“الأرض مقابل الغرامة” ” …لماذا يكرّر السيسى أساليب الاحتلال الصهيونى فى التعامل مع الشعب المصرى ؟

- ‎فيتقارير

 

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، كشفت حكومة المنقلب الصهيونى السيسي مجدداً عن توجهها نحو تطبيق سياسات استيطانية الطابع، أقرب ما تكون إلى نهج الاحتلال الإسرائيلي، من خلال قرارات صادمة أصدرتها "هيئة المجتمعات العمرانية" التابعة لوزارة الإسكان بحكومة الانقلاب ، تفرض على أصحاب الأراضي الزراعية التنازل عن مساحات شاسعة من أراضيهم مقابل إسقاط الغرامات التي فرضتها الدولة بصورة غير قانونية، بدلاً من دفعها نقداً، في تكرار فجٍّ لشعار الاحتلال الصهيوني: "الأرض مقابل السلام"، ولكن بصيغة نظام السيسي: "الأرض مقابل العفو المالي".

 

القرار الذي يطال الأراضي المحيطة بغرب القاهرة، مثل أكتوبر والشيخ زايد وسفنكس الجديدة، يُجبر أصحاب الأرض على التنازل عن نسب تصل إلى 75% من أراضيهم لصالح الدولة، في حال رغبتهم في تغيير النشاط من زراعي إلى عمراني. هذا الإجراء يكشف عن عقلية استباحة الأملاك الخاصة، ويثير تساؤلات مشروعة: هل يدير السيسي مصر بروح وثقافة الاحتلال؟ وهل تحولت الدولة إلى مغتصب رسمي للأرض تحت ذرائع التحسين والتوسع العمراني؟

 

والمفارقة أن الدولة ذاتها، التي تصادر الأرض وتفرض "التنازل القسري"، تعاني من شح الدولار وتعجز عن جذب الاستثمار الحقيقي، لكنها لا تجد حرجاً في معاقبة المواطنين المالكين للأرض، وإجبارهم على التنازل عنها دون تعويض حقيقي، تحت مسمى "تصالح" يفتقر لأي منطق قانوني أو إنساني.

 

وفي موازاة ذلك، لم يكتفِ النظام بابتلاع أراضي الفلاحين، بل مدّ يده أيضاً إلى الساحل الشمالي، أحد أبرز مواقع الاستثمار السياحي في مصر، فارضاً رسوماً باهظة على الأراضي المطلة على البحر المتوسط، بلغت 1000 جنيه للمتر الواحد في بعض المناطق. أما الأراضي الواقعة على جانبي طريق القاهرة – الإسكندرية، ففرض السيسي رسوماً جديدة باسم "مقابل تحسين"، تجاوزت 1500 جنيه للمتر، تذهب أرباحها مباشرة إلى المؤسسة العسكرية، لا إلى ميزانية الدولة.

 

وبقرار سابق عام 2023، خصّص السيسي للجيش أراضي شاسعة على امتداد 31 طريقاً رئيسياً في البلاد، ليصبح الجيش فعلياً أكبر مالك ومتحكم في أراضي التنمية العمرانية، مانحاً لنفسه اليد العليا في إدارة السوق العقاري، على حساب الوزارات المدنية، والمواطنين، وحتى كبار المستثمرين.

 

بهذا الشكل، لا يمكن تفسير هذه السياسات إلا باعتبارها تجسيداً لنموذج "الاستيطان الداخلي"، حيث تحتكر الدولة – وتحديداً المؤسسة العسكرية – مفاتيح الأرض والاستثمار، وتفرض على المواطن التنازل عن حقوقه في وطنه، مقابل عفو مزيّف أو حق مؤجل في "التنمية" التي لا تصل أبداً للفقراء.

 

فهل أصبح السيسي بالفعل يتبنى الذهنية الصهيونية في إدارة الدولة؟ وهل تحولت مصر من دولة ذات سيادة إلى سلطة جباية، تنهب الأرض وتوزعها على حلفاء النظام ومؤسساته الأمنية؟ يبدو أن الإجابة تتكشف كل يوم، مع كل قرار جديد يصدر عن منظومة تحترف انتهاك حقوق الأرض والإنسان.