دعت شخصيات وطنية في طرابلس الغرب إلى استقبال مسعد بولس مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالمظاهرات والاحتجاجات بسبب الدور الأمريكي الخبيث في ليبيا بعدما التقى رئيس الانقلاب العسكري المهزوم وقائد الشق الشرقي من ليبيا خليفة بلقاسم حفتر مع تجدد الحديث عن وجود مليشيات تابعة لحفتر في طرابلس على المستويين العسكري والسياسي.
وقال د.ناجي ابراهيم، وهو من الشخصيات الوطنية بالغرب، في مقال بعنوان "ماذا سيعطينا بولس؟": " من المفروض أن تقابل هذه الزيارة (مسعد بولس) بمظاهرات مليونية تملأ الشوارع والميادين وتغلق الشوارع رفضاً لها وتنديدا بالتدخل الأمريكي في الشأن الليبي والمطالبة برفع الهيمنة الأمريكية وتجريمها والدعوة لإنهاء جميع أشكال التدخل وإعادة القرار للشعب الليبي وإذا لم يحدث ذلك فسنشهد سفورا لم نعهده من قبل في علاقاتنا مع الخارج وستفتح أبوابا كانت مغلقة قد تضرب النسيج والقيم وحتى العقيدة لن نستطيع سدها".
وأوضح أن "بولس جاء ليأخد ولم يأتِ ليعطي وهذه سيرة وسياسة وسلوك أمريكيا وجبَلة المستعمرين..".
دور القاهرة
وفي توقيت بالغ الحساسية، استقبل خليفة حفتر، في مقره ببنغازي، مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب لشئون أفريقيا وسط تسريبات غير مؤكده عن تزامن وحضور وفود سودانية للقاء مسعد بولس، يمثلون جانب تحالف تأسيس الدوله الموازية .
وبالتزامن كشفت تقارير عن وجود مناديب لشركات مصرية في مدينتي الضعين ونيالا ، يبحثون فرص الاستثمار في النفط والمعادن والمحاصيل الخام والعبور الحدودي!
وضمن جولته زار بولس القاهرة وانطلق منها إلى شرق ليبيا ثم طرابس، وسط اتهامات من نشطاء وفاعلين في طرابلس لإحدى أكبر التشكيلات المسلحة – التي تحوّلت لاحقًا إلى جهاز أمني رسمي – بأنها الأداة التنفيذية الأساسية للمخابرات المصرية في العاصمة، وأن ما جرى من توترات واقتحامات وفوضى أمنية مؤخرًا، خاصة بعد إسقاط الجهاز الآخر الذي كانت مصر تعوّل عليه أيضًا، هو جزء من خطة مدروسة لتفكيك الحكومة وتعبيد الطريق أمام تحالف موالٍ للقاهرة.
وذلك بعد أن أعادت القاهرة استقبال خليفة حفتر قبل أسبوعين وخلال السنوات الماضية، دعمت وما زالت مباشرة شخصيات عسكرية، في ترسيخ سلطة عسكرية في شرق ليبيا يقودها حفتر، وبسطت نفوذها الاستخباراتي والسياسي في تلك المنطقة.
واستقرار الوضع لحفتر في شرق ليبيا أغرى الأجهزة المصرية في ليبيا بـ"تكرار التجربة في الغرب الليبي، وخاصة في العاصمة طرابلس، مركز الحكومة المعترف بها دوليًا، بعد هزيمة مني بها حفتر وحلفاؤه في القاهرة وأبوظبي.
وقال ليبيون إن رئيس حكومة الوفاق الوطني عبد الحميد الدبيبة وصلت له تفاصيل بهذا المخطط من داعميه من المجتمع الدولي، عندها وجّه ضربة استباقية أطاحت بالعميل الأول للمخابرات المصرية، وهو ما أدى إلى تفكيك جهاز دعم الاستقرار.
لكن بقي العميل الثاني وجهازه، الذي تردد أنه كان ينوي اعتقال الدبيبة أو اغتياله عند أول محاولة له للسفر عبر المطار الذي يسيطر عليه ذلك الجهاز.
و لعل هذا يفسر سبب نقل الرحلات الرسمية والخاصة، وحتى رحلات الإسعاف، إلى مطار طرابلس الدولي، الذي لا يزال تحت سيطرة الدولة ويُعدّ أكثر أمانًا.
وقالت تقارير إن الأخطر أن جهاز الأمن الداخلي في عهد رئيسه السابق، وكذلك جهاز المخابرات العامة، كانا يعلمان بتحركات المخابرات المصرية داخل ليبيا، بل إن اتصالات المخابرات المصرية مع قادة الجهازين الأمنيين المتهمين كانت علنية تقريبًا، في تحدٍ واضح للدولة.
غرفة عمليات
وأعلنت السفارة المصرية قبل نحو شهر إنشاء غرفة عمليات داخل السفارة لمتابعة الأحداث التي وصلت إلى فوضى منظمة وتحالفات مسلحة، استغلته الأجهزة الأمنية الموجودة في السفارة لاستغلال حرية التظاهر لخلق فوضى، حيث "تعتمد المرحلة الأولى على استغلال المساحات الديمقراطية المتاحة في الغرب الليبي، كحرية الرأي والتظاهر، لدفع الجماهير إلى الاحتجاج تحت شعارات تطالب بإصلاحات مشروعة، بينما الهدف الخفي هو نشر الفوضى، وإضعاف الشرعية، وخلق ذريعة لتدخل مسلح داخلي" بحسب تقارير.
اما الجزء الثاني فهو تشكيل تحالفات أمنية ومليشياوية للإطاحة بالحكومة، وهو تحالف خفي بين بعض القوى المسلحة في طرابلس، وتحديدًا قوتين بارزتين أصبحتا تنازعان الدولة سلطتها وتمتلكان القدرة العسكرية لتنفيذ المخطط المصري بالسيطرة على مؤسسات الدولة، وخاصة مقر رئاسة الحكومة، مع نية واضحة لاعتقال أو تصفية رموز في مجلس الوزراء أو ضباط رفيعي المستوى وأمنيين وسياسيين، في مشهد يذكرنا بحروب العصابات وأساليب المافيا.
مباركة حفتر
وتشير التقارير إلى أن المخابرات المصرية قدمت ضمانات لزعيمي القوتين المشاركتين في هذا المخطط، بضمان عدم تدخل خليفة حفتر أو استغلاله للوضع لصالحه، ووعد بتوحيد القوى المسلحة المتحالفة في كيان سياسي وعسكري واحد يحكم ليبيا، يكون فيه زعيمَا القوتين المتحالفتين شريكين لحفتر في السلطة، مع حصولهم على مناصب رفيعة في "الحكومة الموحدة".
أما زيارة مسعد بولس فيبدو أنها لتقديم تسهيل دولي وإعلامي لتمرير ما يحدث كحراك شعبي مشروع أو تغيير داخلي منظم، لذلك رصد ليبيون أنه رغم الخلافات الظاهرة بين حفتر وبعض الأطراف في الغرب، لم يصدر عنه أي موقف عدائي تجاه ما حدث في طرابلس، مما يعزز فرضية وجود تنسيق ضمني بينه وبين المشروع المصري.
حرب الظل
وقالت تقارير إنه إذا كانت هناك نية لإجراء استحقاق انتخابي، فقد تكون هذه الاغتيالات محاولة لـ "ترتيب الساحة" لصالح طرف ما، وأن المواجهات المباشرة في السابق تحشد المزيد حيث تركز القبائل على الأطراف جميعها في حين أن الطرق الملتوية تمثل حرب الظل حيث اغتيالات بلا أدلة واضحة، وهي أقل كلفة من الحروب التقليدية، وأكثر تأثيراً في زعزعة الاستقرار، كما أن رعاية الأطراف الخارجية لها تكون مأمونة العواقب لهم.
واقع يلبي رغبات بولس
الدكتور ناجي ابراهيم في مقاله قال إنه بزيارة المستشار الأمريكي مسعد بولس إلى شرق البلاد وغربها ، يكون قد نال كل ما طلبه دون عناء إلا أن التحليل يقول بولس جاء ليجني ثمار زرعتها أمريكيا بقيادتها للناتو في حربها على ليبيا عام 2011 ، والواقع ممهد تماما وجاهز ليأخد كل شيء دون أن يعطي بعضا من شيء ربما وعود لبعض الأطراف أنها ستحصل على دعم لبقائها في السلطة أو غض الطرف عن فسادها وحماية أموالها المنهوبة، وإسكات القضاء الدولي ومنعه مؤقتا على الأقل من فتح بعض الملفات المتعلقة بالفساد والإرهاب وانتهاكات قالت عنها منظمات حقوقية إنها جسيمة لحقوق الإنسان قام بارتكابها أطراف في نظام فبراير الحاليين والسابقين.
وأضاف "بولس سيعطينا مواعظ عن توحيد المؤسسات ، وكلام عن الديمقراطية وأهمية الذهاب للانتخابات ، وضرورات التوافق على قاعدة دستورية كأساس تقوم عليه عملية سياسية تنال دعم المجتمع الدولي ، سيعطينا (حكي) وسيأخد وعودا بتحقيق المصلحة الأمريكية " مؤكدا أن أمريكا لم تسع يوما "عبر تاريخها القصير الذي عرفناه بعد الحرب العالمية الثانية وتراجع دور اوربا لمصلحة غير المصلحة الأمريكية التي تأخذ ولا تعطي وبكل السبل الممكنة سلما وحربا عبر سياستها الخشنة والناعمة ولا ترى العالم الا غنيمة وجب الاستيلاء عليه وسلب مقدرات شعوبه".
وأضاف، "أربع عشرة سنة من التدخل الأمريكي في الشأن الليبي كانت كافية لفهم المشروع الغربي الأمبريالي وغايته وأهدافه ، رغم معسول الكلام في بعض الأحيان الذي يفعل مفعول السحر لبعض العقول الغضة وبعض الأشخاص الذين تدفعهم مصالحهم الخاصة والشخصية إلى تصديق وعود لم تتحقق لشعوب اخرى وقعت في فخ الهيمنة والتبعية للغرب الأستعماري".
وتابع: "ماذا جنيت هذه الشعوب غير الضعف والفشل وتراكم المشكلات والفوضى الأمنية الممنهجة ، وانتشار الجريمة ، وتعميم الفساد بمباركة من الخارج ؟.. نحن في بلادنا أُدخلنا في نفس الحظيرة التي وضع فيها الذين سبقونا ولم يخرجوا منها ، جميع محاولاتهم للخروج باءت بالفشل بفعل الوصفات الخارجية والتي لن تقود الا إلى مزيد من التردي والفشل".