تقدّمت القاهرة بطلب رسمي لشراء منظومة الدفاع الجوي المتقدمة “ناسامز” (NASAMS) من الولايات المتحدة، في صفقة تبلغ قيمتها نحو 4.67 مليار دولار. ووافقت وزارة الخارجية الأمريكية على الطلب، وأحالته إلى الكونجرس في 24 يوليو الماضي، إلا إنه وإلى الآن لم يتم الرد.
وكان تقرير أعده (المعهد المصري للدراسات) قد أشار إلى أنه رغم امتلاك الولايات المتحدة، لمنظومة (باتريوت)، إلا أنها امتنعت مرارًا عن تزويد مصر بأي تكنولوجيا دفاع جوي متقدمة، تحت ضغط من “إسرائيل”.
وأن هذا الضغط الفاعل امتد إلى مقاتلات إف-16 المصرية المحرومة من صواريخ AIM-120 متوسطة المدى، ما يحد من كفاءتها القتالية.
وبحسب لجان المخابرات فإن مصر تستخدم أنظمة دفاع جوي متنوعة، منها أنظمة S300 روسية الصنع، وأنظمة محلية الصنع (EADS)..
وأشارت تقرير إلى أن سعي مصر لتعزيز قدراتها في مجال الدفاع الجوي في ظل التحديات الإقليمية المتغيّرة، لا يقتصر على الحصول على منظومة صواريخ حديثة، بل تشمل أيضاً صواريخ AIM-120 جو-جو المتوسطة المدى (AMRAAM)، وهو سلاح سعت مصر منذ سنوات طويلة لاقتنائه دون أن تنجح، ما يثير تساؤلات بشأن إمكانية استخدامه ليس فقط ضمن منظومة “ناسامز”، بل أيضاً على متن أسطول مقاتلات “إف-16” المصرية.
وأثبتت "ناسامز" منظومة دفاع جوي متعددة الاستخدامات فعاليتها، حيث إنها إنتاج شراكة بين شركة “كونغسبيرغ” النرويجية و”رايثيون” الأمريكية، وتخدم حالياً في أكثر من 12 دولة، منها الولايات المتحدة (لحماية العاصمة واشنطن)، والنرويج، وفنلندا، وإسبانيا، وهولندا، وعُمان، وليتوانيا، وإندونيسيا، وأستراليا، وقطر، والمجر، وأوكرانيا، إضافة إلى دولة لم يُكشف عنها. وقد تأكدت فعاليتها الميدانية بوضوح في أوكرانيا، حيث لعبت دوراً محورياً في التصدي للهجمات الجوية الروسية.
الحاجة المصرية لمنظومة دفاع جوي بعيدة المدى
تقرير المعهد المصري أشار نقلا عن مجلة "الدفاع العربي" إلى أن القاهرة تُواجه حاجة ملحة لتعزيز قدراتها في مجال الدفاع الجوي بعيد المدى، في ظل تصاعد التهديدات الإقليمية المحيطة بها. وعلى الصعيد العالمي، لا تتوفر هذه التكنولوجيا المتقدمة إلا لدى ثلاث قوى كبرى هي الولايات المتحدة، وروسيا، والصين.
ورغم أن روسيا تُعد نظريًا من بين الدول القادرة على تلبية هذا الاحتياج، عبر عرض منظومتها المتقدمة “إس-400″، إلا أن واقع الأمر مختلف. فمنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022، تراجعت القدرات التصنيعية الروسية بشكل ملحوظ، إلى درجة أنها باتت بالكاد تلبي متطلبات جيشها. وإلى جانب ذلك، فقد أظهرت منظومات “إس-300″ و”إس-400” أداءً ضعيفًا في ساحات القتال الأوكرانية، حيث جرى تدمير عدد منها، ما أضعف كثيرًا من مكانتها في الأسواق الدولية وقلّص من جاذبيتها كخيار استراتيجي للدول الباحثة عن منظومات فعالة وحديثة.
المنظومة الصينية
في ضوء هذه المعطيات، تبقى الصين هي الخيار العملي الوحيد أمام مصر، ومنظومة HQ-9B تمثل حلاً منطقيًا ومتوازنًا من حيث الأداء والتكلفة.
من الناحية المنطقية، لا يُستبعد أن تكون مصر قد حصلت بالفعل على منظومة HQ-9B، نظرًا لحاجتها الملحة وقدرة الصين على التوريد، فضلًا عن سجل المنظومة الإيجابي في القتال الحقيقي. لكن، في غياب أي تأكيد رسمي من القاهرة أو بكين، تبقى هذه التقارير في دائرة التكهنات.
وبالنظر إلى الشائعات السابقة بشأن مقاتلات J-10CE التي اتضح عدم صحتها، فإن مستوى مصداقية الأخبار الحالية حول HQ-9B قد يكون أقل منها، حتى إشعار آخر.
وقال اللواء سمير فرج، الخبير العسكري ومدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق بالقوات المسلحة المصرية، خلال مقابلة تلفزيونية على قناة “صدى البلد”، إن الجيش المصري يمتلك منظومة متكاملة من أنظمة الدفاع الجوي الحديثة والمتنوعة. ولفت إلى أن من بين هذه المنظومات، توجد المنظومة الصينية بعيدة المدى HQ-9B التي وصفها بأنها تضاهي في قدراتها منظومة “إس-400” الروسية، ما يعكس تطور البنية الدفاعية المصرية واعتمادها على مصادر تسليح متعددة لضمان التوازن والجاهزية في مواجهة مختلف التهديدات.
وكانت هذه المرة هي الأولى التي يُعلن فيها رسميًا عن تشغيل مصر لمنظومة الدفاع الجوي الصينية المتطورة HQ-9B، وهو ما يُشير إلى توجه واضح نحو تنويع مصادر التسليح وتوسيع الشراكات الاستراتيجية في مجال الدفاع. كما يُعزز هذا الإعلان من قدرات منظومة الدفاع الجوي المصري، لا سيما في مجال التصدي للتهديدات الجوية بعيدة المدى، في ظل بيئة إقليمية تتسم بتعقيدات وتحديات أمنية متنامية.
وتُعد منظومة HQ-9 إحدى الركائز الأساسية لشبكة الدفاع الجوي الصينية، وقد طُورت في الأصل أواخر التسعينيات وبداية الألفية الجديدة. الإصدار الأولي من هذه المنظومة كان محدودًا من حيث القدرات، حيث بلغ مداها نحو 125 كيلو مترًا فقط. إلا أن التطورات التقنية التي شهدتها الصين خلال العقد الماضي أسفرت عن إنتاج نسخ أكثر تطورًا، أبرزها النسخة HQ-9B التي يتجاوز مداها 200 كيلو متر.
النسخة التصديرية من المنظومة، والتي عُرضت في معرض “تشوهاي” الجوي، تتمتع بقدرات عالية بحسب المواصفات الرسمية؛ فهي قادرة على اعتراض الأهداف على مسافات مائلة تتراوح بين 5 و260 كيلو مترًا. ويعتقد بعض المحللين أن المدى الفعلي قد يصل إلى 300 كيلو متر بفضل تصميم محرك جديد واستخدام تقنيات متطورة.
وقد سبق أن صدّرت الصين منظومات HQ-9 إلى عدد من الدول مثل باكستان وأوزبكستان، واكتسبت هذه المنظومة مصداقية كبيرة في مايو 2025، حين نجحت وحدات HQ-9B الباكستانية في إسقاط عدة طائرات مسيّرة وصواريخ كروز هندية خلال التصعيد العسكري الأخير بين البلدين. هذا الأداء القتالي العملي أثار اهتمام عدد من الدول الباحثة عن حلول دفاعية فعالة.
ومنظومة صواريخ أرض جو بعيدة المدى الصينية من طراز HQ-9B، وهذه منظومة صاروخية ذات إمكانات مرتفعة، وهي قادرة على تأمين المجال الجوي المصري والتصدي لأي تهديد محتمل.
وإمكانات تلك المنظومة:
*مداها الأقصى: 250-300 كم.
*الارتفاع الأقصى للاشتباك: حتى 30 كم.
*نوع الأهداف: طائرات مقاتلة – طائرات إنذار مبكر – صواريخ كروز – صواريخ باليستية قصيرة إلى متوسطة المدى – طائرات شبحية (جزئياً).
*سرعة الصاروخ: أكثر من 4 ماخ
*أنظمة التوجيه: توجيه اولي بالقصور الذاتي + تحديث بيانات في الطيران + رادار نشط في المرحلة النهائية.
*الرادار الرئيس: رادار AESA متعدد المهام (قد يكون نوع HT-233 او تطوير أحدث منه في HQ-9B).
*عدد الأهداف التي يمكن الاشتباك معها: يمكن تتبع 100 هدف والاشتباك مع 6-12 هدفاً في آنٍ واحد.
*المنصة: مركبة إطلاق متحركة (TEL – Transporter Erector Launcher) على 8×8.
ولفت باحثو "المعهد" إلى أن المتخصصين يرون أن HQ-9B على الرغْم من تطورها، لا تصل لمستوى S-400 الروسي او Patriot PAC-3 الأمريكي من حيث التكامل مع الدفاع الصاروخي او القدرة على التصدي للصواريخ الباليستية الطويلة المدى.
وفي سياق آخر أكد تقرير أمريكي خلال شهر إبريل 2025 حصول مصر على أنظمة دفاع جوي صينية متطورة من طراز HQ-17 وHQ-18.
الصين لم تؤكد
والصين معروفة بدرجة عالية من التكتم والسرية فيما يتعلق بصفقات الأسلحة، حيث نادرًا ما تصدر تصريحات رسمية أو تفاصيل دقيقة حول صادراتها العسكرية، مما يجعل تأكيد أو نفي مثل هذه الصفقات أمرًا صعبًا ويُعتمد في الغالب على التسريبات والتقارير غير الرسمية، بحسب "المعهد".
ومع الزخم الكبير الذي أثارته هذه الأنباء التي نقلها "اللواء فرج"، فإنها لا تزال تستند إلى مصادر إعلامية أجنبية فقط، ولم يصدر حتى الآن أي تأكيد رسمي من الجانب الصيني بشأن هذه الصفقة.
منظومات مساندة
كشف الجيش المصري مؤخراً عن رادار منظومة الدفاع الجوي الألمانية IRIS-T SLM، المعروفة في مصر باسم “صقر”، وذلك خلال استعراض أحدث الأسلحة في اصطفاف تفتيش حرب الفرقة السادسة المدرعة. هذه المنظومة تعد من بين الأنظمة الأكثر تطوراً في مجال الدفاع الجوي، حيث تتميز بقدرتها على رصد وتتبع الأهداف الجوية بدقة متناهية، مما يوفر حماية فعالة ضد مختلف التهديدات الجوية.
رادار “صقر” يمثل عنصراً أساسياً في منظومة الدفاع الجوي المصرية، إذ يمتلك قدرة كشف تصل إلى 250 كيلو متراً مع تغطية تبلغ 350 درجة، كما يستطيع تتبع ما يصل إلى 1500 هدف جوي في آنٍ واحد، ما يعزز من كفاءته في التعامل مع التهديدات المتعددة.
بعد سنوات من التكهّنات، تأكد وجود النظام الدفاعي الروسي بعيد المدى المتطور S-300VM في مصر. وأظهرت صور الأقمار الصناعية بوضوح القاذفات 9A83 و9A84، وهي مكونات رئيسية لهذا النظام المصمم للتصدي للصواريخ الباليستية، الذي يرافق القوات البرية ويوفر لها الحماية خلال التحركات.
ويُعد الدفاع الجوي المصري من أكثر المنظومات تعقيداً في العالم، إذ يدمج بين أنظمة شرقية وغربية تغطي مختلف المديات — القصيرة، المتوسطة، والطويلة — مثل Buk وTor الروسيتين وIRIS-T الألمانية، بحسب التقرير.