رغم التدخل الصهيوني والأمريكي..هل يحسم أبناء العشائر المعركة لصالح النظام السورى بقيادة أحمد الشرع ؟

- ‎فيعربي ودولي

 

 

تشهد سوريا تطورات متسارعة مع دخول العشائر العربية كعامل رئيسي في المعادلة السياسية والأمنية، خاصة بعد أحداث السويداء الأخيرة، فقد أظهرت هذه الأحداث، التي شهدت مواجهات عنيفة بين مقاتلي العشائر ومسلحين موالين لحكمت الهجري، قدرة العشائر على تغيير ديناميكيات الصراع.

وبحسب تقارير، تدفق أبناء العشائر من مناطق مختلفة، خاصة دير الزور، إلى جنوب سوريا لدعم الدولة، مما أربك حسابات الأطراف الإقليمية والدولية، بما في ذلك إسرائيل والولايات المتحدة، وفقًا لصحيفة الإندبندنت البريطانية.

هذا التحرك أثار تساؤلات حول إمكانية تكرار هذا السيناريو في شمال شرق سوريا، حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على مناطق ذات غالبية عربية.

 

حل عسكري

 

يشار إلى أن سوريا تواجه تحديات معقدة في سبيل تحقيق الاستقرار، خاصة في ظل التوترات الطائفية والعشائرية، وتُظهر أحداث السويداء أن أي حل عسكري قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات بدلًا من حلها. لذا يتعين على الحكومة السورية العمل على بناء تحالفات مع النخب المجتمعية والعشائرية، ووضع استراتيجية شاملة لإدارة التنوع الاجتماعي، كما يتعين على "قسد" إعادة تقييم استراتيجيتها لضمان استمرار دعمها الدولي، مع الأخذ في الاعتبار الدور المتنامي للعشائر كقوة مؤثرة.

ويبرز دور المجتمع الدولي، خاصة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، كعامل حاسم في تشكيل مستقبل شمال شرق سوريا، ومع تزايد الدعم الدولي للحكومة السورية، قد تجد "قسد" نفسها مضطرة للتكيف مع هذا الواقع الجديد.

وفي الوقت نفسه، يظل الموقف التركي حجر عثرة أمام أي حل عسكري، مما يعزز احتمالات التوصل إلى تسوية سياسية تعيد دمج المنطقة في إطار الدولة السورية.

 

سوريا موحدة

 

في هذا السياق كشف المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم باراك، عن لقاء مع قائد "قسد"، مظلوم عبدي، أسفر عن اتفاق مبدئي على ضرورة "سوريا موحدة"، يُنظر إلى هذا التصريح كإشارة إلى إمكانية اندماج "قسد" في إطار الدولة السورية، مع حل سلمي لمسألة شمال شرق سوريا.

جاء هذا الإعلان بعد يومين من غارات صهيونية استهدفت دمشق، والتي يرى مراقبون أنها تهدف إلى إضعاف الحكومة السورية، ومع ذلك، فإن تحرك العشائر العربية غير المتوقع أضاف تعقيدًا للمشهد، مما دفع "قسد" إلى إعادة تقييم موقفها.

ورجح خبراء أن الحكومة السورية تحولت من مسار التفاوض إلى الخيار الأمني بعد فشل المحادثات مع "قسد" على مدى أشهر، تزامنًا مع تصاعد التدخل الصهيوني، ويعتبرون معركة السويداء نموذجًا لهذا التحول، لكنهم يحذرون من أن الخيار الأمني قد يؤدي إلى تداعيات وطنية وإنسانية خطيرة.

وفي ظل دعم دولي متزايد للحكومة السورية، تتضاءل خيارات "قسد" إذا استمرت في تعطيل المسار التفاوضي، بينما تتعزز فرص دمشق في بسط سيطرتها على كامل الأراضي السورية.

 

موقف العشائر

 

وقال خبراء: إن "قسد تضم آلاف العناصر العرب، لكن ولاء العشائر ليس مضمونًا على المدى الطويل، موضحين أن التحالف الدولي، رغم دعمه لـ"قسد" إلا أنه قد لا يستمر في حمايتها إذا تحولت العشائر ضدها، خاصة أن هذه العشائر تشكل جزءًا أساسيًا من النسيج الاجتماعي في المناطق التي تسيطر عليها قسد".

وحذروا من أن انتفاضة العشائر ضد "قسد" قد تكون حاسمة، حيث لن يتمكن التحالف الدولي من التدخل عسكريًا ضد السكان المحليين في مناطقهم.

في المقابل، رجح بعض الخبراء أن الحل العسكري غير ممكن في شمال شرق سوريا، مستشهدين بفشل هذا النهج في السويداء والساحل.

وأكدوا أن "قسد" لم تُظهر يومًا نية التمرد على الحكومة المركزية، بل لديها مطالب مشروعة تدعمها الأطراف الدولية. ويستبعدون إمكانية انقلاب العشائر على "قسد"، معتبرين أنها جزءا لا يتجزأ من هيكليتها.

 

علاقات تاريخية

 

في هذا السياق أكد الشيخ عبدالله عبد الكريم، وجيه قبيلة البكارة في دير الزور، على العلاقات التاريخية الطيبة بين العرب والأكراد، مشيرًا إلى أن محاولات النظام السابق لزرع الفتنة بينهما عام 2004 باءت بالفشل.

ودعا عبد الكريم في تصريحات صحفية إلى تعزيز التعايش والشراكة في بناء سوريا الجديدة تحت راية الدولة، مؤكدًا أن العشائر تدعم الحكومة السورية، وشدد على أن الحل العسكري ليس مطروحًا طالما هناك إرادة مشتركة للسلام.

فيما واعترفت مصادر صهيونية بأن دخول العشائر العربية في أحداث السويداء فاجأ الأطراف الغربية، التي كانت تقلل من شأن العشائر كقوة عسكرية.  

وقالت المصادر ان هذه الأحداث أظهرت أن العشائر قادرة على التحول إلى قوة شعبية منظمة بدوافع وطنية، مما دفع بعض أجهزة الاستخبارات الغربية إلى إعادة تقييم دورها.

وأكد ناشط من الرقة أن ولاء العشائر يمثل مفتاح المعركة، مشيرًا إلى أن الضغوط الداخلية تجعل اندماج "قسد" مع الدولة خيارًا واقعيًا.

 

الدور التركي

 

يلعب الموقف التركي دورًا حاسمًا في قضية شمال شرق سوريا، حيث تعتبر أنقرة هذه المنطقة شأنًا يمس أمنها القومي، وكون تركيا عضوًا في التحالف الدولي، فإن أي تصعيد عسكري ضد "قسد" سيضع التحالف في موقف حرج، حيث لن يتمكن من دعم "قسد" عسكريًا ضد تركيا وهذا الواقع، إلى جانب قوة العشائر، يعزز موقف الحكومة السورية في دفع "قسد" نحو التسوية.

هذه التطورات، تدفع كلًا من "قسد" والحكومة السورية إلى حل سلمي لتجنب الفوضى وحماية المصالح المشتركة.

وتشير تصريحات توم باراك إلى أن الاتفاق بين مظلوم عبدي وأحمد الشرع قد يكون خطوة نحو تسوية شاملة، ومع ذلك، يبقى نجاح هذا المسار مرهونًا بقدرة الأطراف على تقديم تنازلات متبادلة، والتعامل مع تعقيدات العلاقات الطائفية والعشائرية في سوريا.