بين دعوات الاتحاد العالمي وواقع النظام المصري: السيسي ليس بوابة لغزة بل حارِسٌ للحصار

- ‎فيتقارير

 

 

في الوقت الذي يؤكد فيه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن مصر تمثّل الدولة المحورية الأولى في كسر الحصار عن قطاع غزة، يغيب عن البيان حقيقة أن النظام المصري الحالي، بقيادة عبد الفتاح السيسي، هو أحد أركان الحصار، لا مفتاح الحل.

 

إذ يرى مراقبون أن السيسي، الذي جاء بانقلاب عسكري مدعوم إقليميًا ودوليًا عام 2013، لم يأتِ ليقود الأمة نحو تحرير فلسطين، بل لتنفيذ أجندة تتقاطع مع مصالح إسرائيل ودول التطبيع، وفي مقدمتها تصفية القضية الفلسطينية عبر خنق غزة، وتفكيك أي تحالف شعبي أو رسمي يُذكّر بالدعم التاريخي المصري للقضية.

 

ويُجمع ناشطون وسياسيون معارضون أن السيسي طالما بقي في السلطة، فإن مصر لن تقوم بدورها الطبيعي في دعم الفلسطينيين، فالرجل الذي انقلب على الرئيس الشرعي الراحل محمد مرسي المعروف بمواقفه الداعمة لغزة وحماس لا يُنتظر منه أن يحمل راية المقاومة أو يواجه المشروع الصهيوني، بل العكس تمامًا، فقد تحوّلت مصر في عهده إلى حاجز صدّ سياسي وجغرافي بين غزة والعالم.

 

وفي بيان بدا مثاليًا من حيث المضمون، دعا الدكتور علي محمد الصلابي، الأمين العام للاتحاد، الشعب المصري والأزهر والقيادة السياسية إلى تبني تحالف إقليمي تقوده القاهرة، بالتنسيق مع دول إسلامية كتركيا والسعودية وقطر، من أجل وقف الحرب ورفع الحصار. لكن البيان لم يلتفت إلى أن مصر، في ظل الحكم الحالي، أصبحت أقرب إلى "بوابة قفل" لغزة، لا "بوابة أمل".

 

ويُحذّر معارضون من أن أي مناشدة للسيسي بهذا الشأن تبقى بلا جدوى، لأنها لا تُوجّه لرئيس منتخب أو وطني، بل لعسكري وصل إلى الحكم على ظهر دبابة، بدعم واضح من محور التطبيع، ومن ثم لا يمكنه تبني مشروع يعاكس مصالح من أوصلوه إلى السلطة.

 

ورغم ما وصفته وسائل الإعلام الرسمية بتحركات دبلوماسية مصرية، ومنها نداء وجهه السيسي إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمساعدة في وقف الحرب، إلا أن الوقائع على الأرض تفضح الفجوة بين الشعارات والسياسات. فالسيسي لم يرفع الحصار، بل أدار معبر رفح وفق إيقاع التنسيق الأمني مع الاحتلال، وترك الشاحنات تنتظر حتى فسدت، كما أغلقت سفارات النظام أبوابها بوجه المتضامنين مع غزة في الخارج.

 

ويتجاهل النظام المصري دعوات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة إلى فتح ممرات إنسانية دائمة، إذ حذّر برنامج الأغذية العالمي من اقتراب غزة من مجاعة شاملة تهدد حياة أكثر من 100 ألف طفل، وسط حصار خانق تفرضه إسرائيل بدعم غربي وصمت عربي.

 

ووفق وزارة الصحة الفلسطينية، ارتفعت حصيلة المجاعة وسوء التغذية في غزة إلى 133 شهيدًا، بينهم 87 طفلًا، في وقت تخطّى فيه عدد ضحايا الحرب 204 آلاف شهيد وجريح، إلى جانب آلاف المفقودين والنازحين.

 

ويختم الاتحاد العالمي بيانه بدعوة إلى الأزهر الشريف للعب دور قيادي في تحريك الضمير العالمي، وهي دعوة قد تُقابل بآذان صماء، ما دام الأزهر مقيّدًا بقبضة أمنية لا تسمح له بالتحرك خارج سقف النظام.

 

خلاصة المشهد: طالما بقي السيسي على رأس السلطة في مصر، فإن الأدوار الكبرى التي يُفترض أن تقوم بها القاهرة لن تعود، بل ستبقى أسيرة التنسيق مع إسرائيل، ومكبّلة بتحالفات إقليمية جعلت من نظامه أحد أعمدة الحصار على غزة، فالمعركة لم تعد بين شعب وأطماع احتلال فقط، بل بين إرادة مقاومة ومشروع تطبيع ممتد في العواصم العربية.