ارتفاع جنوني في الأسعار…الغلابة يُقاطعون حلاوة المولد في زمن الانقلاب

- ‎فيتقارير

 

 

تسبب الارتفاع الجنوني في أسعار "حلاوة المولد" هذا العام في حالة من الغضب والاستياء بين المصريين، حيث حولت الأسعار فرحة المولد النبوي الشريف من طقس شعبي ومناسبة سعيدة لكل المصريين إلى معركة اقتصادية شرسة بين المواطن والدخل المحدود، وبين تجار لا يعرفون سوى لغة الأرباح.

الأسعار قفزت بصورة لا تترك للمواطن حرية الاختيار، بل ترسم له طريقا وحيدا لابد أن يسلكه، وهو العزوف عن الشراء لعجزه عن دفع هذه المبالغ التي يوجهها إلى الطعام والشراب .

هكذا أصبح الاحتفال بالمولد في زمن الانقلاب رفاهية لا يقدر عليها إلا الأثرياء الذين لا يتجاوز تعدادهم الـ 10 من إجمالي السكان، وللأسف  تحوّلت حلاوة المولد من رمز للفرح إلى حالة من الحزن والمرارة.

 

مستويات غير منطقية

 

حول ارتفاع الأسعار أكد المواطن أحمد فوزي أن أسعار حلاوة المولد هذا العام وصلت إلى مستويات غير منطقية، موضحًا أن علبة متوسطة الحجم تكلفتها 450 جنيهًا رغم أن سعرها كان لا يتجاوز الـ 200 جنيه في السنوات الماضية.

وشدد فوزي على أن "قشطة المولد" التي أصبحت بـ200 جنيه للكيلو لم تعد خيارًا شعبيًا بل رفاهية، معتبرًا أن فرحة الأطفال بالعروسة لا يجب أن تُقابل بعجز الأهل عن الشراء.

 

وقال هشام فرغلي: إن "أبرز ما لفت انتباهه هو وصول سعر العروسة الواحدة إلى 300 جنيه، مضيفًا أن الأسعار الحالية تفرض على الأسرة إما التخلي عن العادة أو اللجوء إلى الحلويات المجهولة غير المعروفة الجودة".

وأكد أن علبة حلاوة المولد أصبحت مكلفة أكثر من ثمن ملابس العيد.

 

مقاطعة

 

وأكد المواطن طارق عبدالحليم أن أسرته قررت هذا العام مقاطعة شراء الحلوى نهائيًا، مشيرا إلى أنه سوف يشترى فواكه أو شوكولاتة بسيطة لأطفاله بدلًا من المبالغة في أسعار لا تليق بفرحة المولد.

وأعرب عبد الحليم عن أسفه لأن هناك من يحول المناسبة الدينية إلى استنزاف مالي غير مبرر.

وقال رمضان كمال: إنه "قرر إعداد بعض الحلويات في المنزل مثل الملبن والسمسمية، موضحًا أن تكلفتها لا تتعدى نصف سعر السوق".

وشدد على أن العودة للتقاليد القديمة أفضل من الوقوع في فخ التجار.

وأكد سامي زكريا أن الأسعار الحالية لا تعبر عن مستوى دخل المواطن البسيط، مشيرًا إلى أن العادات الشعبية مثل توزيع الحلاوة على الجيران والأطفال باتت صعبة المنال، مما يهدد بانقراض تلك الطقوس الاجتماعية المهمة.

 

 

عروسة بلاستيك

 

وأكد حسن الهواري، أحد بائعي الحلويات أن الأسعار هذا العام ليست مرتفعة مقارنة بتكاليف الإنتاج، موضحًا أن المواد الخام مثل السمسم والفول السوداني والسكر ارتفعت بشكل غير مسبوق.

وقال الهواري: إن "قشطة المولد 200 جنيه للكيلو بسعر الجملة، والفولية والسمسمية بـ 130 جنيهًا للكيلو، مشيرا إلى أن هذه الأسعار أرحم من أسعار محلات الماركات الكبيرة.

 

وأشار البائع مصطفى ربيع إلى إنهم بدأوا عرض حلاوة المولد قبل أسبوع من بداية شهر ربيع الأول، مع توفير تشكيلات متعددة تشمل علب اقتصادية تبدأ من 120 جنيهًا وتصل إلى 900 جنيه للفاخرة.

وأكد ربيع أن العروسة البلاستيك خيار أفضل للأهالي غير القادرين على شراء العرائس الحلاوة، مشيرًا إلى أن "الموسم بييجي مرة في السنة ولازم نفرح الناس".

 

تسعير عشوائي

 

واعتبر الخبير الاقتصادي خالد منصور أن ما يحدث في سوق حلاوة المولد هو نتيجة مباشرة لانعدام الرقابة الحكومية، مشيرًا إلى أن هناك تسعيرًا عشوائيًا واستغلالًا للموسم بصورة تدعو للاستفزاز  .

وقال منصور: إن "ارتفاع أسعار الحلويات ليس مبررًا فقط بزيادة الخامات، بل يرجع أيضًا لغياب التسعيرة الاسترشادية".

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور علي القاضي: إن "السوق يخضع بالكامل لآليات العرض والطلب، ولكن الأزمة تكمن في أن الاحتفال بالمولد له طبيعة ثقافية خاصة، مما يجعل الأسر مضطرة للشراء ولو بالقسط أو الدين" .

وأضاف القاضي أن حلاوة المولد تحولت من طقس شعبي إلى منتج للطبقة القادرة فقط بسبب ارتفاع الأسعار .

 

رمزية ثقافية

 

وحذر الباحث في التراث الشعبي محمد خليل من أن ارتفاع أسعار الحلوى يهدد بتآكل إحدى أقدم عادات الاحتفال بالمولد النبوي موضحًا أن "العرائس الحلاوة" تمثل رمزية ثقافية قبل أن تكون منتجًا استهلاكيًا

وقال خليل إن الأسعار المرتفعة تحرم الأطفال من فهم معنى المشاركة في المناسبة.

واستنكر الاخصائي الاجتماعي إيهاب طنطاوي هذا الجشع الموسمي، مؤكدًا أن فرحة المولد يجب ألا تتحول إلى عبء نفسي على أولياء الأمور.

وقال: إن "أحد أولاده بكى لأنه لم يحصل على عروسة مثل زملائه"، مشددًا على أن التجار يزرعون في الأطفال مفهوم "العيد لمن يملك المال فقط".