في وقت تتهرب فيه حكومة المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي من الالتزام بالنسب الدستورية للإنفاق على التعليم والصحة، ادّعى وزير مالية السيسي؛ أحمد كجوك، خلال لقاء له مع قناة "سي إن بي سي عربية" 6 أغسطس الجاري، أن قطاعي "الصحة والتعليم" شَهدا أكبر زيادة في المخصصات بموازنة العام المالي الجاري 2026/2025، مقارنةً بباقي القطاعات الوظيفية، ما يعبر عما وصفه بـ"فيه انحياز أكبر فيهم".
وكان دستور الانقلاب "2014 في المادة 19، أقر بإنفاق 4% كحد أدنى من إجمالي الناتج القومي على التعليم- ما قبل الجامعي- وتتصاعد تلك النسبة تدريجيًا حتى تصل إلى المعدلات العالمية.
وبلغت ميزانية التعليم في العام 2024/ 2025 نحو 294 مليارًا و643 مليون جنيه، وهو المبلغ الذي يمثل 1.7% من الناتج المحلي المتوقع 17.4 تريليون جنيه، وليس 4% كما يقر الدستور.
ورغم زيادة ميزانية الصحة خلال سنوات حكم رئيس الانقلاب، إلا أنها لم تصل بعد إلى النسبة الدستورية للإنفاق على الصحة، والمقررة في المادة 18 من الدستور المصري، بنسبة 3% من الناتج المحلي.
حيث نص دستور 2014 في المادة 18 بأن: "تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية".
وبلغت الزيادة في ميزانية الصحة إلى 128 مليار جنيه في العام الماضي 2022/ 2023، ولم تصل نسبة الإنفاق سوى إلى 1.6% من الناتج المحلي البالغ 7.9 تريليون جنيه، ورغم زيادة ميزانية الصحة مرة أخرى إلى 148 مليار جنيه في العام 2023/ 2024، ولكن أيضًا لم تصل بنسبة الإنفاق على الصحة سوى إلى 1.5% فقط من الناتج المحلي البالغ 10.2 تريليون جنيه، أي نصف ما يفرضه النص الدستوري.
و القطاعات الوظيفية، طريقة لتصنيف الإنفاق العام في الموازنة، وفقًا لوظائف أو أهداف كل قطاع، وليس إنفاق وزارة أو جهة محددة. مثلًا قطاع الخدمات العامة يشمل الإنفاق على الأجهزة التنفيذية، والتشريعية، وجهات أخرى مثل الجهاز المركزي للمحاسبات.
وقالت تقارير: إن "زعم وزير مالية عبدالفتاح السيسي يعني استمرار محاولات مختلفة من قبل حكومة الدعاية بإنفاقها الكبير على "الصحة والتعليم"، وتحقيقها للنسب المنصوص عليها دستوريًا في الإنفاق، وهو ما تفنده البيانات الرسمية، وأوضحه فريق #متصدقش في تقارير سابقة (الروابط في التعليقات)".
شهدت مخصصات قطاع الخدمات العامة، أكبر زيادة بنسبة 26%؛ إذ بلغت 2.7 تريليون جنيه، فيما كانت 2.15 تريليون في موازنة العام الماضي 2025/2024، وتستحوذ الفوائد على نصيب الأسد من مصروفات القطاع المتوقعة، بإجمالي 2.27 تريليون جنيه.
وفي المركز الثاني مخصصات "الصحة" البالغة 246.2 مليار جنيه، بزيادة بنسبة 23% عن العام الماضي، التي خُصصت لها فيه 200.1 مليار جنيه، وارتفعت مخصصات "حماية البيئة" بنسبة 18%، من 4.8 مليار جنيه إلى 5.6 مليار جنيه لتأتي في المركز الثالث.
وجاء في المركز الرابع "الحماية الاجتماعية" التي ارتفعت مخصصاته بنسبة 16%، لتبلغ 636.8 مليار جنيه، فيما كانت 548.7 مليار جنيه في العام الماضي، وتستحوذ مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية، على النصيب الأكبر من الإنفاق في ذلك القطاع، بقيمة 628.8 مليار جنيه.
وجاء قطاع النظام العام وشؤون السلامة العامة، في المركز الخامس، لترتفع مخصصاته من 122.7 مليار جنيه، إلى 140.8 مليار جنيه، ويستحوذ بند الأجور وتعويضات العاملين على النصيب الأكبر منها، بقيمة 103.7 مليار جنيه.
أتى "التعليم" في المركز السادس لترتفع مخصصاته من 294.6 مليار جنيه إلى 315 مليار جنيه، في العام الحالي بنسبة زيادة 7%، وفي المركز السابع جاء قطاع الشؤون الاقتصادية، الذي ارتفعت مخصصاته من 147.9 مليار جنيه، إلى 155.87 مليار جنيه في 2026/2025 بنسبة زيادة 5%.
وفي المركز الثامن جاءت زيادة مخصصات "الشباب والثقافة والشؤون الدينية"، لترتفع من 79.8 مليار جنيه إلى 81.4 مليار جنيه في العام الجاري بنسبة زيادة 2%، فيما انخفضت مخصصات "الإسكان والمرافق المجتمعية" بنسبة 31%، من 205.4 مليار جنيه إلى 142.5 مليار جنيه.
تبعات مؤلمة
ومن أبرز التبعات السياسية إلفاء الدور المهني العمالي، للحد من شكاوى المعنيين في الطرفين سواء المعلمين أو الأطباء، فأبعدت السلطة النقابيين المنتخبين في الجهتين في المعلمين والأطباء سواء بالاعتقال أو التهديد بالاعتقال أو بالاستدعاء للتحقيق كما حدث مع أمين عام مساعد الأطباء خالد أمين قبل شهرين.
ولا تعلب النقابات المهنية في ظل العسكر دورا معارضا حتى المحامين والصحفيين كنقابتي رأي ودائما دورا في التوسط بين المواطنين كجماعة مهنية معينة، وبين الدولة، والوساطة لتسويات جديدة يمكن أن تساعد الطرفين (بالحد الأدنى) على الحفاظ على مصالحهم والوصول لحلول وسط ومنع انفجارات مؤجلة.
ونقابة الأطباء واحدة من أكثر النقابات إزعاجا للسلطة في مصر، ورفضت ابتداء قانون المسئولية الطبية وحاولت تقديم للأطباء دعم تعليمي ومشاريع خدمية في حدود الإمكانات المحدودة للنقابة، وهي مما يخفف الأعباء عن الأطباء في مصر، فضلا عن مواجهة ظاهرة هجرة الأطباء بسبب ألأوضاع المالية.
أما نقابة المعلمين فتورط النقيب وأعضاء بالمجلس المعين، في رشاوى واختلاسات من خلال مبنى النقابة على النيل من جانب الزمالك حول النقابة إلى تابع لوزير التعليم الانقلابي المعين، في حين أن أغلب المنتخبين معتقلين في سجون السيسي وترعى الأجهزة الأمنية النقابة، التي تحولت إلى سرقات واختلاسات بعهد العسكر وما زال المعلم في ذيل الوظائف الحكومية من حيث الراتب والاهتمام الرسمي بأوضاعه المالية وأجره المتدني، فضلا عن ضياع حقه الأدبي ما أفضى إلى كوارث ضياع أجيال وانتشار الغش وضياع نواتج العملية التعليمية.