تراجع مشتريات النفط المصرية يكشف عمق الارتباط الاقتصادي مع إسرائيل

- ‎فيتقارير

 

في خطوة لافتة، كشفت وكالة بلومبيرغ أن حكومة الانقلاب تراجعت عن شراء أكثر من مليوني برميل من النفط كانت قد تعاقدت عليها مبدئيًا في يونيو الماضي، بعد توقف مؤقت لإمدادات الغاز من إسرائيل. القرار جاء عقب ضمان القاهرة الحصول على كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال تكفي لتشغيل محطات الكهرباء خلال الصيف.

تقرير الوكالة أوضح أن الهيئة المصرية العامة للبترول ألغت نصف مناقصة لشراء 14 شحنة من زيت الوقود، وأعادت جدولة جزء من الشحنات السابقة، في وقت تزامن مع استئناف إسرائيل إنتاج الغاز من أكبر حقولها، ليفياثان، بعد هدنة مع إيران، ما سمح بزيادة التصدير إلى مصر وانخفاض أسعار الغاز عالميًا.

اللافت أن هذا التطور يأتي في ظل تحوّل مصر، العام الماضي، من مصدّر للغاز الطبيعي المسال إلى مستورد، بعد تراجع الإنتاج المحلي وارتفاع الطلب. وفي هذا السياق، أعلن الجانبان، المصري والإسرائيلي، عن صفقة تاريخية لتوريد 130 مليار متر مكعب من الغاز إلى القاهرة على مدى 15 عامًا، بقيمة تقديرية تتجاوز 35 مليار دولار.

ويرى محللون أن ما يبدو قرارًا اقتصاديًا ظرفيًا، يخفي في جوهره معادلة جديدة في سوق الطاقة المصرية، حيث بات الغاز الإسرائيلي ركيزة أساسية في مزيج الطاقة الوطني، على حساب مصادر بديلة كانت القاهرة تلجأ إليها سابقًا مثل مشتريات النفط وزيت الوقود من الأسواق العالمية. هذا الاعتماد المتزايد يمنح إسرائيل ورقة ضغط اقتصادية وسياسية على مصر، ويكشف عن تقارب استراتيجي بين حكومة السيسي وتل أبيب يتجاوز ملفات الطاقة ليطال حسابات الأمن والسياسة الإقليمية.

كما أن تراجع مشتريات النفط يطرح تساؤلات حول قدرة القاهرة على تنويع مصادرها في ظل البنية التحتية المحدودة لتخزين الوقود، والمخاطر الجيوسياسية التي قد تعرقل إمدادات الغاز. فبينما يروّج النظام المصري للعلاقة مع إسرائيل على أنها "شراكة اقتصادية"، يراها كثيرون مسارًا نحو ارتهان استراتيجي قد يصعّب على مصر مستقبلاً اتخاذ قرارات مستقلة في ملفات الطاقة والأمن.