وفاتان تحت التعذيب خلال 24 ساعة . . السيسي قتل رئيسه الذي عيّنه وزيراً للدفاع هل يأمن على حياته مواطن بسيط ؟

- ‎فيتقارير

 

لم تعد السجون المصرية في عهد المنقلب السفاح عبد الفتاح السيسي أماكن لحجز المتهمين وفق القانون، بل تحوّلت إلى مقابر للأحياء، يُمارَس فيها الموت البطيء بالإهمال الطبي والتعذيب، في مشهد يعكس غياب الدولة القانونية واستقرار نظام قمعي لا يأمن فيه أحد، حتى من أتى به إلى السلطة.

وفاتان جديدتان في 24 ساعة

في أحدث جرائم هذا النهج الدموي، أعلنت منظمات حقوقية عن حالتي وفاة خلال يوم واحد داخل أقسام الشرطة.

الشاب كريم محمد عبده بدر، البالغ 25 عامًا، توفي في قسم شرطة الصف بالجيزة يوم 27 يوليو 2025، بعد احتجازه في ظروف غير آدمية، وسط تكدس شديد وغياب تام للرعاية الصحية. وأشارت تقارير إلى بيئة اعتقال تتسم بانعدام النظافة، وارتفاع الحرارة، وانتشار المخدرات، في ظل غياب كامل للرقابة القضائية.

كما، أعلنت وفاة الطالب الجامعي أيمن صبري عبد الوهاب (21 عامًا) داخل قسم شرطة بلقاس بالدقهلية، بعد أسبوع من توقيفه دون عرضه على النيابة، حيث تقول الشهادات إنه تعرض لتعذيب وحشي داخل وحدة المباحث أدى إلى تدهور حالته الصحية ووفاته.

تسبب الحادث في احتجاجات شعبية غاضبة، فرّقتها قوات الأمن بالقوة، في مشهد يختصر كيف أصبح الموت تحت التعذيب خبراً يوميّاً في مصر، لا يستدعي استقالة مسؤول ولا حتى فتح تحقيق شفاف.

قتل من عيّنه وزيراً للدفاع

فالرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، مات داخل محبسه في 2019، بعد حرمانه من الدواء والعلاج واحتجازه في عزلة انفرادية قاسية، وهو الذي رَقّى السيسي بنفسه إلى رتبة مشير وعيّنه وزيراً للدفاع. فإذا كان هذا مصير رئيس الجمهورية، فكيف يأمن على حياته مواطن بسيط داخل قسم شرطة أو سجن؟

الموت بالسجن… بالأرقام

تشير إحصاءات "كوميتي فور جستس" إلى وفاة 1,222 محتجزًا داخل أماكن الاحتجاز المصرية منذ انقلاب يوليو 2013 حتى بداية 2025. ومن هذه الحالات، العشرات وقعت بسبب الإهمال الطبي المتعمّد، أو التعذيب، أو سوء أوضاع الاحتجاز.

 

ولعلّ أبرز هذه الجرائم هي اغتيال الرئيس محمد مرسي، الذي تُرك في زنزانة انفرادية لسنوات دون علاج من مرض السكري وارتفاع الضغط ومشاكل القلب، رغم المناشدات الدولية. وقد وثّقت هيومن رايتس ووتش وفاته باعتبارها نتيجة مباشرة "لإهمال طبي متعمّد قد يرقى إلى القتل خارج إطار القانون".

 

من المسؤول؟

الإفلات من العقاب هو السبب الجوهري لاستمرار هذه الجرائم. فلا النيابة تفتح تحقيقات حقيقية، ولا القضاء يطالب بمحاسبة الجناة، بل تتحول الأجهزة الأمنية إلى سلطات فوق القانون. وما تفعله وزارة الداخلية في هذه الوقائع، هو إما التعتيم الكامل، أو روايات مكرّرة عن "انتحار" أو "أزمة صحية مفاجئة".

 

المطلوب قبل أن يموت المزيد

المنظمات الحقوقية جددت مطالبتها بتشكيل لجنة مستقلة تضم قضاة ومنظمات حقوقية لمراجعة كافة أماكن الاحتجاز، وفتح تحقيق فوري في حالتي كريم وأيمن، مع إعلان النتائج للرأي العام، ووقف سياسة الموت البطيء التي تسود السجون وأقسام الشرطة.

لكنّ هذه الدعوات لا تجد صدى في ظل نظام يستمد شرعيته من القمع، ويحتمي بالدعم الخارجي لا الإرادة الشعبية.