بعد 73 سنة من حركة 23يوليو .. سيطرة الجيش على 45% من الاقتصاد تفاقم الديون إلى 202 مليار دولار

- ‎فيتقارير

قال صندوق النقد الدولي في مراجعة يوليو 2025 : إن "الشركات الحكومية والعسكرية تشكّل عائقًا أمام النمو الخاص والاستثمار الأجنبي، كونها معفاة ضريبيًا وتمتلك امتيازات مالية واسعة، وأوضح الصندوق أن 5–10% من الناتج المحلي جُني من هذه الأنشطة غير الشفافة والعسكرية، مما يساهم في تصاعد الدين العام (من 162.7 مليار دولار لعام 2024–25 إلى متوقع 202 مليار دولار بحلول 2029–30)" بحسب ما نقلت وكالة "رويترز".

وبعد نحو 73 من حركة 23 يوليو 1952 يبدو أن الجيش الذي يعلن أنه يحتفظ بموطئ اقتصادي رسمي نسبته حوالي 2% من الناتج، يوسع الخريطة الاقتصادية عبر أنشطة غير رسمية، بمشاركة فعلية في ثلث النشاط الاقتصادي. هذه الهيمنة تُطرح كعقبة أمام القطاع الخاص والاستثمار الحر، بحسب تقارير وأرقام صندوق النقد الدولي ومراقبون محليون ودوليون.

وبحسب صندوق النقد، فإن تداخل الجيش يحجم القطاع الخاص حيث الشركات المدنية تعاني من منافسة غير متكافئة كما لا يستطيع القطاع الخاص مجاراة كيان لا يدفع ضرائب أو يمر بمناقصات.

وفي تقرير له في 2022 قال صندوق النقد الدولي: إن "الاقتصاد المصري يحتاج لإعادة توازن بين القطاع الخاص والعسكري" بحسب ما كتب يزيد صايغ ووروبرت سبرينجبورج، وأن نسبة ما يسيطر عليه الجيش تصل إلى 25-40% من الاقتصاد المصري (بما في ذلك غير المُعلن).

وبحسب التقارير الدولية، فإن نسبة تحكم الجيش في القطاع الرسمي (التقارير الحكومية): يشكّل 1.5–2% من إجمالي الناتج، وهو ما يظهر في ميزانيات الدولة. في حين القطاع الفعلي الضخم (بما في ذلك الشركات التابعة والهيئات): يشمل ما يصل إلى ثلث السوق، لكنه غير موثق ماليًا.

 

لتكون النتيجة أن الجيش فاعل اقتصادي قوي في المشروعات القومية والبنية التحتية والتنمية، وغالبًا لا يخضع لتدقيق أو منافسة عادلة.

كما يحصل الجيش وشركاته على الإعفاءات والمميزات القانونية فالقوات المسلحة معفاة من الضرائب والرسوم الجمركية، وتحصل على مواد خام مدعومة وتبيع منتجاتها بأسعار سوقية.

 

وفي تقديرات النطاق الاقتصادي للجيش، تُشير التقديرات غير الرسمية (لصحف مثل فايننشال تايمز وزاوية3) إلى أن الجيش يسيطر على نحو 25–40% من الاقتصاد المصري، خاصة من خلال القطاعين المدني والعسكري معًا.

وقالت تقديرات: إن "الرئاسة ووزارة الدفاع تتحدثان عن أن الحضور الاقتصادي الرسمي للجيش لا يزيد عن 1.5–2% من حجم الاقتصاد، وهو ما يعكس فقط القطاع الرسمي تحت الحسابات الحكومية".

وبحسب منصة (زاوية 3)، فإن قيمة مشاريع الهيئة الهندسية؛ 198 مليار جنيه (تقريبا 4 مليارات دولار) بحسب تقارير الهيئة، فضلا عن نمو مفترض بالنفقات العسكرية (2024‑2028)       من 4.76 إلى 4.97 مليار دولار وفق تقارير دفاعية.

ومن أمثلة أحدث مشروعات الجيش (2025)  بما يخص الاتفاق على بورصة سلعية تابعة للجيش،  يخطط النظام لإدارتها عبر جهاز "مستقبل مصر" المنبثق عن القوات الجوية أحد الأفرع الرئيسية بالقوات المسلحة. بحسب "رويترز".

ونفذت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة حتى عام 2021 نحو 276 مشروعًا بتكلفة قدرها 198 مليار جنيه ( تقريبا بنحو 4 مليار دولار). تشمل هذه المشروعات إنشاء الطرق، الكباري، الأنفاق، والبنية التحتية، بما في ذلك العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة والجامعات التابعة (الأهلية) والمدارس وإدارة حتى كنتين أقل مدرسة.

تحول تاريخي

وتتنامي سيطرة الجيش على الاقتصاد المصري من أبرز الظواهر التي أعادت تشكيل بنية الدولة المصرية بعد 2013، وإن كانت جذورها أقدم. هذه السيطرة تجاوزت التقليدي في مجالات التشييد أو الصناعات الاستراتيجية، لتصل إلى مستويات دقيقة في الإنتاج، التسعير، التوزيع، والإدارة اليومية للاقتصاد.

 

ومنذ عهد عبدالناصر؛ تدخل الجيش في الصناعة والتصنيع الحربي (شركة النصر – مصانع 99 – الهيئة العربية للتصنيع)، وفي عهد مبارك، كانت مشاركة محدودة، مقصورة على قطاعات الأمن القومي، مع انفتاح اقتصادي بقيادة رجال أعمال مدنيين. وبعد 2011 (وخاصة بعد 2013): تحوّل الجيش إلى "فاعل اقتصادي شامل" له نفوذ مباشر في مئات الشركات والقطاعات.

ومن مظاهر هذا التحول الاستحواذي الاقتصادي للجيش: المشروعات العملاقة والإنشاءات من خلال: إسناد مشروعات بمليارات الجنيهات للهيئة الهندسية للقوات المسلحة (العاصمة الإدارية، شبكات الطرق، الكباري، الأنفاق). بظل أن شركات الجيش لا تخضع لقوانين المناقصات العامة، ويُمنح الأولوية والتمويل المباشر.

ومن أمثلة ذلك جهاز مشروعات الخدمة الوطنية الذي يدير شركات في الزراعة، والمياه المعدنية، والأسمنت، والصناعات الغذائية، والمحاجر، والبترول وغيرها وشركاته الوطنية وشل أوت وصافي للمياه، والشركة الوطنية للأسمنت، والوطنية للدواجن، وأمان – للتوزيع الغذائي بالتعاون مع وزارة الداخلية.

ويعرق الجيش وشركاته الاقتصادية؛ الاستثمار الأجنبي والخاص بسبب احتكار السوق، بظل غياب الشفافية والمساءلة في إدارة المال العام، وضعف الابتكار لأن الشركات تُدار كأجهزة تنفيذ لا كمنافسين حقيقيين، وتعني تغوّل السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية عبر الاقتصاد.