صور الشاحنات المحمّلة بالمساعدات التي تنتظر على الجانب المصري من معبر رفح، ومشاهد الأطفال الجوعى في غزة، فإن الحقيقة المؤلمة أن النظام المصري بقيادة المنقلب السفاح عبد الفتاح السيسي، لم يعد مجرد متواطئ مع الاحتلال الإسرائيلي، بل أصبح حاميه الأول، وشريكًا مباشرًا في جريمة تجويع مليونَي فلسطيني محاصر في القطاع المنكوب.
المعبر مغلق.. والمساعدات تتعفن
ففي الوقت الذي تتحدث فيه الدول عن كارثة إنسانية غير مسبوقة تضرب غزة، يتكدّس نحو ستة آلاف شاحنة مساعدات في العريش وسيناء، حُرمت من دخول القطاع بفعل تنسيق مصري إسرائيلي، ووسط صمت رسمي عربي. مواد غذائية وأدوية وحليب أطفال وخيام، تكفي لإغاثة السكان لأشهر طويلة، انتهت صلاحية كثير منها، أو فسدت بفعل حرارة الشمس، بينما يموت أطفال غزة من الجوع ونقص العلاج.
مصدر في الهلال الأحمر المصري أكّد أن المنظمات الدولية جاهزة لإدخال المساعدات، لكن لا قرار إسرائيلي – ولا مصري فعلي – بفتح المعبر. الحقيقة أن القاهرة لم تعد تملك قرار فتح بوابتها الحدودية مع غزة، رغم مزاعمها بجهوزية الطواقم واستعدادها للعمل "على مدار الساعة".
السيسي.. شريك في الحصار لا وسيط
تحول نظام السيسي من "وسيط إغاثي" كما يروج لنفسه، إلى "بواب أمني" للمصالح الإسرائيلية، يمنع دخول شاحنة إلا بإذن من تل أبيب. ما يجري لم يعد مجرد عجز دبلوماسي، بل قرار سيادي بالخضوع الكامل لإملاءات الاحتلال، مقابل استمرار الدعم الأميركي والغربي لنظام السيسي، مهما بلغت جرائمه ضد شعبه أو ضد الفلسطينيين.
التذرع بالسيطرة العسكرية الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، لا يعفي القاهرة من المسؤولية، بل يكشف مدى انكشافها السياسي والعسكري أمام الاحتلال، بعدما تخلت طواعية عن ورقة الضغط الوحيدة التي كانت تملكها في وجه إسرائيل.
رقمٌ فاضح.. وواقعٌ قاتل
منذ بدء العدوان على غزة، لم تدخل عبر المعبر سوى 19 ألف شاحنة مساعدات فقط – وفق إحصائيات رسمية – أي ما يغطي بالكاد 39 يومًا من احتياجات القطاع، في وقت تستمر فيه الحرب منذ أكثر من 21 شهرًا. الفارق بين الرقمين يكشف حجم الكارثة، ودرجة الانهيار الكامل في الدور المصري المفترض تجاه أشقائه الفلسطينيين.
"حطب بدل الوقود".. والمجاعة كسلاح
سعر الحطب في غزة ارتفع بنسبة 1500%، وانعدام الوقود حوّل حياة الناس إلى جحيم. المياه الصالحة للشرب غير متوفرة، والعلاج الطبي في أدنى مستوياته، والغذاء شبه منعدم. ومع كل ذلك، يقف النظام المصري حاجزًا صلبًا أمام المساعدات الجاهزة للدخول، في واحدة من أفظع جرائم الحصار في التاريخ المعاصر.
الأسئلة التي لا يريد النظام إجابة لها:
لماذا لا تفتح مصر معبر رفح من طرفها وتدخل المساعدات دون إذن من الاحتلال، كما تفعل دول في مواقف إنسانية حرجة؟
لماذا تلتزم القاهرة بـ"التنسيق الأمني" مع العدو، بينما تُسحق غزة بشعبها تحت القصف والجوع؟
هل بات السيسي مستعدًا للتضحية بكل القيم والمبادئ القومية والإسلامية من أجل رضا واشنطن وتل أبيب؟
خيانة موثقة بالصمت والصور
لقد انتقل نظام يوليو العسكري في مصر من موقع العار إلى موقع الجريمة. ومن كونه متواطئًا صامتًا، إلى متورط فاعل في تجويع شعب عربي مسلم تحت الاحتلال. لم يعد معبر رفح بوابة للنجاة، بل صار شاهدًا على خيانة نظام فقد آخر أوراق شرعيته. خيانة موثقة بالصمت، والشاحنات المتعفنة، ودموع الأمهات على أطفال يموتون جوعًا.
إنها جريمة إنسانية تُرتكب على مرأى ومسمع من العالم، ومرتكبها هذه المرة ليس الاحتلال وحده، بل نظام يُفترض أنه عربي، كان يمكن أن يكون الملاذ.. فاختار أن يكون الحارس الأمين للبوابة الإسرائيلية.