تخوفا من الطعن على القانون ..حكومة الانقلاب تطالب بإخلاء شقق الإيجار القديم للحصول على وحدات اسكان بديل 

- ‎فيتقارير

 

 

في خطوة تكشف خطة حكومة الانقلاب لتشريد سكان الايجار القديم أعلنت وزارة إسكان الانقلاب عن فتح باب التقديم للحصول على وحدات بديلة لمستأجري الإيجار القديم، ابتداءً من أكتوبر المقبل.  

الخطة الحكومية تمنح المتقدمين مهلة ثلاثة أشهر فقط لإثبات أهليتهم والحصول على وحدة بديلة، مقابل توقيع إقرار بإخلاء الوحدة القديمة.  

ومع غياب التفاصيل حول عدد الوحدات المتاحة، تثير هذه الإجراءات تساؤلات حول عدالة التنفيذ ومدى جدوى السياسات المعتمدة في التعامل مع ملف الإيجار القديم. 

 

جاء الإعلان في إطار تطبيق المادة (8) من القانون المنظم لبعض أحكام إيجار الأماكن وإعادة تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر.  ويشمل الإعلان فئتين   

أولًا، الوحدات السكنية: يُسمح بالتقديم للمستأجر الأصلي، أو الزوج أو الزوجة ممن امتد إليهم العقد قبل سريان القانون، وكذلك المستفيدين من الامتداد القانوني. 

ثانيًا، الوحدات غير السكنية: يُتاح التقديم للمستأجر الأصلي أو من امتد إليه العقد، مع ضرورة تحديد بيانات العقار، النطاق الجغرافي، ونظام التخصيص المطلوب (إيجار أو تمليك). 

وتشمل المستندات المطلوبة للوحدات السكنية،: طلبًا رسميًا وفق النموذج المعد، وصورة من عقد الإيجار والمستندات الدالة على استمرار العلاقة الإيجارية، وإقرارًا بإخلاء العين المستأجرة عند استلام الوحدة الجديدة. كما يُطلب تقديم صور بطاقات الرقم القومي للزوجين، وشهادات ميلاد الأبناء القُصّر أو بطاقاتهم الشخصية، إضافة إلى مستندات الحالة الاجتماعية (مثل قسيمة الزواج أو الطلاق مع قرار التمكين، أو شهادة الوفاة مع إشهاد الوراثة). وفي حال وجود شخص من ذوي الهمم، تُطلب شهادة تأهيل أو بطاقة خدمات حكومية أو تقرير طبي معتمد. 

وبالنسبة للوحدات غير السكنية، يجب تقديم ما يثبت مزاولة النشاط، مثل البطاقة الضريبية أو السجل التجاري أو ترخيص النشاط. 

لإثبات الدخل، يُطلب من موظفي الحكومة وقطاع الأعمال تقديم شهادة معتمدة من جهة العمل توضح صافي الدخل الشهري أو السنوي. أما العاملون بالقطاع الخاص، فعليهم تقديم شهادة دخل معتمدة، مع رقم السجل التجاري والبطاقة الضريبية للشركة. ويُطلب من أصحاب المهن الحرة مستند تسجيل ضريبي وشهادة من محاسب قانوني توضح صافي الدخل، وصورة من السجل التجاري أو البطاقة الضريبية. وبالنسبة للأرامل والمطلقات وأصحاب المعاشات، يجب إحضار بيان معتمد بقيمة المعاش، ومستند النفقة للمطلقة إن وجد. 

 

عقود الإيجار 

 

في هذا السياق، قال محمود هاشم، مستأجر بنظام الإيجار القديم : الشروط التي وضعتها حكومة الانقلاب تنطبق عليّ بالفعل، متسائلا: هل الحكومة قادرة فعليًا على توفير عدد كافٍ من الوحدات لكل من تنطبق عليهم هذه الشروط؟ 

وأضاف هاشم: أنا شخصيًا أعرف كثيرين ضاعت منهم عقود الإيجار القديمة، وبالتالى لان نعرف كيف سيكون وضع هؤلاء في هذه الحالة؟ لافتا إلى أنه إذا كانت دولة العسكر تملك فعلًا مئات الآلاف من الوحدات الجاهزة للتوزيع على المستأجرين، فلماذا توجد أزمة إسكان من الأساس؟ 

 

ارتفاع الأسعار 

 

وقال أحمد عادل، نجل إحدى المستأجرات المتضررات من القانون : مشكلتي الأساسية مرتبطة بوالدتي مؤكدا أن دخول حكومة الانقلاب في سوق العقارات تسبب في رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه؛ فأبسط شقة حكومية اليوم تبدأ من مليون ونصف المليون جنيه، وبمساحات صغيرة جدًا.  

وأكد عادل أن هذا التدخل دفع القطاع الخاص أيضًا لرفع الأسعار أكثر، باعتبار أن حكومة الانقلاب هي من وضعت الحد الأدنى الجديد للسوق. 

وتابع: حتى لو افترضنا أن حكومة الانقلاب ستمنح الأسر شققًا بنظام التمليك مع تخفيض السعر، فالقسط الشهري على مدى عشرين سنة سيصل إلى نحو أربعة آلاف جنيه، غير الفوائد البنكية، مشددا على أن الكثير من الأسر لن تكون قادرة على تحمل هذه الأعباء، ما يجعل الحل المطروح يفشل فى انهاء هذه الأزمة .  

 

 

برنامج لدعم الإيجارات  

 

من جهته قال الباحث في شئون السكن والعمران يحيى شوكت: وزارة إسكان الانقلاب بدأت بالفعل مرحلة حصر المستأجرين الذين يحتاجون أو يرغبون في الحصول على سكن بديل، وذلك بهدف تحديد العدد المطلوب من الوحدات وتوزيعها على الفئات المختلفة، سواء كانت وحدات إسكان اجتماعي أو متوسط أو فاخر. 

وأشار شوكت فى تصريحات صحفية إلى أن هناك مشكلة جوهرية؛ إذ يُطلب من المستأجرين كم كبير من البيانات الشخصية، من دون أي توضيح لأسباب جمعها، أو حتى إعلان شروط التقديم كما يحدث عادة في مشروعات الإسكان مؤكدا أن الأخطر من ذلك هو اشتراط تقديم إقرار بالتنازل عن الوحدة المستأجرة، رغم أن هذه المرحلة لا تزال استطلاعية، ولم تُعلن حتى الآن أي تفاصيل عن طبيعة الوحدات البديلة أو شروط الحصول عليها. 

وحذر  من أن هذا الوضع قد يؤدي إلى إحجام كثير من المستأجرين عن التسجيل على المنصة، رغم حاجتهم الفعلية إلى السكن البديل، وهو ما ينعكس في النهاية على نتائج الحصر، فتصبح غير دقيقة وغير معبرة عن الواقع.  

وأعتبر شوكت أنه كان من الأفضل أن تركز حكومة الانقلاب على توفير برنامج لدعم الإيجارات، بدلًا من الاتجاه إلى بناء وحدات إضافية وتحميل المستأجرين أعباء جديدة قد لا يكونون قادرين على تحملها.  

 

مستندات معقدة 

 

واعتبر الباحث العمراني إبراهيم عز الدين إعلان حكومة الانقلاب عن فتح باب الحجز للوحدات السكنية لسكان الإيجار القديم بداية من أكتوبر ولمدة ثلاثة أشهر فقط يكشف بوضوح عن محاولة للضغط على المستأجرين في فترة زمنية قصيرة موضحا أن القانون الجديد يمنح مهلة سبع سنوات قبل تحرير العلاقة الإيجارية، لكن وزارة إسكان الانقلاب تسعى عمليًا إلى تقليص الوقت أمام المستأجرين، حتى لا يلجأوا إلى بدائل أخرى، مثل الطعن على القانون أو الإصرار على عدم إخلاء الوحدات.  

وقال عز الدين فى تصريحات صحفية : تلقيت بالفعل استفسارات من مستأجرين يسألون عن إجراءات التقديم على الشقق الجديدة، وهذا في حد ذاته يعكس استراتيجية حكومية لإلهاء الناس عن جوهر المشكلة: أزمة تحرير العلاقة الإيجارية. 

وانتقد الإعلان عن التقديم قبل صدور اللائحة التنفيذية للقانون، وهو استباق غير مفهوم موضحا أن اللائحة هي الأداة التي يُفترض أن تحدد تقييم المناطق والقيمة الإيجارية في كل منها، وبالتالي كان من الطبيعي انتظار صدورها قبل الشروع في أي خطوات تنفيذية.   

وأكد عز الدين أن حكومة الانقلاب تُظهر إصرارًا على إخلاء وحدات الإيجار القديم ودفع المستأجرين إلى التنازل عنها مقابل وحدات جديدة رغم أن حكم المحكمة الدستورية لم ينص على تحرير العلاقة الإيجارية بشكل كامل، بل اقتصر على تحريك القيمة الإيجارية فقط وهو ما يثير تساؤلات حول النوايا الحقيقية لحكومة الانقلاب، وهل الهدف في النهاية هو السيطرة على هذه المباني بعد فترة.  

وأشار إلى أن الأوراق المطلوبة من المستأجرين تمثل صورة واضحة للبيروقراطية الحكومية، إذ تطلب الوزارة مستندات معقدة مثل إثبات الزواج أو الطلاق أو القيد العائلي أو شهادات الإعاقة، بينما الإثبات الأساسي والبديهي هو فقط أنني مستأجر ومقيم في هذه الشقة، دون حاجة لكل هذه التعقيدات.   

 

بدائل غير عادلة 

 

وكشف عز الدين أن الوحدات التي تعرضها حكومة الانقلاب مطروحة عمليًا بسعر السوق، من دون أي دعم أو تسهيلات حقيقية وهذا يعني أن المستأجر الذي كان يدفع إيجارًا بسيطًا سيجد نفسه مضطرًا لدفع أضعاف ما اعتاد دفعه، من دون أي مراعاة لظروفه الاقتصادية والاجتماعية.   

وشدد على أن ما تطرحه حكومة الانقلاب لا يعالج أصل الأزمة، بل يفتح مسارًا جديدًا يفقد فيه المستأجرون حقهم في وحداتهم القديمة ويضعهم أمام بدائل غير عادلة .