تصاعد مقلق للوفيات داخل السجون المصرية: الإهمال والتعذيب يواصلان حصادهما

- ‎فيتقارير

 

شهدت مراكز الاحتجاز المصرية خلال الأيام القليلة الماضية سلسلة وفيات مثيرة للقلق، حيث توفي ستة من السجناء والموقوفين، بينهم خمسة شبان ورجل مسن، ما يسلط الضوء على نمط ممنهج من الإهمال الطبي والتعذيب داخل السجون وأقسام الشرطة.

 

وأعلنت مؤسسة "عدالة" لحقوق الإنسان وفاة وليد أحمد طه، موظف بنك، داخل قسم شرطة ثان شبرا الخيمة بعد أيام من احتجازه بسبب مشاجرة بسيطة، بينما توفي الشاب حازم فتحي في قسم شرطة نجع حمادي بمحافظة قنا بعد خمسة أشهر من الحبس الاحتياطي، وسط اتهامات بتعرضه للتعذيب.

 

قبل ذلك، توفي الشيخ علي حسن عامر (77 عاماً) في سجن وادي النطرون بعد 12 عاماً من الحبس، حيث أكدت منظمات حقوقية أن وفاته لم تكن طبيعية، بل جاءت نتيجة الإهمال الطبي المزمن والظروف القاسية التي يعانيها كبار السن والمرضى داخل السجون.

 

كما لقي الشاب وائل يوسف بشارة (20 عاماً) حتفه داخل حجز قسم شرطة الأهرامات بالجيزة، بعد ظهور آثار تعذيب على جسده، بينما توفي شابان آخران في قسم شرطة المنشية بالإسكندرية خلال يوم واحد، مع تأكيدات من المحامي محمد رمضان عن منع نقلهما إلى المستشفى رغم المرض، وممارسة ضغوط على عائلاتهما لعدم التحدث عن الواقعة.

 

الأسباب وراء تصاعد الوفيات:

 

الإهمال الطبي المتعمد: تُشير تقارير الشبكة المصرية لحقوق الإنسان والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى حرمان النزلاء من الرعاية الطبية والأدوية اللازمة، وتأخير أو رفض نقل المرضى إلى المستشفيات، ما يؤدي إلى وفاة العديد منهم.

 

ظروف احتجاز قاسية: تشمل التكدس الشديد في الزنازين، سوء التهوية، نقص التغذية، وقلة النظافة، وهي عوامل تزيد من معدلات انتشار الأمراض والوفيات، خصوصاً بين كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.

 

التعذيب وسوء المعاملة: تُسجل المنظمات الحقوقية حالات تعذيب منتشرة تؤدي إلى الوفاة المباشرة أو الإضرار بالصحة النفسية والجسدية للسجناء، وهو ما يوصف بسياسة "القتل البطيء" في مراكز الاحتجاز.

 

غياب الرقابة والمساءلة: استمرار هذه الانتهاكات يعكس ضعف الرقابة القضائية على أجهزة الأمن، وغياب محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، رغم الالتزام الدستوري بحق الحياة وحظر التعذيب.

 

الاعتقالات التعسفية والسياسات الأمنية القاسية: تشمل اعتقالات لأسباب بسيطة أو بديلة، ما يزيد الضغط على مراكز الاحتجاز ويفاقم معاناة المحتجزين.

 

وتشير الإحصاءات إلى أن عدد الوفيات الناتجة عن الإهمال الطبي أو التعذيب بين السجون وأقسام الشرطة المصرية بلغ نحو 915 وفاة بين 2013 و2024، كما وثقت تقارير حقوقية وفاة 13 سجيناً منذ بداية 2025 فقط، وهو رقم يبرز خطورة ما يُوصف بنمط ممنهج من الانتهاكات داخل السجون.

 

وفي رسالة مؤثرة من داخل السجن، وصف أحد المحتجزين هشام ممدوح معاناته من أمراض متعددة ورفض نقله إلى المستشفى، بالإضافة للضرب والإهانة، مؤكداً محاولاته اليائسة للانتحار بسبب الظروف القاسية.

 

ويخلص الخبراء والمنظمات الحقوقية إلى أن هذه الوفيات ليست حالات فردية، بل تمثل "حصاد قهر" لسلسلة طويلة من الانتهاكات المنهجية، ما يستدعي تحقيقاً مستقلاً وشفافاً ومحاسبة عادلة لمسؤولي هذه الانتهاكات، في ظل استمرار تردي أوضاع السجون المصرية وعدم استجابة السلطات لمطالب الإصلاح.