في تحوّل مثير للجدل، وقّعت القاهرة وتل أبيب تعديلات جديدة على صفقة الغاز، بزيادة الكميات المستوردة إلى 130 مليار متر مكعب بقيمة 35 مليار دولار، مع تمديد التوريد حتى عام 2040، بحسب إعلان شركة "نيوميد" الإسرائيلية، المالكة لـ45% من حقل "ليفياثان".
هذه الخطوة، التي يصفها مراقبون بأنها "هدية إستراتيجية لإسرائيل"، جاءت وسط أزمة نقص حاد في الغاز داخل مصر، نتيجة ارتفاع الطلب المحلي لتوليد الكهرباء وتشغيل المصانع، في ظل توقف اكتشاف حقول جديدة وتراجع إنتاج الحقول القائمة.
من الاكتفاء إلى الانقطاع
كانت مصر قبل أعوام قليلة مُصدّراً رئيسياً للغاز الطبيعي، وبلغت ذروة الاكتفاء الذاتي مع بدء إنتاج حقل "ظُهر" في ديسمبر 2017، الذي وصل إنتاجه إلى 3 مليارات قدم مكعب يومياً. لكن بحلول 2023، انخفض الإنتاج إلى نحو ملياري قدم مكعب يومياً، ما دفع الحكومة إلى تطبيق خطة "تخفيف الأحمال"، وقطع الكهرباء عن مناطق مختلفة لساعات يومياً.
التاريخ يعيد نفسه
الصفقات مع إسرائيل ليست جديدة؛ ففي عام 2005، وُقعت اتفاقية لتصدير 1.7 مليار متر مكعب سنوياً لمدة 20 عاماً، عبر خط أنابيب من العريش إلى عسقلان، تديره شركة "غاز شرق المتوسط" المملوكة لرجل الأعمال حسين سالم وشركاء إسرائيليين وأمريكيين.
ورغم حكم قضائي بوقف التصدير في 2008 بسبب بيع الغاز بأسعار أقل من السوق، استمرت الصفقات، في وقت كان المصريون فيه يعانون من نقص أسطوانات الغاز وانقطاعات الكهرباء، ما فجّر موجة انتقادات واسعة لسياسات الحكومة آنذاك.
التحول الكبير: من البيع إلى الشراء
في يناير 2020، بدأت مصر استيراد الغاز الإسرائيلي لأول مرة ضمن صفقة قيمتها 15 مليار دولار، وُقعت عام 2018 بين شركات إسرائيلية ومصرية. هذه الصفقة تحولت لاحقاً إلى الإطار الضخم الحالي، الذي يربط مصر بإسرائيل كمورد رئيسي للغاز لعقود قادمة.
مع تأثير الحرب وأولويات النظام
اندلاع الحرب على غزة في 2023، تراجعت صادرات الغاز الإسرائيلية إلى مصر بنسبة 26%، وانقطعت تماماً في بعض الفترات، لكن سرعان ما استؤنفت لتأمين احتياجات السوق المحلي المصري، بينما تواصل أوروبا البحث عن بدائل للغاز الإسرائيلي الذي كانت مصر تسيّله وتعيد تصديره.
صوت الشارع: غضب وسخرية
على مواقع التواصل الاجتماعي، عبّر آلاف النشطاء عن غضبهم مما وصفوه بـ"الارتهان الطاقوي لإسرائيل"، معتبرين أن مصر تحولت من "كنز الغاز" إلى "زبون دائم لدى الاحتلال" آخرون سخروا بمرارة قائلين: "كنا بنبيع لهم الغاز وإحنا محتاجينه، دلوقتي بنشتريه منهم وإحنا مُفْلِسِين".