عبر منصات التواصل الاجتماعي تتداول لجان عربية ما نشرته منصات اللجان في القاهرة، من رفض للمقايضة التي طرحها الرئيس ترامب بين أن تفعل الولايات المتحدة دورا في استرداد مصر حصتها في النيل الأزرق من أثيوبيا مقابل السماح بتهجير الفلسطينيين إلى خيام رفح.
وكان المنشور الذي تبنته اللجان ما كتبته دكتوره غانية ملحيس Dr Ghania Malhees عبر "فيسبوك"، إن "ما كُشف عنه مؤخرا حول المحادثات الأميركية-المصرية، والتي طرحت فيها “مقايضة” غير معلنة بين التدخل الأميركي لحل أزمة سد النهضة وقبول مصر بمخطط تهجير الغزيين إلى سيناء تحت مسمى “مدينة الخيام”، يفضح – مرة أخرى – المنطق الاستعماري الذي لا يرى في شعوب المنطقة سوى أدوات ضغط ومجالا للمساومة.".
وأضافت "أن تطرح قضية الأمن المائي المصري في ميزان واحد مع حق الفلسطينيين في أرضهم، هو استخفاف خطير بالسيادة من جهة، وبالحقوق من جهة أخرى، المقايضة هنا ليست فقط غير أخلاقية، بل تشكل نموذجا مكثفا لعقلية الهيمنة الأميركية الإسرائيلية التي ترى الإقليم كله كـ” هندسة بشرية” قابلة لإعادة التوزيع على خرائط المصلحة".
واعتبرت أن "ما يسوّق له باسم “مدينة خيام إنسانية” ليس سوى نكبة معاصرة بوجه إنساني زائف، نقل السكان قسرا، حتى لو تذرع أصحابه بـ” الطوعية”، هو تفريغ لغزة من جوهرها الديموغرافي والسياسي، وإزاحة القضية عن مسارها التحرري. هذا ليس مشروع إغاثة، بل تفكيك ممنهج للهوية والمقاومة".
وأضافت أن "ما يجري ليس ملفا فنيا في العلاقات الدولية، بل لحظة اختبار شاملة:
• للسيادة المصرية: هل تباع بثمن حل دبلوماسي مؤقت؟
• وللقضية الفلسطينية: هل تختزل إلى لجوء جديد وخيام منزوعة المعنى؟
• وللعالم العربي: هل صار عاجزا إلى درجة أن يتحول فيه الموت إلى بند في اتفاقيات التعاون الإقليمي؟
وتابعت: "المطلوب ليس فقط الرفض الرسمي، بل أن يرفع الصوت الشعبي العربي عاليا: لا غزة للبيع، ولا سيناء للإيجار، ولا فلسطين للمقايضة.
وزعمت أن مصر "صوتك وصل، لكنه لا يكفي وحده" وأنها "كنظام"، "رفضت المقايضة القذرة التي طرحت باسم “الإنقاذ” لحل أزمة السد مقابل التنازل عن سيناء، رفضت أن تستدرجي إلى صفقة تبيع فلسطين، وتغرقك في مستنقع لا خروج منه. ".
واستدركت "لكن، وبرغم أهمية الموقف المصري الرسمي، فإن الرفض وحده لا يكفي، لأن ما يحضر ليس مخططا لغزة وحدها، بل نموذجا عاما لإعادة هندسة وصياغة المنطقة العربية – الإسلامية برمتها: بالتجويع، بالتجفيف، وبالإخضاع لإرادة “إسرائيل الكبرى” التي تدير المياه والخرائط والحدود.
وأشارت إلى أن "من لا يقرأ جيدا ما جرى وما يزال يجري في قطاع غزة وفلسطين وجوارها العربي ويجري من تطويع شامل للمنطقة: • عبر الحروب • والخرائط الجديدة • والتفكيك الديموغرافي • ومقايضات البقاء مقابل الصمت لن يدرك أن الجميع مستهدف، وأن من لا يعطش اليوم، سيجف غدا، ومن لا يرحل شعبه، قد يرحل هو بنفسه.".
ودعت إلى "موقف عربي وشعبي شامل وصريح، يرفض تجويع غزة ويرفض تعطيش مصر وتحويلها إلى ممر لتهجير غزة، ويرفض تحويل فلسطين إلى مشكلة إنسانية، ويرفض تحويل النيل إلى أداة ضغط سياسية. يدرك أن المشروع الصهيوني لا يقف عند حدود غزة أو القدس،
بل يسعى لتفكيك المشرق كله وإعادة بنائه على أساس التبعية الشاملة: اقتصادية، أمنية، ومائية.".
وحذرت من أنه "إن لم ترد دول وشعوب المنطقة مجتمعة، فسيلف الحبل أعناق الجميع، وستقطع المياه والحدود والأنفاس، إلا لمن يذعن لإرادة التحالف الاستعماري الغربي الصهيوني العنصري."
الموقف المصري: بين الرفض والاستهداف
واعتبر تقرير أن ما يثار "حول مقايضة أميركية لمصر بشأن حل أزمة سد النهضة الإثيوبي التي تؤرق القاهرة، مقابل الموافقة على مخطط لتهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء في أعقاب تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب أكد فيها العمل على التوصل لحل لأزمة سد النهضة ما زال مجرد تكهنات".
ونقل تقرير "العربي الجديد" عن مصادر دبلوماسية مصرية أن "محادثات مصرية أميركية موسعة جرت نهاية الأسبوع الماضي، تطرقت إلى وعد ترامب بالتدخل لحل أزمة سد النهضة إضافة إلى الوضع في قطاع غزة، وجهود الوساطة المصرية إيجاد حل للأزمة.
وبحسب التقرير فإن المحادثات كشفت عن موقف أميركي داعم للمخطط الإسرائيلي، الذي تم الكشف عن تفاصيله أخيراً تحت مسمى “مدينة الخيام الإنسانية” في رفح بالقرب من الحدود المصرية، ونقل سكان غزة إليها، وهو المخطط الذي أخطرت مصر الجانب الأميركي رفضها له خلال المحادثات.
وعرضت الإدارة الأميركية على القاهرة ما وصفه مسؤول أميركي بارز، بـ”تدخل حاسم” ينهي أزمة ملف سد النهضة ويضمن إبرام اتفاق مكتوب، ينظم عملية التشغيل، ويراعي المخاوف المصرية بشأن السد، مقابل دعم مصري للخطة الإسرائيلية، بإقامة مدينة الخيام في رفح الفلسطينية، عبر تقديم الدعم اللوجستي للسلطة الفلسطينية التي ستتولى إدارة المدينة، عقب انتقال سكان القطاع إليها، وكذلك تسهيل عملية التهجير الطوعي، والتي سماها الجانب الأميركي حرية السفر والانتقال لمن يريد من سكان القطاع للخروج والانتقال للعيش في أماكن أخرى عبر مصر، بحسب التقرير.
الدبلوماسي المصري قال للموقع الجديد إن المخطط الذي سبق ترويج تفاصيل منه تتضمن مشاركة دول عربية في إدارة القطاع في اليوم التالي لوقف الحرب، كان مقصوداً به الحيز الجغرافي الذي حددته إسرائيل ضمن “مدينة الخيام الإنسانية”. وبحسب المصدر، فإنّ المخطط الإسرائيلي الجديد، يحمل ضمن مرحلة تالية منه فتح المجال الجغرافي بين رفح الفلسطينية والمصرية، بما يسمح بانتقال أبناء العشائر الممتدة بين غزة ومصر للعيش في سيناء، مع تقديم حزم دعم مالي لمصر إضافة إلى الوعد الأميركي بـ”التدخل الحاسم” لحلّ أزمة السد.
وزعم "الدبلوماسي" بحسب الموقع أن القاهرة ردت على المقايضة المطروحة منذ “قرابة الشهر” ب"التمسك بالرفض للمخطط الإسرائيلي"!
وأضاف أن مصر تعتبره "تحايلاً لإعادة تسويق مخطط التهجير إلى سيناء، مشدداً على أن هناك مشاورات مكثفة جرت خلال الأسبوع الأخير في مصر بين قادة المؤسسة العسكرية، ومؤسسة الرئاسة، جرى خلالها التشديد على عدم التجاوب مع مساعي الجانب الإسرائيلي".
وأوضح الدبولماسي أن ممثلي المؤسسة العسكرية أكدوا خلال الاجتماعات، التي جرت في هذا الشأن، أن المخطط الإسرائيلي حال تنفيذه سيقود إلى مواجهة حتمية في المدى القريب بين مصر وإسرائيل، حال تواصلت عمليات المقاومة لاحقاً بالقرب من الحدود المصرية.
وخلال لقائه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته في البيت الأبيض الأسبوع الماضي قال الرئيس الأمريكي: "لقد عملنا على ملف مصر مع جار قريب (إثيوبيا)، وهم جيران جيدون وأصدقاء لي، لكنهم بنوا السد وهو ما أدى إلى وقف تدفق المياه إلى ما يعرف بنهر النيل".
وأضاف: "أعتقد أنني لو كنت مكان مصر فسأرغب في وجود المياه في نهر النيل. نحن نعمل على حل هذه المشكلة، لكنّها ستُحل. لقد بنوا واحداً من أكبر السدود في العالم، على بعد بسيط من مصر، كما تعلمون، وقد تبين أنها مشكلة كبيرة، لا أعلم، أعتقد أن الولايات المتحدة مولت السد، لا أعرف لماذا لم يحلوا المشكلة قبل بناء السد".
بدوره، أثنى السيسي على تصريحات الرئيس الأميركي قائلاً في تدوينة نشرها حسابه الرسمي على منصة “إكس”: “تثمّن مصر تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تبرهن على جدية الولايات المتحدة تحت قيادته في بذل الجهود لتسوية النزاعات ووقف الحروب”. وأضاف: “تقدّر مصر حرص الرئيس ترامب على التوصل إلى اتفاق عادل يحفظ مصالح الجميع حول السد الإثيوبي، وتأكيده على ما يمثله النيل لمصر كمصدر للحياة. وتجدد مصر دعمها لرؤية ترامب في إرساء السلام العادل والأمن والاستقرار لجميع دول المنطقة والعالم”.
واقع مشين
وفي فبراير الماضي، أعلن أن "السيسي لن يلتقي ترامب إذا كان تهجير الفلسطينيين على الأجندة" بحسب مصدر أمني لقناة الجزيرة. هذا في الوقت الذي رأى فيه مراقبون أن موقف السيسي برفض تهجير أهل غزة، يأتي في نفس الوقت الذي يحاصرهم فيه، ويمنع المساعدات عنهم، ولم تنقطع علاقاته الدافئة مع دولة الاحتلال لحظة واحدة، ولم يتوقف عن إمدادها باحتياجاتها الغذائية عبر الجسر البري، كما لم يصرح (ولو مرة واحدة) تصريحا محترما لصالح الغزاويين، طوال عام ونصف من مذبحة إبادة مروعة لهم، ولم يتراجع عن تصريحاته السابقة مع ترامب بدعمه لصفقة القرن، او تصريحاته التي دعا فيها "إسرائيل" لتهجير أهل غزة إلى صحراء النقب لحين القضاء على المقاومة.
وقالت الصحفية شيرين عرفة @shirinarafah إن السيسي "لم يتوقف عن المتاجرة بدماء وآلام الفلسطينيين، بفرضه إتاو ات على مرور الجرحى والمساعدات من خلال المعبر.. ولم يُخرج من سجونه المصريين الذين اعتقلهم بتهمة رفع علم فلسطين، او التعاطف مع أهل غزة، ولم يسمح حتى اليوم بمظاهرة حقيقية واحدة يتضامن فيها المصريون مع إخوانهم الذين قُتلوا وذبحوا أمام أعينهم، ولم يُعيد أهل سيناء إلى أراضيهم التي هجَّرهم منها، موقفه هذا يعني أنه كذاب ومُدلس، ويخشى فقط من نقل المقاومة الفلسطينية إلى أرضه او يريد زيادة سعر الصفقة ومن يدعمه ويقف في صفه ".
https://x.com/shirinarafah/status/1889864665213411711
رفض فلسطيني بات
وبعد عامين ونيف، فإن الفلسطيني انتصر على عدة مخططات احتلالية لتهجيره بعد نكبة عام 48، كان أبرزها:
– مخطط عام 1955، والذي أسقطه الفلسطينيون عبر تحالف الإسلاميين والشيوعيين في ما يُعرف بهبة آذار، حين انتفض الفلسطينيون ضد مشروع التوطين في سيناء وخرجوا في مظاهرات نددت بالمشروع وهتفت "لا توطين ولا إسكان يا عملاء الأمريكان"، "كتبوا مشروع سيناء بالحبر وسنمحو مشروع سيناء بالدم"، ولم يكن أهل غزة يتجاوز عددهم يومها 300 ألف فلسطيني.
– مخطط عام 1968، والذي هدف إلى لنقل 200 ألف فلسطيني من غزة إلى دول مختلفة.
– مخطط شارون عام 1971، حيث كان قائداً للمنطقة الجنوبية يومها، وبدأ عملية عسكرية ضد قطاع غزة، خاصة مخيم جباليا، بهدف التهجير.
– مخطط عام 2000، الذي قدمه رئيس مجلس الأمن القومي “الإسرائيلي” غيورا أيلاند (صاحب خطة الجنرالات) والذي يتضمن مشروع "البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين"، حيث تقدم مصر تنازلاً عن 720 كيلومتراً مربعاً من أراضي سيناء لصالح الدولة الفلسطينية المقترحة.
– عام 2020 خطة صفقة القرن الشهيرة، والتي كسرها الفلسطيني كذلك.