوات، ومنذ ذلك الحين أبحثُ عن فرصة عمل مستقرة، لكنني لا أجد سوى أعمال مؤقتة أو في القطاع الخاص بأجور متدنية لا تكفي لتغطية احتياجات المعيشة الأساسية.
وأضاف أحمد سعيد في تصريحات صحفية : عملت في متجر للملابس مقابل ألفي جنيه شهريًا، ومن دون أي تأمين اجتماعي أو صحي، بينما أسمع عن قرارات حكومة الانقلاب برفع الحد الأدنى للأجور إلى سبعة آلاف جنيه، وهي أرقام تبدو بعيدة جدًا عن واقعنا حيث فرص العمل قليلة، والرواتب المتاحة منخفضة، والشركات الصغيرة غير ملتزمة بتطبيق الحد الأدنى للأجور.
وتابع: أسرتي تعتمد عليّ، ولا يوجد لدينا مصدر دخل آخر، ومع ارتفاع الأسعار المستمر، أصبحت الحياة أكثر صعوبة مؤكدا أنه يؤمن تماما بأنه خارج حسابات دولة العسكر.