في خطوة جديدة تثير الجدل، تتهيأ حكومة المنقلب عبد الفتاح السيسي لرفع أسعار الغاز للمصانع بنسبة تتراوح بين 15% و20% اعتباراً من سبتمبر المقبل، رغم توقيعها صفقة عملاقة مع الاحتلال الإسرائيلي بقيمة 35 مليار دولار تمتد حتى عام 2040، لتوريد الغاز إلى السوق المصرية.
القرار، الذي يأتي ضمن خطة متفق عليها مع صندوق النقد الدولي لإلغاء دعم الطاقة بنهاية 2025، سيحمل المواطن المصري أعباء إضافية في وقت تتفاقم فيه أزمة المعيشة وارتفاع معدلات التضخم.
الحكومة تبرر الزيادة بارتفاع فاتورة استيراد الغاز المسال إلى نحو 20 مليار دولار، وزيادة أسعار الشراء من الشركاء الأجانب والغاز الإسرائيلي بنحو 30% خلال يوليو وأغسطس. لكن خبراء الطاقة يؤكدون أن الصفقة مع تل أبيب لن تخفّض الأسعار محلياً، إذ تستورد مصر الغاز من إسرائيل بمتوسط 7.64 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، وهو قريب من تكلفة إنتاجه محلياً، مع أعباء إضافية تتعلق بالتشغيل والصيانة وسداد القروض.
السيناريوهات المطروحة داخل لجنة تسعير المحروقات تشمل رفع السعر مباشرة إلى 7 دولارات، أو زيادته تدريجياً إلى 8 دولارات، أو ربطه بسعر السوق العالمي في نطاق بين 6.5 و9 دولارات. وفي كل الأحوال، النتيجة واحدة: تحميل المستهلك الصناعي — ومن ورائه المواطن — الفارق، مع انعكاس مباشر على أسعار السلع الأساسية مثل الأسمدة ومواد البناء.
اتحاد الصناعات وجمعيات رجال الأعمال حذروا من فقدان القدرة التنافسية للصادرات المصرية في مواجهة الأسواق العربية التي تحصل على طاقة مدعومة، مما يهدد خطط الحكومة لزيادة الصادرات إلى 100 مليار دولار بحلول 2030. كما أن رفع أسعار الغاز في ظل الركود الحالي سيؤدي إلى تقليص الإنتاج، خاصة في صناعات الحديد والأسمنت والسيراميك، ما يعني فقدان وظائف وتراجع الاستثمارات.
أما الفلاحون، فيرون في القرار تهديداً مباشراً للقطاع الزراعي، إذ سترتفع كلفة التسميد والري، ما يجبرهم على رفع الأسعار أو تقليص المساحات المنزرعة، وهو ما قد يضرب إمدادات الغذاء المحلية وفرص التصدير.
بهذه المعادلة، يجد المواطن نفسه مجبراً على دعم الاقتصاد الإسرائيلي عبر استيراد الغاز بأسعار مرتفعة، بينما يتحمل وحده تبعات ارتفاع الأسعار مم محلياً — في صورة فواتير أكبر، وسلع أغلى، ورواتب لا تواكب التضخم.