رغم الإعلانات المتكررة والمبادرات الوهمية التى تطرحها حكومة الانقلاب بزعم تخفيض الأسعار بما يتراوح بين 5% و 15% إلا أن الأسعار تواصل ارتفاعها بصورة جنونية بل تساهم حكومة الانقلاب نفسها فى هذا التوجه من خلال اصدار قرارات بزيادة اسعار بعض السلع والمنتجات خاصة الوقود والكهرباء خضوعا لإملاءات صندوق النقد والبنك الدولى فى سياق ما تسميه برنامج الإصلاح الاقتصادى المزعوم
وتشهد مصر في زمن الانقلاب موجة من التضخم الحاد وارتفاع الأسعار في مختلف القطاعات الاقتصادية، مما يسبب تآكلًا كبيرًا في القدرة الشرائية للمواطنين.
هذه الموجات تجعل الوضع الاقتصادي في البلاد يهدد الاستقرار المعيشي للكثيرين، حيث يعاني الكثير من الأفراد من صعوبة في تلبية احتياجاتهم الأساسية نتيجة لتضاعف الأسعار، بينما تشير التوقعات إلى أن الأزمة قد تستمر لفترة طويلة إذا لم تتخذ إجراءات حاسمة.
الخبراء من جانبهم حذروا من أنه إذا لم تُتخذ حكومة الانقلاب خطوات جادة لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه المشكلة، فإن الوضع قد يستمر في التأثير على الفئات الأكثر تضررًا في المجتمع.
وأكد الخبراء أن القدرة الشرائية للمصريين في تدهور مستمر نتيجة للارتفاع الحاد في الأسعار والتضخم المتزايد، مطالبين بالتنسيق بين حكومة الانقلاب والقطاع الخاص والمجتمع المدني واتخاذ قرارات واجراءات ملموسة للحد من تأثير هذه الأزمة على الحياة اليومية للمواطنين.
معدل التضخم
يشار إلى أنه وفقًا للتقارير الحكومية، بلغ معدل التضخم في زمن الانقلاب مستويات غير مسبوقة خلال الأعوام الأخيرة.
وفي أحدث بيانات البنك المركزي المصري، وصل التضخم السنوي في عام 2023 إلى ما يزيد عن 30%، ما يعني أن الأسعار ترتفع بوتيرة أسرع من دخول المصريين.
فى هذا السياق شهدت السلع الأساسية مثل المواد الغذائية، الوقود، ووسائل النقل زيادات هائلة، وهو ما يفرض ضغوطًا شديدة على الطبقات المتوسطة والفقيرة.
مصاريف الأسرة
حول انعكاسات هذه الأزمة على معيشة المواطنين قال أحمد السيد موظف حكومي في الأربعين من عمره،: كان مرتبى يمكننى من تغطية مصاريف الأسرة الشهرية منذ عامين، لكن الآن أصبحت الأسعار ترتفع بشكل يفوق قدراتي.
وأشار السيد إلى أن أسعار الخضروات، واللحوم، والمواصلات زادت بشكل رهيب مؤكدا أنه يعيش في حالة من القلق الدائم حول كيفية تأمين احتياجاته الأساسية.
الأطفال
وقالت مريم مصطفى، مدرسة : في الماضي، كان بإمكاني شراء احتياجات أسرتي بأسعار معقولة، ولكن الآن أصبحنا نحتاج إلى التفكير بعناية في كل شيء نشتريه لأنه لا توجد أموال كافية لكل ما نريده ونحتاج اليه.
وأضافت مريم مصطقى : حتى الأطفال يعانون من عدم القدرة على الحصول على بعض الكماليات والرفاهيات التي كانت متاحة في السابق .
قيمة الجنيه
وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده، أننا أمام أزمة تضخمية حادة بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية. موضحا أن الأسباب الرئيسية لهذه الأزمة تتعلق بانخفاض قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، خاصة الدولار، مما أدى إلى زيادة تكلفة الواردات.
وقال عبده فى تصريحات صحفية : التضخم أصبح محركًا رئيسيًا لارتفاع الأسعار في الأسواق المحلية، والمواطن هو من يدفع الثمن الأكبر.
وأشار إلى أن القدرة الشرائية للمواطنين تآكلت بشكل ملحوظ موضحا أنه في الماضي، كان يمكن للأسر ذات الدخل المتوسط أن تستفيد من تزايد الاستهلاك، لكن الآن أصبح معظم الناس لا يستطيعون تحمل تكاليف الحياة اليومية.
إصلاحات هيكلية
وشدد الخبير الاقتصادي الدكتور هاني توفيق على أن مواجهة ارتفاع الأسعار يتطلب إصلاحات هيكلية على مستوى الاقتصاد الكلي موضحا أن التضخم ليس مجرد زيادة في الأسعار، بل هو انعكاس لانخفاض قيمة العملة وزيادة تكلفة الإنتاج بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام.
وقال توفيق فى تصريحات صحفية : الإصلاحات الاقتصادية من خلال زيادة الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد قد تكون بداية الحل، ولكنها تحتاج إلى وقت طويل.
وأشار إلى أن تأثير التضخم يتجاوز مجرد الأسعار؛ مؤكدا أنه يؤثر على الطبقات الاجتماعية بشكل غير متساوٍ. الطبقة الفقيرة هي الأكثر تأثرًا، بينما الطبقات الأعلى قد تتمكن من التكيف مع الارتفاعات، لكن الطبقات المتوسطة تظل الأكثر تضررًا.
وأرجع توفيق زيادة معدلات التضخم إلى ارتفاع أسعار الوقود في السنوات الأخيرة وهو ما أثر على تكاليف النقل والإنتاج، مما انعكس بشكل مباشر على أسعار السلع والخدمات بالإضافة إلى زيادة تكاليف الإنتاج بسبب الأزمات الاقتصادية العالمية، مثل أزمة الطاقة، وبالتالى ارتفعت أسعار المواد الخام، مما أدى إلى زيادة التكاليف على الشركات المصرية.