هاجمت قوات الجيش والشرطة المسيرة السلمية الحاشدة لأهالي «الألف مسكن» أثناء اتجاهها إلى ميدان «رابعة العدوية» لنجدة الثوار؛ ما أدى إلى استشهاد 30 متظاهرًا، وإصابة العشرات بالرصاص الحي، وسقط عشرات الشهداء ومئات المصابين من الثوار أمام وزارة المالية قريبًا من ميدان «رابعة»، واستخدمت القوات الأسلحة الثقيلة عيار 30م الخارقة للدروع في قتل المتظاهرين العُزل.
شاهد عيان
وقال الصحفي محمد يوسف: إن "الثوار بدأوا في التجمع للحاق بالمعتصمين في رابعة فور سماع أنباء تحرك قوات الأمن لفض الاعتصام بالقوة، ومن استطاع أن يذهب عن طريق ميدان الألف مسكن توجه إلى محيط رابعة العدوية أثناء عملية الفض بالقوة".
وأضاف في شهادة عيان منشورة عبر مدونات "الجزيرة" بعنوان "مذبحة ألف مسكن" أن الثوار بدأوا في التجمع للحاق بالمعتصمين في رابعة فور سماع أنباء تحرك قوات الأمن لفض الاعتصام الذي يضم الآلاف بالقوة، وانطلق الأغلبية في الثامنة صباحا، ومن استطاع أن يذهب عن طريق ميدان الألف مسكن توجه إلى رابعة.
ولكن مع الثامنة والنصف بدأت قوات الداخلية تحاصر ميدان الألف مسكن (الرابط بين شارعي جسر السويس والمطرية شرق القاهرة) لمنع المتظاهرين من اللحاق بالمعتصمين في ميدان رابعة العدوية.
وقال "يوسف": "ضربونا بكل الأسلحة التي معهم ،غاز وخرطوش وقناصة على أسطح المنازل من خلال (عماير مطلة على مترو عبدالعزيز فهمي آنذاك).
وأضاف "صمد الثوار أمامهم بين كر وفر وقذفوهم بالحجارة، وتساقط منا الشهيد تلو الشهيد، وتم عمل مستشفى ميداني في الميدان، ولكن بسبب كثرة الحالات والكر والفر وخوفنا على المصابين لجأنا لشارع جانبي (شارع البن)، ويوجد على ناصية الشارع مسجد صغير تم فتحة وجعله مقرا للمستشفى الميداني، ولكن مع الوقت لم يتسع المسجد للشهداء والمصابين، فبحثنا عن مكان أخر، وتم فتح المسجد الذي يليه على بعد أمتار بنفس الشارع ولكنه أكبر بعض الشيء .
وأوضح، ظل الكر والفر حتى بعد 4 عصرا، بعد هروب كلاب الداخلية بعد صمود الثوار وعدم استسلامهم لهؤلاء المجرمين، حيث استُشهد في هذه البقعة في ذلك اليوم في ميدان الألف مسكن، أكثر من 30 شهيدا معظمهم بطلقات رصاص حي في الرأس.
وعن أبرز المواقف في ذلك اليوم، قال: إن "أحد الشباب الثائر أخذ طلقة خرطوش بعينة اليسرى وبعد معالجته وتغطيتها وجدناه ذاهبا إلى الصفوف الأمامية مرة أخرى، ورفض العودة، والله أعلم بالذي حدث له بعد ذلك".
وعن أكثر المواقف المؤثرة التي حدثت في هذا اليوم في ميدان الألف مسكن، كان هناك شاب في العشرينيات من عمره، أُصيب في الاشتباكات وأدخلوه المستشفى الميداني في المسجد وكان يحتضر، فمال على الأخت التي تعالجه، وطلب منها آخر طلب في حياته، أوصاها أن تبلغ رسالة لأمه أن تخبرها بأنه دخل المسجد كما كانت تتمنى وتطلب منه دوما، نحسبه شهيدا هو وجميع من لقوا ربهم في ذلك اليوم.
وقاد وزير الدفاع وقتها، فض الاعتصام، صباح الـ 14 من أغسطس عام 2013، مستعينا في الفض بالدبابات والآليات والمجنزرات، وطائرات من سلاح الجو، وفرق قناصة وفرق قتالية خاصة من الجيش والشرطة، وقوات الأمن لمكافحة الشغب والتظاهرات، واستخدموا كافة أنواع الأسلحة، من رشاشات لبنادق قنص، لقنابل مسيلة للدموع، لقنابل يدوية، وتم إشعال النيران في مسجد رابعة والمستشفى الميداني وعدد من خيام المعتصمين، وقد لقي العشرات من المعتصمين حتفهم حرقا، وتم تجريف الجثامين بالجرافات، ونُقل الكثير منها إلى مقابر مجهولة في الصحراء.
وقدرت منظمات حقوقية أعداد القتلى ما بين الألف والـثلاثة آلاف قتيل، وعدد الجرحى تخطى عدة آلاف، لاعتصام استمر 47 يوما باعداد متظاهرين بين 10 آلاف إلى مليون شخص كان رمزية لقطاع ضخم من المصريين رفضهم للانقلاب العسكري في يوليو 2013 والذي أطاح بالرئيس المصري المنتخب، وحل كافة المؤسسات المنتخبة.
وكشاهد عيان عما حدث في رابعة، قال المستشار أحمد عبد العزيز @AAAzizMisr: " أستطيع القول بأن عدد ضحايا مجزرتي رابعة والنهضة نحو 10,000 شهيد، فالرصاص كان ينهمر كالمطر، والضرب كان في المليان بهدف القتل، وليس بهدف التحذير أو التخويف".
واعتبر أن الرقم 1,000 المتداول في الإعلام، فهذا ما تم حصره وتوثيقه.."، مضيفا أن شهداء كثر تم حرق جثامينهم وتجريفها ودفنها في الصحراء، وهؤلاء لم يتم إحصاؤهم بطبيعة الحال.."، مضيفا أنه "لا يزال هناك أسر لا تعرف مصير أبنائها، منذ 14 أغسطس 2013 وحتى اليوم!".
وكانت قد خرجت مسيرات تضم الآلاف من عدة مساجد بالقاهرة والجيزة لدعم الاعتصام الذي يواجه الإبادة؛ حيث تجمعت الحشود أمام مسجدي الفتح برمسيس، والنور بالعباسية، وغيرهما وتوجهت نحو الميدان، وما إن وصلت المسيرات إلى رابعة حتى قامت قوات الجيش بإطلاق الرصاص في الهواء بشكل هيستيري، وكانت كلما تقدمت هذه المسيرات ازداد إطلاق النار، وهو ما أوقع عشرات القتلى من جانب المتظاهرين، في حين نجحت مسيرة قادمة من جهة مسجد السلام –مدينة نصر، انطلقت بعد صلاة ظهر 14 أغسطس، إلا أن الطائرات استهدفتها واستهدفت كل من يقوم بتصوير القناصة وهم يستهدفون العزل، واعتقلت أعدادًا كبيرة من المراسلين والمصورين، وأهانتهم إهانات بالغة، وانتزعت منهم آلات التصوير، كذلك تم الاعتداء على الأجانب منهم، ثم قامت القوات بوضع الأسلحة داخل خيام المعتصمين قبل أن يحرقوها في شارع الطيران، وقاموا بتصويرها على هذه الحال".
كما افترش الآلاف من أهالي حي مدينة نصر شارع مصطفى النحاس ؛ لمنع مدرعات الجيش من الوصول إلى محيط الاعتصام، وقد رفضوا الانصياع لتهديدات الضباط، وأصروا على ألاّ تمر هذه المدرعات ولو على جثثهم، إلا أن الطلقات الرصاص الحي أجبرتهم على التراجع.