حكومة الانقلاب حوّلت التعليم إلى سلعة…أولياء الأمور : عايزين نفهم. يعني إيه «بكالوريا»؟

- ‎فيتقارير
one caucasian young teenager silhouette boy or girl studying with computer computing laptop tired sad despair in studio cut out isolated on white background

 

 

تصاعدت انتقادات أولياء الأمور وخبراء التربية لنظام البكالوريا الذي أقرّه مجلس نواب السيسي دون مناقشة، ودون إجراء حوار مجتمعي أو عرضه على الخبراء المتخصيين في التعليم .

وحذر الخبراء من أن تطبيق هذا النظام سوف يكشف عن كوارث لا تتحملها الأسر المصرية ولا الطلاب ولا النظام التعليمي .

وقال الخبراء: إن "ما تم طرحه كان مجرد تغيير مسمى شهادة ليس لها علاقة بمفهوم البكالوريا الدولية المعروفة، مؤكدين أنه لم يتم الإعلان عن المعايير التي تبناها وزير تعليم الانقلاب ومؤيدوه في هذا التغيير".

وأكدوا أنه تم تجاهل نقابة المعلمين بشكل تام، واكتفى مسئولو الانقلاب بإرسال المشروع إليها كإجراء شكلي فقط.

 

يعني إيه «بكالوريا»؟

 

من جانبها أعربت منى علاء، ولية أمر لطالب بالصف الثالث الإعدادي، عن قلقها من نظام البكالوريا .

وتساءلت : إحنا مش ضد التطوير، بس عايزين نفهم، يعني إيه «بكالوريا»؟ وهل هي تعتبر أفضل من الثانوية العامة؟، وهل شهادتها معترف بها في الجامعات؟

وقال وليد جمال، موظف وأب لطالبة في الصف الأول الثانوي: إن "الغموض وعدم وضوح التفاصيل يشكلان تحدياً كبيراً أمام أولياء الأمور". .

وأضاف : كل شوية يظهر نظام جديد، ولا مناهج واضحة، ولا طرق تقييم معروفة، إزاي نختار وإحنا مش فاهمين؟.

وتساءل محمود عبدالرحيم من الجيزة : إذا كانت «البكالوريا» اختيارية ومجانية، لماذا لا توجد حملات توعية واضحة وواسعة النطاق، معتبراً أن معظم التغيرات تأتي فجأة دون إعداد مسبق.

وقالت المعلمة رحاب مجدي: "المشكلة ليست في الفكرة، بل في التطبيق، موضحة أن الأمر يحتاج إلى تدريب المعلمين، وتوفير بنية تحتية مناسبة، ومناهج واضحة قبل أي تغيير، وإلا سنعود إلى دائرة الحشو والتخبط والضغط النفسي على الطلبة".

 

تغيير مسمى

 

من جانبه قال الدكتور محمد عبد العزيز، الأستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس: إن "نظام البكالوريا تمت الموافقة عليه من مجلس نواب السيسي دون اللجوء إلى المتخصصين والحوار المجتمعي، فهو ليس تطوير منظومة تعليمية بل هو مجرد تغيير اعتدناه مع كل وزير دون إستراتيجية موحدة للتعليم، سرعان ما سيعتريه العديد من المشكلات".

وأكد «عبدالعزيز»، في تصريحات صحفية أن هذا النظام يدل على عدم وجود إستراتيجية موحدة للتعليم، لأنه لابد أن يطرح الموضوع في إطار منظومة تعليمية لمتعلم سبق أن مر بمرحلتي تعليم أساسي، ووفق إطار عام وإطار نوعي، وهذا لم يعلن ولم أره فيما تم طرحه.

واعتبر أن ما تم طرحه كان مجرد تغيير مسمى شهادة ليس لها علاقة بمفهوم البكالوريا الدولية المعروفة، كما أنه لم يحتو سوى على تغيير ترتيب مقررات مفتقدة إلى معايير حقيقية، مؤكدا أنه لم يتم الإعلان عن المعايير التي تبناها وزير تعليم الانقلاب ومؤيدوه في هذا التغيير.

وأوضح «عبد العزيز» أنه لم يطرح إطار عام للمرحلة أو إطار نوعي وفق ما تحدده معايير تطوير المناهج العالمية وارتباطه بمصفوفة المدى والتتابع للمراحل السابقة، لافتا إلى أن ما أعلن مجرد طرح لمقررات تم ترتيبها بشكل قد يبدو ظاهريًا تطوير يفتقد إلى معايير تطوير المناهج، ولكنه يحمل العديد من الأزمات التي ستأتي في حال التطبيق دون دراسة مستفيضة.

 

الدروس الخصوصية

 

وحذر من أن هذا النظام سيزيد العبء على الأسرة المصرية ولن يقضى على الدروس الخصوصية، لعدد من الأسباب منها: نظام التحسين الذي سيتسبب في زيادة التنافسية بين الطلاب، خاصة أن التقييم أصبح على مدار سنتين، يضاف إلى ذلك السلبيات الكثيرة التي يتضمنها هذا النظام، مؤكدا أنه لا يمكن أن يتم إقرار نظام تعليمي في غياب الإطارين العام والنوعي والمعايير المتبعة في تطوير نظم التعليم المعترف بها دوليًا.

وبالنسبة لنظام المسارات المعلن كشف «عبدالعزيز» أنه يختلف عن IG وعن النظام الأمريكي ولا يوجد أي تشابه لا في المعايير أو المضمون، وإذا تمت مقارنته بنظام الثانوية العامة الحالي زاد الأمر صعوبة رغم تحديد المسارات التي يمكن أن يتوجه إليها الطالب .

وشدد على أنه كان لابد قبل طرح المنظومة -إذا أسميناها منظومة، وهي ليست بمنظومة أن تتم مراجعة حقيقية للبناء المعرفي للطالب خلال مرحلتي التعليم الأساسي؛ لأنها هي التي يبنى عليها المقترح الجديد للثانوية العامة حتى يكون هناك استمرارية في تتبع بناء الطالب بعد انتهائه من التعليم الأساسي، وخاصة أن هناك تسرعا في تطبيق المقترح العام المقبل على طلاب كان لابد من التأكد من بنائهم  وبما يتفق ويتسق مع المقترح.

 

سرعة البرق

 

وأعرب الخبير التربوي هلال عبدالحميد، عن مخاوفه الشديدة من الطريقة التي أقر بها القانون.

 

وقال: إن "القانون رقم (139) لسنة 1981، المعروف بقانون التعليم، ليس مجرد تشريع عادى، بل هو قانون يحدد ملامح مستقبل مصر، ويهم الغالبية الساحقة من الشعب".   

واستنكر «عبدالحميد» في تصريحات صحفية سرعة مناقشة وتعديل القانون، مشيراً إلى أن التعديلات أرسلت لأعضاء مجلس نواب السيسي في نفس يوم مناقشتها، دون مهلة كافية للقراءة أو النقاش، في مخالفة للإجراءات التشريعية المعتادة التي تسمح للأعضاء بالتعمق في محتوى المشروع.

وأوضح أن الأمانة العامة لمجلس نواب السيسي عادة ما ترسل مشروعات القوانين بعد صدور تقارير اللجان بفترة كافية، ولا تسمح بإجراء تعديلات خلال 48 ساعة قبل الجلسة، بينما حدث العكس تماماً مع هذا القانون، الذي تم إقراره بسرعة «البرق» في جلسات الدور الأخير للفصل التشريعي.

وأضاف «عبدالحميد» أن اللجنة المشتركة التي درست القانون عقدت اجتماعات في 1 و2 و6 يوليو 2025، وزعمت حضور معظم أعضاء مجلس نواب السيسي، وهو أمر غير منطقي، خاصة وأن عدد النواب 596 نائباً، بينما قاعات اللجان صغيرة جداً ولا تتسع لهذا العدد. كما انتقد عدم وضوح عدد الحاضرين الفعلي في كل جلسة.

وأكد أن القانون لم يناقش في عمق، ولم تجرَ أي حوارات مجتمعية حقيقية قبل إقراره، ولم يستمع لرأي المعلمين والطلاب وأولياء الأمور، أو حتى المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي الذي كان من المفترض عرضه عليه حسب القرار الجمهوري رقم (523) لسنة 1981.

وأشار «عبدالحميد» إلى أن نقابة المعلمين، التي لم تجر بها انتخابات منذ 13 عاماً، تم تجاهلها بشكل تام، واكتفى المسئولون بإرسال المشروع إليها كإجراء شكلي فقط.

 

أوضاع صعبة

 

وفيما يخص المعلمين، أوضح أن القانون لم يشر إلى تحسين أوضاعهم، رغم أن المادة (22) من الدستور تؤكد على أن المعلم هو الركيزة الأساسية للعملية التعليمية، وأن الدولة تلتزم بتنمية كفاءته العلمية، ورعاية حقوقه المادية والأدبية، مشيرا إلى أن الإهمال في تحسين وضع المعلم يثير تساؤلات حول جدية حكومة الانقلاب في تطوير التعليم، خاصة وأن الكثير من المعلمين يعانون ظروفاً مادية صعبة، وتفتقر المدارس إلى المعامل والفنيين والعمال اللازمين لدعم العملية التعليمية.

وأعرب «عبدالحميد» عن أسفه لأن حكومة الانقلاب تواصل تجاهل نصوص الدستور، ليس فقط في مجال التعليم، حيث تنص المادة (18) على تخصيص ما لا يقل عن 3% من الناتج القومي الإجمالي للصحة، لكنها تخطت هذا الالتزام عبر قانون يسمح بتأجير المستشفيات للقطاع الخاص، ما أدى إلى أزمة في منظومة الصحة الوطنية، وفى مشروع قانون التعليم الجديد، يتضح توجه حكومة الانقلاب نحو تحويل التعليم إلى سلعة، خاصة من خلال فرض رسوم إعادة الامتحانات التي تراوحت بين 200 و2000 جنيه، قبل تعديلها لتصبح بحد أقصى 1000 جنيه، ما يهدد مبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليه في المادة (9) من الدستور.