لماذا يُحاكم “سوزي” ويُترك “الديهي”؟ ..حملة اعتقالات “تيكتوكرز” ضربات استباقية أم  إلهاء عن فشل السيسى!

- ‎فيتقارير

 

في توقيت مثير للتساؤلات، شنت داخلية الانقلاب خلال الأيام الماضية حملة أمنية موسعة استهدفت عدداً من صناع المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، شملت فتيات وشباناً يقدمون محتوى ترفيهياً عبر "تيك توك" و"يوتيوب" و"فيسبوك". وعلى رأسهم الفتاة المعروفة بـ"سوزي الأردنية"، البالغة من العمر 18 عاماً، والتي ألقي القبض عليها من أحد شوارع القاهرة الجديدة، بدعوى "مخالفة القيم الأسرية".

 

ورغم أن التهم الموجهة جاءت مكررة ومبهمة ــ كـ"نشر الفحش" و"خدش الحياء العام" ــ فإن توقيت الحملة يعيد إلى الواجهة أسئلة كبرى حول جدية الدولة في تطبيق معايير الأخلاق العامة، ومغزى الكيل بمكيالين في التعامل مع ما يُوصف بـ"الانحطاط الإعلامي".

 

ازدواجية صارخة في معايير النظام

تساءل مراقبون عن سبب هذه الحملة الآن، في حين كانت الدولة نفسها قبل أشهر توظف هؤلاء "التيكتوكرز" ـ بشكل غير مباشر ـ في حملات تهكم على المعارضين السياسيين أو في دعم أجندتها الإعلامية، عبر محتوى يغازل المزاج الشعبي ويوجه الرأي العام.

 

فهل تحوّل هؤلاء فجأة إلى خطر على "الذوق العام"؟ أم أن السلطة، التي فقدت السيطرة على الشارع الاقتصادي والمعيشي، باتت تبحث عن كبش فداء لتوجيه الغضب الشعبي نحو قضايا هامشية؟

 

الأدهى أن الاتهامات التي طالت هؤلاء المؤثرين تدور حول "ألفاظ خارجة" و"فجور"، بينما يمر الإعلام الرسمي الموالي للسلطة، وعلى رأسه شخصيات مثل نشأت الديهي وأحمد موسى، بلا مساءلة رغم ما يطلقونه من ألفاظ نابية واتهامات بالزنا والخيانة ضد معارضين، بشكل متكرر وعلى الهواء مباشرة.

 

هل الهدف إلهاء الرأي العام؟

يرى محللون أن الحملة الأمنية الأخيرة تحمل سمات "الإلهاء السياسي"، خصوصاً بعد الجدل الواسع الذي أثارته تقارير عن شراء النظام طائرة رئاسية فاخرة جديدة تجاوزت تكلفتها نصف مليار دولار، إضافة إلى ملايين أخرى أُنفقت على تجهيزاتها، في وقتٍ تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية طاحنة وتضخم غير مسبوق.

 

في هذا السياق، تبدو ملاحقة صانعي محتوى ترفيهي أشبه بمحاولة لصرف الأنظار عن أزمات النظام الحقيقية، أو اختبار لمدى قدرة الدولة على فرض هيمنتها على الفضاء الرقمي بعد أن فقدت السيطرة على وسائل الإعلام التقليدية.

 

"وصاية أخلاقية" تتحوّل إلى قمع سياسي

الحملة طالت أيضاً أسماء أخرى مثل "علياء مناديل"، والثنائي "أم مكة" و"أم سجدة"، بالإضافة إلى "مداهم"، وهو صانع محتوى معروف بمقاطعه الساخرة. والغريب أن معظم المحتوى المتداول لهؤلاء لا يرقى إلى ما يمكن اعتباره تحريضاً أو إساءة مباشرة، ما يفتح الباب أمام تأويلات واسعة ويعكس هشاشة المعايير المستخدمة في "ضبط الأخلاق العامة".

 

منظمات حقوقية علّقت على ما سمّته "الاستهداف المنهجي للفتيات صغيرات السن"، محذرة من أن الدولة باتت تمارس وصاية شاملة على حرية التعبير، وتحاول تحويل الرقابة الأخلاقية إلى أداة أمنية. وهو ما يعكس ـ برأيهم ـ انتقال مصر من مرحلة التضييق على الحريات إلى مرحلة تأميم الفضاء الرقمي بالكامل.

 

لماذا يُحاكم "سوزي" ويُترك "الديهي"؟

السؤال الجوهري الذي يطرحه المعارضون لا يتعلق فقط بعدم عدالة التهم، بل بازدواجية المعايير الواضحة: كيف يجرّم النظام فتاة مغمورة على كلمة ساخرة، بينما يُترك إعلاميون مقربون من السلطة ـ أمثال نشأت الديهي وأحمد موسى ـ يهاجمون المعارضين ويتهمونهم صراحة في أعراضهم ويقذفونهم بأبشع التهم دون أن تجرؤ النيابة العامة على مساءلتهم؟

 

هذه المقارنة باتت تؤكد لقطاع واسع من المصريين أن الأمر لا يتعلق بالقيم أو الأخلاق، بل بمدى ولائك للنظام.