فضيحة السفارات تكشف التبعية لإسرائيل: السيسي يتوسل لحماية الشكل بعدما سقط المضمون

- ‎فيتقارير

 

كشفت واقعة إغلاق السفارة المصرية في لاهاي، على يد الناشط المصري أنس حبيب، هشاشة النظام الانقلابي المصري في الخارج وارتباط قراراته السيادية – ومن بينها غلق معبر رفح – بإملاءات إسرائيلية مباشرة. الحدث الذي بدأ كاحتجاج رمزي أمام السفارة الهولندية، تحول إلى فضيحة دبلوماسية، وأجبرت المنقلب عبد الفتاح السيسي على التوسل لضمان حماية بعثاته الخارجية، وسط تصاعد الغضب الشعبي من سياساته في الداخل والخارج.

 قفل على أبواب السفارة كشف عورات النظام

الناشط أنس حبيب، أغلق أبواب السفارة المصرية في لاهاي بأقفال حديدية، في 21 يوليو 2025، احتجاجًا على استمرار إغلاق معبر رفح، واصفًا السفارة بأنها "مقفولة من عندهم مش من عندنا". الرسالة كانت واضحة: القاهرة تنفذ تعليمات تل أبيب بإغلاق المنفذ الحيوي الوحيد أمام الفلسطينيين في قطاع غزة، وتتحمل بذلك مسؤولية إنسانية وأخلاقية عن استمرار المجازر والمجاعة في القطاع.

المشهد لم يكن عادياً. فبينما يحاول أحد موظفي السفارة الاعتداء على الناشط في الشارع، كانت صورة النظام تسقط في عيون المصريين والعالم، وسط موجة انتقادات طالت ازدواجية القاهرة في ادعاء دعم الفلسطينيين بينما تشارك فعليًا في خنقهم.

 السيسي يهرول لحماية "الشكل"… بعدما سقط "المضمون"

في رد فعل مرتبك، تلقى السيسي اتصالاً من رئيس الوزراء الهولندي ديك سخوف، ناقشا خلاله أمن البعثات الدبلوماسية. السيسي لم يتحدث عن غزة ولا عن المعبر، بل طالب بتطبيق الاتفاقيات الدولية لحماية السفارات. وكأن النظام الذي يهدم البيوت على رؤوس الفلسطينيين في سيناء ويغلق المعبر منذ أشهر، أصبح فجأة حريصًا على "احترام القانون الدولي".

نظام بلا سيادة وبلا إرادة

فضيحة لاهاي ليست سوى نتيجة طبيعية لمسار طويل من التبعية والقرارات الموجهة من الخارج، بدأ منذ انقلاب السيسي في 3 يوليو 2013 على أول رئيس مدني منتخب، الدكتور محمد مرسي.

فمنذ ذلك التاريخ، تحول السيسي إلى شريك ضمني للاحتلال الإسرائيلي:

غلق متكرر لمعبر رفح، حتى في أشد لحظات الحصار والمعاناة في غزة، تارة بحجة الأمن، وتارة بطلب التنسيق.

هدم آلاف المنازل في رفح وسيناء ضمن ما سُمي بـ"المنطقة العازلة"، خدمة لأمن إسرائيل، وليس لحماية الحدود المصرية.

تنسيق أمني غير مسبوق مع جيش الاحتلال، وصل لحد اعتراف مسؤولين إسرائيليين بأن "السيسي هدية من السماء".

تجاهل دائم لجرائم الاحتلال في غزة والضفة، وبيانات رسمية باهتة لا تتجاوز "القلق العميق".

المشاركة في حصار غزة اقتصاديًا وسياسيًا، ومنع قوافل الإغاثة، واحتجاز جرحى ومصابين على المعبر.

 أين السيادة؟ ولماذا تغلق السفارات؟

إغلاق السفارات في أكثر من بلد – سواء بشكل رسمي أو عبر ضعف الخدمات – لم يكن مجرد إهمال إداري، بل يعكس أزمتين متلازمتين:

1. عزلة دبلوماسية متزايدة بسبب تراجع صورة مصر تحت حكم السيسي كدولة مستقلة أو محترمة.

2. رفض شعبي متصاعد من الجاليات المصرية في أوروبا، الذين باتوا ينظمون فعاليات واحتجاجات أمام السفارات، فضحت كثيرًا من الممارسات القمعية والفساد الإداري والسياسي.

 

■ السيسي… الحاكم بالعمولات والأوامر الخارجية

تُظهر سياسات السيسي أنه ليس أكثر من منفذ لأجندات خارجية، مقابل "الرضا الغربي" وضمان البقاء في السلطة. فمن غلق المعابر، إلى دعم صفقة القرن، إلى تهجير أهالي سيناء لصالح مشاريع إسرائيلية، كلها خطوات تشير إلى فقدان مصر استقلال قرارها الوطني.

وفي الداخل، تُنفق المليارات على مشروعات فقاعة لا تعود بالنفع على المواطنين، بينما تغيب التنمية والعدالة، ويُزج بالمعارضين في السجون، وتُقمع كل الأصوات الحرة.

واقعة لاهاي 

واقعة لاهاي لم تكن حدثًا عابرًا، بل لحظة كاشفة لسقوط قناع "الدولة المستقلة" عن نظام السيسي، الذي لا يحرك ساكنًا إلا بأوامر خارجية، وعلى رأسها تل أبيب وواشنطن. والنظام الذي يغلق المعبر أمام الجرحى والمساعدات، لن يتورع عن قمع مواطنيه داخل السفارات أيضًا، إذا استطاع.

لكن الأهم أن الشعب – في الداخل والخارج – بدأ يقول كلمته. ومع تصاعد الأزمات، يبدو أن نظام السيسي بدأ يفقد شرعيته الدولية، بعد أن فقدها محليًا منذ زمن بعيد. 

​​​​​​