رغم الاستحواذ الإماراتي على الحياة الاقتصادية وربما السياسية في مصر، إلا أن ما يظهر على السطح ليس القصة بأكملها، وهو ما يتطلب من القارئ أن يتابع معنا لآخر التقرير حيث تبدأ الإمارات مشروع إنشاء خط مياه من محطة تحلية في مصر إلى منطقة المواصي قرب خان يونس جنوب قطاع غزة.
يُقام الخط بموافقة المستوى السياسي "الإسرائيلي" حيث تمت المصادقة على إدخال المعدات اللازمة، وبدأت الأعمال اليوم تحت رقابة أمنية مشددة، وعبر معبر كرم أبو سالم، بحسب القناة 12 العبرية.
الناشط ياسر شلبي أشار إلى أنه "يبدو المشروع الإماراتي لتوصيل المياه وكأنه مبادرة إنسانية، إلا أن موافقة إسرائيل عليه تكشف أبعادًا سياسية أعمق. إذ تظل إسرائيل المتحكم الأساسي حتى في المشاريع الإنسانية، فتظهر بمظهر “الطرف الذي يسمح بالمساعدة” بدلًا من أن توصف بأنها الطرف المعيق".
واستدرك "أما الإمارات، فتؤدي دور الوسيط، غير أن المشروع قد يُستخدم كوسيلة لتلميع صورة الحصار، من خلال تقديم حلول مؤقتة عوضًا عن السماح ببناء محطات تحلية مياه داخل غزة كما كان مخططًا سابقاً.".
واعتبر أنه في هذا الإطار، يبرز الموقف المصري بتناقض واضح؛ فبينما تغلق الأنفاق التي كانت تنقل الضروريات، توافق في الوقت ذاته على مرور المشروع الإماراتي عبر أراضيها. هذا الدور يجعلها طرفًا يتحكم في شريان حياة غزة ضمن شروط سياسية، ويعكس حرص مصر على الحفاظ على موقع الوسيط دون الدخول في صدام مباشر مع أي طرف".
وأشار إلى أنه "في نهاية المطاف، تظل هذه المشاريع بمثابة محاولات إنعاش مؤقتة لا تُعالج جوهر الأزمة، والمتمثل في الإبادة الجماعية تحت الحصار الشامل وتدمير البنية التحتية. أما سماح إسرائيل بمرور المشروع، فهو لا يُعد مؤشرًا على حسن نية، بل هو تعبير عن إدراك بأن تفاقم الأزمة الإنسانية قد يُهدد استقرارها السياسي والأمني، فتسمح بتمرير حلول محدودة تخدم مصالحها دون رفع الحصار فعليًا.
https://www.facebook.com/photo/?fbid=10236934158909091&set=a.3743451780229
قلق مصري!
واهتم مراقبون بتساؤلات مشروعة طرحها الصحفي محمد خيال الكاتب بجريدة " الشروق " المصرية "حول ما كشف عنه الاحتلال بشأن إنشاء خط مياه من مصر لغزة بتمويل اماراتي ؟!!!
وقال "خيال": "اليوم وبشكل مفاجئ أعلن جيش الاحتلاااال أن دولة الإمارات ستبدأ في بناء خط أنابيب لنقل المياه من مصر إلى قطاع غزة خلال الأيام المقبلة.. وبحسب ما كشف عنه أن هذا الخط من المقرر أن يخدم حوالي 600 ألف نسمة، وسيتدفق من محطة تحلية مياه في مصر إلى منطقة المواصي، جنوب غزة بالقرب من الساحل.. وأضاف أن القيادة السياسية وافقت على خطط خط الأنابيب قبل عدة أسابيع.
وتعجب "جيييش الاحتلال قال في بيانه إنه بدأ ممثلون من الإمارات العربية المتحدة بإدخال المعدات اللازمة للمشروع إلى مصر تحت إشراف دقيق، وبعد فحوصات أمنية مشددة، عبر معبر كرم أبو سالم، الذي تديره هيئة المعابر البرية التابعة لهم.." متسائلًا : "ما هو علاقة هذا المشروع بدخول ترامب المفاجئ على خط أزمة سد النهضة الإثيوبي مؤخرا وإعلانه الاستعداد للتدخل وحل الأزمة..
ومجددا تساءل: "ماهو علاقة هذا المشروع بمشروع غزة الجديدة الذي تستهدفه اسراااائيل عبر اختزال مسمى غزة في المنطقة المحصورة بين محور موراج ومحور فيلادلفيا في جنوب القطاع وتخفيض عدد سكان القطاع إلى النصف عبر دفع السكان للهجرة الطواعية .. خاصة أن تفاصيل مشروع خط المياه قريبة جدا من تفاصيل المشروع "الإسرائيلي"؟؟
وأردف بالثالث، " هل يمثل المشروع توريطًا لمصر في المسئولية عن إدارة " غزة الجديدة " مقابل حل أزمة سد النهضة ؟!!!
https://www.facebook.com/photo/?fbid=3214252908712875&set=a.389331167871744
وعلى غراره حذر الكاتب من مصر، هاني شرف Hany Sharaf من "مشروع إيصال مياه مصرية خارج الحدود …يبدو أنها أحدث الهدايا من مقدرات الوطن لأسياده".
وربط بين ذلك ومقايضة الأمريكان سد النهضة بمخيمات رفح قائلا: "في ظل عودة ترامب فجأة للوساطة في ملف سد النهضة، تزامن ذلك مع خطة تنفيذ خط مياه من مصر إلى جنوب غزة، بإشراف إسرائيلي وتمويل إماراتي.. تحذير من دور الإمارات منذ البداية في ملف السد الإثيوبي كقناع "إسرائيلي":
وأشار إلى أن "الإمارات حضرت كوسيط في اتفاقية المبادئ بالخرطوم، التي وقعها الزبون السيسي بمفرده، وأضاع بموجبها حقوق مصر التاريخية في مياه النيل كدولة مصب .. وبناء على هذه الاتفاقية بدأ تمويل السد من الدول والمؤسسات الدولية.. كما أن الإمارات مولت السد الإثيوبي تمويلاً مباشراً، والآن تمول خط أنابيب مياه من مصر إلى داخل الأراضي المحتلة، وهو أمر بالغ الخطورة، وقد يبنى عليه مستقبلاً لإيصال مياه النيل إلى إسرائيل، تحقيقاً لحلمهم القديم.".
وأضاف "في تفاصيل الخطة، نجد حديثاً عن ربط محطة مياه في سيناء بخط أنابيب يصل إلى منطقة المواصي في غزة، ضمن ترتيبات جيوسياسية جديدة.. فلماذا لا تمول الإمارات هذا المشروع الإنساني من خلال محطة تحلية مياه من البحر لكل غزة؟.. لماذا خط مياه من سيناء الآن؟.. تقاطعات كلها مريبة: في وجود الإمارات، وعودة ترامب المسرحية للحديث عن مياه نيلنا وتساءل كل مخلص وقتها .. ما هو الثمن المنتظر؟..".
وخلص إلى أن "الزبون جاهز وحاضر لكل أشكال التوقيعات ولكل صيغ الاتفاقيات ولكل أنواع التنازلات.".
وفي يوليو 2024، تم الكشف عن مشروع إماراتي لإنشاء خط أنابيب مياه يمر من البحر عبر إسرائيل لتوصيل المياه المحلاة إلى غزة، بهدف تخفيف أزمة المياه التي يعاني منها القطاع. المشروع تم بالتعاون بين الإمارات و"إسرائيل" وبموافقة السلطة الفلسطينية متجاهلين الدور المصري رغم أن الأنبوب يمر من مصر؟!
وهناك دور تقليدي لمصر في غزة حيث كانت تاريخيًا تمارس دور الوسيط الأول بين الفصائل الفلسطينية و"إسرائيل"، كما أنها الجار المباشر لغزة من الجنوب، وتتحكم في معبر رفح، ولها دور استراتيجي في البنية التحتية، والمصالحة الفلسطينية، والمساعدات الإنسانية.
منصات "ذكية" رأت أن التحدي هنا: أن دخول الإمارات كممول مباشر لمشاريع كبرى في غزة (عبر إسرائيل) بدون تنسيق مصري واضح، قد يُعتبر تهميشًا لدور القاهرة أو محاولة لخلق "بديل" أو "شريك جديد" في إدارة الملف الغزاوي.
وفي بعد ثان له فإن المشروع يتم من خلال "إسرائيل"، وهو جزء من سياسة الإمارات التي بدأت بالتطبيع رسميًا منذ "اتفاقيات أبراهام" في 2020. وأن مصر "قد ترى أن هذا يفتح الباب لإعادة تشكيل النفوذ في غزة، خاصة إن تم بمعزل عن التنسيق الثلاثي المعتاد (مصر-فلسطين-إسرائيل).".
ومن جانب ثالث يتعلق بالأمن القومي المصري "تنظر مصر لغزة كمنطقة لها تأثير مباشر على أمنها في سيناء من جانب "دخول قوى إقليمية (حتى لو شقيقة مثل الإمارات) في مشاريع استراتيجية دون التنسيق الكامل، قد يُقلق القاهرة بشأن النفوذ والسيطرة على الملف الغزاوي".
إلا أنه، حتى الآن لم تعلن مصر موقفًا سلبيًا علنيًا تجاه المشروع، وقد تتعامل معه براجماتيًا لو كان يسهم فعلاً في تحسين حياة الفلسطينيين، لكنها بالتأكيد تراقب عن كثب توازن النفوذ، وتحرص على ألا يتم تجاوزها كطرف رئيسي في أي ترتيبات تخص غزة.
وخلصت المنصة "نعم، هناك تعارض محتمل بين المشروع الإماراتي وخط المياه وبين الدور المصري التقليدي في غزة، خاصة من حيث النفوذ، التنسيق، والمصالح الاستراتيجية. لكن هذا لا يعني بالضرورة صراعًا مباشرًا، بل أقرب إلى تنافس محسوب داخل ملعب معقد.".