قراءات متزامنة .. تجربة الإسلاميين في الحكم “فشل” مزعوم

- ‎فيتقارير

على مدى اليومين الماضيين تناول عدد من الكتاب عبر منصات التواصل أو عبر منصات المقالات في الصحف العابرة تجربة الإسلاميين في الحكم بين عدة مناطق عربيا وإقليميا بما في ذلك تجربة الإخوان المسلمين في مصر إزاء الانقلاب السريع على سنة حكم رآها البعض غير متحققة بالأساس.

وتحت عنوان “تجربة الإسلاميين في الحكم .. والفشل المزعوم !!” قال د. إسماعيل علي الأستاذ السابق بجامعة الأزهر “: “وجدتُ فئة مِن الذين لا هَمّ لهم إلا التنظير، وبيع الكلام ـ وهم محسوبون على الإسلاميين ـ يكررون في كلّ وادٍ ونادٍ أنّ الإسلاميين نجحوا في المجالات العلمية والاجتماعية والدعوية، وفشلوا فشلًا ذريعًا في الجانب السياسيّ!!”.

وأضاف “شاركْتُ ـ منذ عشرة أعوام ـ في بعض الملتقياتِ الفكريةِ، محاضِرًا، ولاحظْتُ مِن خلال الأسئلةِ أنّ مِنَ الشبهاتِ التي يُكرّرُها العلمانيون في كلِّ مكانٍ تلوِّثه أنفاسُهم: زعمَهم بأنّ التجربةَ الإسلاميةَ لم تنْجحْ في أيّ بلد”.

وتابع: ” ومع احترامنا لكل صاحب فكرٍ متجرد؛ أقول: يوجد أكثرُ من خمسين دولة إسلامية وعربية في دنيا الناس، فكم دولةً حكمها الإسلاميون في عصرنا الحاضر؟.. مَن الذي تصدر المشهد السياسيّ، وسيطر على مقاليد الحكم في العالم الإسلاميّ منذ رحيل الاستعمار الأوربيّ في منتصف القرن الماضي حتى الآن؛ هل هم الإسلاميون أم العلمانيون؟.. أليس العلمانيون ـ على اختلاف أصنافهم وراياتهم وألوانهم ـ هم مَن يقبضون على ناصية الحكم في أكثر البلاد العربية والإسلامية منذ خمسينيات القرن الماضي حتى الآن؟”.

 

تجارب وضاءة

واشار إلى تجارب الحكم الإسلامي حيث تجربة حكم الرئيس الشهيد محمد مرسي ـ يرحمه الله ـ، ومِن الظلم البيّن أن يُحكم عليه من خلال سنة واحدة، مليئة بالمؤامرات المحلية والإقليمية والعالمية، انتهت بانقلاب عسكريّ أثيم عليه، ومع هذا لم تسقط الدولة في عهده اقتصاديًّا أو علميًّا أو صناعيًّا …، ومن لم يرَ الفرق بينه وبين السيسيّ كان العمى أولى به من الهدى.

وعن تونس و”مشاركة الغنوشي وحزب النهضة في تونس، والدنيا كلها رأت كيف انقلب المجرم قيس سعيد عليهم وألقى بهم في السجون، ظلمًا وعدوانًا”.

وعن البوسنة و”رجل إسلاميٌّ كان في أوربا، هو الرئيس علي عزت بيجوفيتش ـ يرحمه الله ـ، شهد جميع المنصفين أنه أدار البوسنة والهرسك سياسيًّا وعسكريًّا بكفاءة، كما أنه يكاد يتفق أهل الفكر والنظر على أن الرجل يعدّ من المفكرين المرموقين في عصرنا.”.

وعن التجربة التركية، أضاف، “ثمةَ رجلٌ من خلفيةٍ إسلامية هو أردوغان، يكاد يتفق المراقبون والمحللون على أن فترة حكمه التي شهدتها تركيا والعالم ستظل محفورة في سجل الزمان، وخالدة في ذاكرة التاريخ، بما تحقق فيها من إنجازات عظمى، ارتقت بالبلاد والعباد، على كافة المجالات ومختلف الميادين”.

وعن أفغانستان أوضح “توجد تجربة وليدة في أفغانستان، من المبكر الحكمُ عليها، ولا يستطيع أحدٌ اتهامَها بالفشل، بل إن الأنباء الواردة من هناك تشير إلى أنهم يحققون نجاحات مهمة في إدارة الدولة.”.

ورأى أن “هذا هو حجم تواجد الإسلاميين في الحكم تقريبًا ـ في عصرنا الحاضر ـ؛ فهل هذه معطياتٌ تسوِّغ الزعم بفشل التجربة الإسلامية سياسيًّا، وإدانتهم بكل ظلمٍ وجرأة؟؟؟!!!”.

وبمقابل، الهجمات على الإسلاميين، تساءل “علي”: “ماذا عن التجربة العلمانية خلالَ سبعين عامًا، في أغلب البلاد العربية والإسلامية التي ابتُليتْ بحكم العلمانيين لها منذ رحيل “الاستعمار الأوربيِّ” في منتصف القرن الماضي؟؟؟!!!.. أين كشفُ الحساب عن تلك الفترةِ التي لم يَحكُم فيها غيرُ العلمانيين؟.. ماذا عن حال الأقطارِ العربيةِ والإسلاميةِ التي كانت مسرحًا لتجربتكم أيها العلمانيون والشيوعيون؟ .. إن الواقع المتخلف في البلاد التي نُكِبت بكم خير شاهدٍ على هذه التجربة السياسية البئيسة.”.

واستدرك “أليس حصادُ تَجْربتِكم تخلفًا في كل مجال:  • تخلُّفًا اقتصاديًّا ..  • وتخلُّفًا سياسيًّا .. • وتخلُّفًا علميًّا .. • وتخلُّفًا صناعيًّا .. • وتخلُّفًا عسكريًّا .. • وتخلُّفًا زراعيًّا .. “.

وأوضح أن “والأخطر من هذا كلِّه: دمّرْتُم الإنسان وضيعْتُم حقوقه، وسلبْتُموه كرامتَه، وصادرْتُم حرِّيّتَه .. في ظل تجربتِكم أيها العلمانيّون ضاع العرب، وضاع المسلمون، ونُهِبت الأوطان .. في ظل تجربتِكم أيها العلمانيّون زُرع الكيان ال ص h ي و ن يّ الغاصب، ونما وترعرع ..

وضاعت ف ل s ط ي ن ..في ظل تجربتِكم أيها العلمانيّون تفككت الأمة وحيل بينها وبين الوَحدة في أيّ مجال .. “.

وتابع: “في ظل تجربتِكم أيها العلمانيّون وُلِد الاستبدادُ والدكتاتوريةُ والقهرُ، وقدّمْتُم للعالم فراعنةً وجزارين ومُجرمين متسلِّطين على شعوبهم، مِن أمثال #القذافي و #عبد_الناصر، و #سياد_بري، و #حسني_مبارك، و #صدام، و #حافظ وابنِه السفاح #بشار، و #بورقيبة، و #بن_علي … وأخيرا الخائن #سيسي”.

وأشار إلى أنه “بعد هذا يتشدق العلمانيون وبعض المنظرين المحسوبين على الإسلاميين بالحديث عن فشل التجربة الإسلامية !!.. وهل حَكَم الإسلاميون ومُكِّن لهم بمثل الذي مُكِّن للعلمانيين ؟؟؟!!!”.
 

https://www.facebook.com/khallad1400/posts/pfbid0TRiJAZyAG66AQKQpyGgE6PRN1BF5jaKYVwrJ5Yvb4rVHYcwt2E5HQ8ghEFBhn14kl
 

التمكين للإسلاميين

وبالتزامن، كتب الصحفي الفلسطيني محمد عايش أحد مسئولي تلفزيون الحوار-لندن مقالا بعنوان “هل فشلت تجربة الإسلاميين في السياسة؟” ونشرته “القدس العربي” التي تصدر أيضا من لندن واتفق مع “د. إسماعيل علي” في جزئية الحكم على الشيء فرع عن تصوره (تمكنه ووقوعه) وهو ما لم يحدث بحسب “علي” فقال عايش: ” .. في مصر لم يُمارس الإسلاميون الحُكم ولا العمل السياسي الحُر ولو ليوم واحد، فما حدث خلال عامي 2012 و2013 هو أنه تم استدراجهم إلى السلطة صورياً، ولم يتم تمكينهم منها، وكان الذين استدرجوهم يريدون إظهار التجربة على أنها فاشلة، ليس لأنه كان يُراد القضاء على الإخوان المسلمين فحسب، وإنما لأنَّ المطلوب بالأساس هو إظهار أن أي ثورة ستكون نتائجها كارثية على البلاد والعباد، وأنه يتوجب التمسك بالأنظمة القائمة على علاتها لا الثورة عليها، لأن الثورة سوف تؤدي إلى نتائج أسوأ من الواقع المعاش.. وهكذا نجحت هذه الوصفة بالفعل.”.

وثني عايش أيضا بالتجارب المماثلة في القرب وأضاف، “.. تجارب الإسلاميين في الدول الأخرى، ليست محلاً للقياس، لأنها لم تكتمل، حيث تمكنوا من المشاركة في العمل السياسي بشكل محدود، وغالباً ما تقتصر مشاركتهم بالبرلمان أو البلديات، أو كليهما، دون أن يحظوا بأغلبية، ودون أن يتمكنوا من أي صلاحيات.”.

وعن الدولة العلمانية العميقة تساءل “لكن الأهم من كل هذا هو، الإجابة على السؤال القائل: هل من الممكن أن تقبل الأنظمة السياسية والدول العميقة والعالم، بالاسلاميين في السُلطة في حال كانوا أكثر براغماتية أم لا؟ وهل يُمكن استنساخ التجربة التركية في الدول العربية؟ أم أن أردوغان وحزبه هما مجرد حالة فريدة عابرة، وربما لن تتكرر في تركيا ذاتها؟”.

ويخلص عايش أنه في طل الأحوال (وهو ما يتحقق إلى حد بعيد)، “أن الحركة الاسلامية بحاجة لمراجعة شاملة، سواء لتجاربها السابقة، أو منهجها في العمل العام، وتحتاج إلى تحديد الكثير من السياسات والمفاهيم، وتحتاج لحسم الجدل حول الكثير من القضايا الشائكة.”.

 

https://www.alquds.co.uk/%D9%87%D9%84-%D9%81%D8%B4%D9%84%D8%AA-%D8%AA%D8%AC%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9%D8%9F/

 

أما الصحفي الأردني محمد أبو رومان فكتب في 2023 مقالا بعنوان “لماذا يفشل الإسلاميون؟” وفي متن المقال اشار إلى مقترح لـ د.هبة رءوف عزّت هذا السؤال، بعد تجربة الإسلاميين في الحكم، بديلاً عن السؤال التقليدي الذي طغى على دراسات حقل “الإسلام السياسي” في حقبة ما قبل الربيع العربي وفي ذروته، وكان على النقيض من ذلك يتمثل بـ”لماذا ينجح الإسلاميون؟”.

وأضاف “وما بين نجاح الإسلاميين في المعارضة والانتخابات وفشلهم أو (كما يرغبون هم بالقول) إفشالهم في تجارب الحكم في مرحلة الربيع العربي، ثمّة أسئلة وتساؤلات ونقاشات وإشكالات عديدة هيمنت على أعمال مؤتمر مهم ونوعي عقدته جامعة نورثويسترن مع جامعة واسيدا في طوكيو، في الدوحة في ذلك العام.

وعن نتائج وملاحظات عديدة يمكن الخروج بها من أوراق المؤتمر ونقاشاته، ولعلّ أهم ما أخذ حيّزاً كبيراً من المناقشة سؤال المنهج في دراسة هذه الحركات، بوصفها حقلاً بحثياً، وكانت إحدى الملاحظات الرئيسية أنّنا أمام حالاتٍ متباينةٍ متعدّدة ومتنوّعة من الضروري ألا نضعها في حزمة واحدة، بخاصة على صعيد السياقات الوطنية والمجتمعية والسياسية الخاصة بكل دولة من الدول موضوع الدراسة..

وفي تنفيد للتجارب أشار إلى أن حالة تونس كانت سقوف توقعات المجتمع من الإسلاميين بعد الثورة أكثر من قدرتهم على تحقيق نتائج سريعة في آتون أزمةٍ اقتصاديةٍ قاسيةٍ.

الدولة العميقة

وتناولت الندوات ضمن المؤتمر “البنية السياسية – الاجتماعية – الاقتصادية تجعل الفشل أقرب، في المدى القصير، إلى تجربة أي حركة أو حزب سياسي – إسلامي أو غير إسلامي يصل إلى السلطة، بمعنى أنّنا، عربياً، نعيش في دوّامة لا تميز إسلامياً عن غيره، ففي حالة مثل تونس كانت سقوف توقعات المجتمع من الإسلاميين بعد الثورة أكثر من قدرتهم على تحقيق نتائج سريعة في آتون أزمةٍ اقتصاديةٍ قاسيةٍ. في المقابل، يعتبر باحثون كثيرون أنّ الاحتجاجات السودانية قد أطاحت بحكم الإسلاميين أنفسهم، خلال ثلاثة عقود، في السودان، بينما يرى صلاح الزين، مثلاً، أنّ الإسلاميين خسروا “معركة السردية”، وفي المغرب جاء الإسلاميون بعد اليساريين، ولم يتغيّر شيء في الواقع السياسي- الاقتصادي، وفي مصر دخلوا في مواجهةٍ مع “المؤسّسة العسكرية”. وهكذا سنجد أنّ المشكلة قد تكون أعمق من مجرّد تأطيرها في سؤال الإسلام السياسي، وإنما تشمل السياقات والبنى الوطنية نفسها.

وأضاف عن “مفهوم “الدولة العميقة” وما المقصود به في العالم العربي؟ هل نتحدّث عن المؤسسة العسكرية، أم المؤسّسة الأمنية أم الجهاز البيروقراطي، أم النخبة السياسية – الاقتصادية التي تستخدم المؤسسات البيروقراطية، العسكرية والأمنية، وحتى المدنية لصالحها؟ أم الأمر يختلف من دولة إلى أخرى؟ وما هي الميكانزمات التي تستخدمها الدولة العميقة لإحداث الثورة المضادّة وحماية مصالحها؟ وهل ترتبط المسألة بقدرة القيادات الإسلامية وكفاءتها في التعامل مع هذه التحدّيات و”حقول الألغام”، أم أنّ الأمر لا يجدي ولا ينفع على المدى البعيد؟”.

واستطرد في المقال لتجارب في المغرب وتونس ثم اتفاق “أغلب المشاركين افتقار الحركات الإسلامية للنقد الذاتي والمراجعات العميقة لتجاربهم في الحكم وفي العمل السياسي عموماً، ولمراجعة المسار التاريخي بعينٍ نقدية، فيما إذا كان الإسلام السياسي قد استنفد مهمته التاريخية والأيديولوجية التي تأسّس من أجلها، في مرحلةٍ مبكّرة، وأصبحت المجتمعات العربية والمسلمة متقدّمة عليه في مجال التدين وفي الفضاء العام، وبالتالي، تجاوزته، بينما هو ما يزال يتمسّك بمهماتٍ وبأدوارٍ لم تعد المجتمعات بحاجة إليها أصلاً؟”.