قالت وكالة بلومبرج إن مصر تخطط لإصدار سندات دولية بما يصل إلى 4 مليارات دولار على مدى العام المقبل للمساعدة في سد فجوة التمويل الخارجي البالغة 11 مليار دولار، حسبما صرح به وزير المالية أحمد كجوك.
ومن ناحية ثانية، قال كوجك "من المتوقع الانتهاء من المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج قرض مصر البالغة قيمته 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي في سبتمبر أو أكتوبر، مما يسمح بصرف شريحة بقيمة 2.5 مليار دولار".
وعن سندات الدولار، أوضح "كجوك" أن "الإصدارات المخطط لها قد تنطوي على أوراق مالية مقومة باليورو والدولار، وسندات استدامة، وصكوك، وحتى أدوات مقومة باليوان الصيني أو الين الياباني. وستغطي هذه الإصدارات نحو 40% من احتياجات التمويل الخارجي للبلاد. ومن المتوقع أن يأتي المبلغ المتبقي من التمويل الميسر.
وعلقت الوكالة إنه "قد يكون إصدار سندات دولارية جديدة مكلفا. إذ إن السندات المصرية المقومة بالدولار يجري تداولها بمتوسط عائد يبلغ 9.3%”..
سندات بالجنيه
وبخلاف الـ4 مليارات دولار، قالت تقارير إن حكومة السيسي تدرس إصدار صكوك وسندات تجزئة مقومة بالجنيه للسوق المحلية في العام المالي الحالي لتقديم أدوات ادخار جديدة وزيادة السيولة. علاوة على ذلك، تعمل البلاد على العودة إلى مؤشر جي بي مورجان للسندات وتجري محادثات مع مؤسسة الخدمات المالية يوروكلير لتسهيل وصول الأجانب إلى سوق الدين المحلي، وتهدف كلتا الخطوتين إلى جذب تدفقات جديدة.
وأشارت التقارير إلى أنه في يناير 2024 استبعد مؤشر "جي بي مورجان" للسندات مصر بسبب النقص المستمر في النقد الأجنبي في البلاد في ذلك الوقت، الذي منع المستثمرين من استرداد العوائد وتحويلها.
وأضافت أنه "لم تكن هذه المرة الأولى التي يعاد فيها إدراج البلاد إلى المؤشر، فقد عادت مصر إليه في أوائل عام 2022 بعد استبعادها لأكثر من 10 سنوات بسبب الاضطرابات الاقتصادية التي أعقبت ثورة 25 يناير في عام 2011".
وأوضحت التقارير إن مصر تأمل في إضافتها مرة أخرى إلى مؤشر "جي بي مورجان" للسندات الحكومية للأسواق الناشئة بحلول عام 2026، لا سيما مع التحسن التدريجي في أسعار الصرف والمؤشرات الاقتصادية الحيوية الأخرى، حسبما صرح به مصدر حكومي لإنتربرايز في وقت سابق هذا الصيف.
ليست أول محاولة لسد هذه الفجوة: أتمت وزارة المالية في الشهر الماضي إصدار صكوك سيادية بقيمة مليار دولار في بورصة فيينا عبر طرح خاص اكتتب فيه بيت التمويل الكويتي بالكامل.
ترقب 2.5 مليار دولار
وتترقب القاهرة 2.5 مليار دولار من صندوق النقد الدولي مع انتهاء المراجعتين في الخريف سبتمبر وأكتوبر، حيث من المتوقع الانتهاء من المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج قرض مصر البالغة قيمته 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي في سبتمبر أو أكتوبر، مما يسمح بصرف شريحة بقيمة 2.5 مليار دولار، وفق ما قاله وزير المالية أحمد كجوك خلال زيارته للندن الأسبوع الماضي، وفقا لنشرة إنتربرايز.
وأوضح كجوك: "يعمل الجانبان على الوفاء بالتوقعات بأن يحدث هذا في سبتمبر أو أكتوبر”، مضيفا أن “صندوق النقد الدولي يسعى لتحقيق مستهدفات معينة وذلك هو المهم".
وبحسب النشرة "سيولي صندوق النقد الدولي وفق التوقعات تركيزا كبيرا على استراتيجية الحكومة الرامية إلى طرح الأصول المملوكة للدولة، إذ تستهدف السلطات الآن “صفقات استراتيجية قليلة، ولكنها رئيسية”، حسبما أوضح وزير المالية، مضيفا أن الحكومة تريد إتمام ما يصل إلى أربع طروحات هذا العام المالي في قطاعات الاتصالات وإدارة المطارات والخدمات المالية. وأردف كجوك قائلا إنه من المتوقع أن نشهد أربعة طروحات أخرى في العام التالي".
يُشار إلى أن صندوق النقد الدولي قرر مطلع يوليو الجاري؛ دمج المراجعتين الخامسة والسادسة، مشيرا إلى أن “هناك حاجة إلى مزيد من الوقت” لإحراز تقدم على صعيد الإصلاحات المتعلقة بتقليص دور الدولة في الاقتصاد وأجندة الإصلاحات الأوسع نطاقا. ووفقا لتقرير خبراء الصندوق الخاص بالمراجعة الرابعة لبرنامج قرض مصر، من المقرر إجراء المراجعتين المدمجتين في 15 سبتمبر.
برنامج الطروحات
وعن تحركات برنامج الطروحات، أوضحت تقارير أن حكومة السيسي تستهدف إتمام ما بين 3 إلى 4 طروحات خلال العام المالي الحالي.
وأضاف أحمد كوجك أن هذه الطروحات “ستكون عبر كثير من القطاعات”، مشيرا إلى أن مصر شاركت خطة استراتيجية متوسطة الأجل مع صندوق النقد الدولي وشركاء دوليين آخرين تتضمن “جدولا زمنيا واضحا ومرئيا”.
وقال صندوق النقد الدولي في تقريره إن مصر تتوقع الحصول على تدفقات بقيمة 3 مليارات دولار من طرح الأصول المملوكة للدولة خلال العام المالي الحالي، صعودا من 600 مليون دولار في العام المالي الماضي، وتستهدف كذلك 2.1 مليار دولار في العام التالي.
ويعول صندوق النقد الدولي أيضا على الاستثمار الأجنبي المباشر للمساعدة في سد فجوة التمويل الخارجي لمصر للعام المالي 2025-2026، متوقعا أن يصل صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 15.6 مليار دولار هذا العام المالي، صعودا من تقديرات العام المالي 2024-2025 البالغة 13.2 مليار دولار.
مالية مصر في لندن!
وضمن نقاش عن استراتيجية المالية العامة والدين أيضا ضمن حلقة في لندن، استضافت وزير مالية السيسي ضمن ورشة لـ3 ايام نظمتها الجمعية المصرية البريطانية للأعمال وقال كجوك إن الحكومة تنفذ "استراتيجية متكاملة لتحسين مؤشرات الدين العام والحفاظ على ثقة المستثمرين.. وعلى خطط تنويع أدوات وأسواق التمويل، وإطالة آجال استحقاق الديون، وتقليل الاعتماد على الأدوات قصيرة الأجل"!
تقرير جولدمان ساكس
المحلل الاقتصادي مصطفى عبد السلام وفي مقال بعنوان "ما لم يقله بنك "جولدمان ساكس" عن الجنيه المصري" تساءل عن مثل هذه التقارير المتفائلة إلى حد ما ويضاف إليها تقرير بنك "جولدمان ساكس" والذي يتفاءل بوضع الجنيه المصري قائلا ".. يأتي في الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد المصري تحديات عدة، وتزداد فيه ضغوط صندوق النقد الدولي وغيره من المانحين، سواء الإقليمين أو الدوليين، على مصر، والكشف عن ضخامة الأعباء الخارجية المستحقة على الدولة، وتوقعات بتراجع موارد مصر الدولارية من بعض الأنشطة الاستراتيجية مثل قناة السويس والاستثمارات المباشرة، وربما تحويلات العاملين في الخارج في حال تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، ولجوء دول الخليج النفطية لسياسة خفض الإنفاق العام والاستغناء عن جزء من العمالة الوافدة ومنها المصرية، والأخطر هنا هو الاعتماد على الأموال الساخنة في دعم سعر الجنيه واستقرار سوق الصرف الأجنبية، وهو أمر خطر طالما حذرنا منه مرات، إذ إن هروب تلك الأموال مع وقوع أول خطر يتبعه تعويم جديد للعملة المحلية.".
وأشار إلى أنه "في نظرة لأحدث الأرقام نجد أنّه وفق التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي فإنّ العام المالي 2024-2025 سيكون الأعلى من حيث قيمة الديون المستحقة على مصر، إذ مثّلت ديون الصندوق وحده نحو 12.2% من إجمالي إيرادات الدولة، وأن مصر ستواجه فجوة تمويلية بقيمة 5.8 مليارات دولار في العام المالي الحالي 2025-2026، وتوقعات أن يسجل الدين الخارجي لمصر 46.6% من الناتج المحلي الإجمالي، ليصل إلى 180.6 مليار دولار خلال هذا العام".
وعن تقديرات صندوق النقد الدولي الأخيرة أوضح "أن إجمالي الدين الخارجي لمصر قد يتخطى حاجز مئتَي مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، مع مواصلة سياسات الاقتراض الخارجي وتوسّع الحكومة في تمويل مشروعات البنية التحتية والتحول الاقتصادي من خلال قروض خارجية ميسّرة، وأخرى تجارية تهدف إلى دعم ميزان المدفوعات وسدّ الفجوة التمويلية في موازنة الدولة".
قروض تؤثر على الجنيه
وأشار إلى "ضغوط مالية أخرى محتملة بشأن الجنيه، فصندوق النقد أجّل صرف الشريحة الخامسة من قرضه البالغ قيمتها 1.2 مليار دولار، مع دمجه مؤخراً المراجعتَين الخامسة والسادسة وتأجيلهما إلى نهاية العام، لإعطاء الحكومة مزيداً من الوقت لتنفيذ الإصلاحات المتفق عليها، والخطوة قد يترتب عليها بالطبع تأجيل إفراج دائنين آخرين عن قروض جديدة لمصر مثل قرض الاتحاد الأوروبي البالغ قيمته أربعة مليارات يورو".
وأوضح أن ذلك "إضافة إلى أعباء الديون الخارجية، فإنّ هناك التزامات أخرى مستحقة على الدولة منها تدبير قيمة استيراد الغاز الطبيعي لمدة عامَين، والمقدر قيمتها بنحو ثمانية مليارات دولار، وسداد باقي المستحقات المتأخرة لشركات النفط الأجنبية، والديون الخارجية المستحقة على جهات حكومية مثل الهيئة العامة للبترول".
وعلى مستوى الموارد الدولارية التي تلعب دوراً محورياً في تحديد قيمة سعر الدولار في مصر، أشار إلى "..توقع صندوق النقد تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 50.7% خلال العام المالي 2024-2025 لتسجل نحو 3.6 مليارات دولار، مقارنة بـ 6.6 مليارات دولار في نهاية العام المالي 2023-2024، في ظل استمرار التحديات المرتبطة بالملاحة العالمية وحرب غزة وقلاقل البحر الأحمر وباب المندب وهجمات الحوثيين على السفن المتجهة إلى دولة الاحتلال".
ويتوقع الصندوق أن يصل صافي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 15.6 مليار دولار خلال السنة المالية الحالية، وأن يرتفع ارتفاعاً طفيفاً إلى 16.9 مليار دولار خلال 2026-2027.
ولفت إلى أن "..الديون الخارجية الضخمة المطلوب من مصر سدادها على المدى البعيد، وعلى سبيل المثال فإنّ صندوق النقد يتوقع أن تسدد الدولة كامل التزاماتها المالية المستحقة له في العام 2046، أي خلال 22 سنة" محذرا من أن "هذا يعني استمرار ارتباط الدولة المصرية بالمؤسسة الدولية طوال تلك الفترة الطويلة".
وتساءل "..كيف تتحسّن قيمة الجنيه مقابل الدولار في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة اغتراف مزيد من القروض الخارجية، وتعتمد على الأموال الساخنة في دعم استقرار سوق الصرف الأجنبية"، موضحا أن الاحتياطي الأجنبي يعتمد على ودائع خارجية حيث تحتفظ ثلاث دول خليجية بودائع بقيمة 18.3 مليار دولار لدى البنك المركزي المصري يحين أجل سداد آخر وديعة فيها في أكتوبر 2026؟".