مع هيمنة اثيوبيا على نهر النيل..تحلية المياه ليست حلا تكاليفها باهظة ولا تسد احتياجات الزراعة

- ‎فيتقارير

 

 

مع أزمات المياه التى تواجه مصر فى زمن الانقلاب بسبب انشاء سد النهضة وهيمنة اثيوبيا على مياه النيل وضياع حقوقنا التاريخية فى النهر اتجهت حكومة الانقلاب خلال السنوات الأخيرة، إلى تحلية مياه البحر، باعتباره خيارًا استراتيجيا لتحقيق الأمن المائي من وجهة نظرها، في ظل ما تواجهه البلاد من تحديات متزايدة في ملف المياه نتيجة تزايد الطلب مع النمو السكاني والتوسع العمراني، وبالتزامن مع افتتاح الحكومة الإثيوبية لسد النهضة  بشكل رسمي. 

ورغم تشغيل عشرات المحطات التي توفر مئات الآلاف من الأمتار المكعبة يوميًا لتلبية احتياجات المدن الساحلية والمجتمعات الجديدة؛ إلا أن الفكرة وجدواها تصطدم بكثير من التحديات المرتبطة بارتفاع التكلفة والإمكانيات المحدودة كما أن المياه المحلاة لا توجه للزراعة.  

 

كان مصطفى مدبولي، رئيس وزراء، الانقلاب قد زعم أن دولة العسكر تستهدف إنتاج 10 ملايين م3 يوميا من المياه المُحلاة خلال السنوات الخمس المقبلة، مقارنة بإنتاج 1.4 مليون م3 يوميا حاليا، مع السعي لتوطين مكونات محطات تحلية المياه في مصر .

وقال مدبولى فى تصريحات صحفية إن حكومة الانقلاب تسعى مستقبلا لرفع الإنتاج من هذه المياه المحلاة إلى 30 مليون م3 يوميا وفق تعبيره . 

 

حل اضطراري

 

فى المقابل قال الدكتور محمد نصرالدين علام، وزير الري الأسبق، إن مشروعات تحلية مياه البحار وحدها لا تستطيع مضاعفة الثروة المائية، مشيرا إلى أن مصادر المياه جميعها تأتي لمصر من الخارج باستنثناء المياه الجوفية، بالإضافة إلى مشروعات التحلية على غرار دول الخليج، وهذه مكلفة للغاية. 

وأرجع «علام» في تصريحات صحفية اتجاه دولة العسكر إلى مشروعات التحلية لتوفير مصدر آخر للمياه خاصة للمدن الساحلية إلى عجز المياه، والعجز الغذائي، معتبرا أن تحلية المياه حل اضطراري ويستخدم في الأماكن المناسبة لأغراض الشرب فقط . 

ولفت إلى أن دولة العسكر تحاول الظهور بأنها تسير في جميع الاتجاهات للإيفاء بالمتطلبات الأساسية المواطن وهذا على حساب الدخل المحدود، والإمكانيات المادية البسيطة. 

وكأشف «علام» أن اتجاه حكومة الانقلاب للصين في هذا المجال يخضع للتجريب، بدلا من الاعتماد على الدول الغربية، موضحا أن انفتاح حكومة الانقلاب على الصين ليس فقط فى هذا المجال، ولكن أيضا في مجالات أخرى. 

 

تكلفة عالية

وقال خبير الموارد مائية الدكتور عباس شراقي الاستاذ بكلية الدراسات الافريقية جامعة القاهرة، إن تحلية مياه البحر ضرورية للأماكن الساحلية البعيدة عن نهر النيل وبها نمو عمراني ونشاط سياحي كبير مثل شمال وجنوب سيناء، مرسى مطروح،، وكذلك مدن البحر الأحمر، الغردقة سفاجا والقصير، مرسى علم، بالاضافة إلى العلمين الجديدة والعاصمة الإدارية. 

وأوضح «شراقي» في تصريحات صحفية أن محطات تحلية مياه البحر لا بد وأن تكون في المناطق التي بحاجة للتحلية حتى لا يحدث تسرب للمياه، وتجنب التعرض لعمليات السرقة وهو ما اثبتته التجربة، فقد سبق وحدث ذلك في مطروح، مشددا على أن التحلية تكون للمشروعات السياحية والسكنية، والصناعية ولكن ليس للنشاط الزراعي. 

واشار إلى أن مصر فى زمن الانقلاب تعاني من شح مائي وصل فيه نصيب الفرد إلى 500 متر مكعب في السنة، في حين أنه من المفترض أن يكون 1000 متر مكعب، فنحن لدينا 50% فقط من احتياجاتنا المائية وبالتالي توفير المياه للزراعة نعتمد فيها على معالجة مياه الصرف الزراعي . 

ولفت «شراقي»  إلى أن التكلفة هي العامل الأساسي، فهي ليست بسيطة، فاللتر المكعب تكلفته توازي دولارا، وهو ما يعني أننا بحاجة لمليارات الدولارات، مؤكدا أنه لهذا السبب فان مياه التحلية لا تستخدم للزراعة ولكنها تحل مشاكل أخرى كالاستخدام المنزلي والصناعة والسياحة ما يجعلها ذات جدوى اقتصادية لأنها تعود بأرباح مضاعفة . 

وقال  : نحن في الوقت الحالي نقوم بتحلية نصف مليار متر مكعب سنويا، وهذا رقم قليل رغم كل هذه المحطات، في الوقت الذي نستخدم فيه للزراعة من 65 لـ70 مليار متر، والمتر المكعب يخرج كيلو قمح فقط . 

 

أزمة وقود وكهرباء

 

وواصل «شراقي» : مشروعات التحلية يقابلها تكاليف، فالكهرباء وحدها تستهلك نصف التكلفة التي ما زالت مرتفعة، ولكن يبقى هناك أمل لو تم اللجوء للطاقة الشمسية عبر عمل محطات وخزانات شمسية عبر تصنيع مكوناتها في مصر وليس استيرادها من الخارج .

وأشار إلى أن دول الخليج تعتمد بشكل كبير على تحلية مياه البحر بسبب الشح المائي الذي تعاني منه، موضحا أننا إذا كنا نقول متوسط نصيب الفرد في مصر 500 كم، فإن دول الخليج تحت الـ100 لتر مكعب للفرد، وامتلاكها للبترول يجعل هناك اعتماد على التحلية، فالسعودية هي الدولة الأولى في مشروعات التحلية وكذلك معظم دول الخليج. 

واكد «شراقي» أن مصر فى زمن الانقلاب تواجه أزمة في الوقود، والكهرباء وكذلك الإمكانيات»، مشيرا إلى أن التحدى الآن هو مواكبة الزيادة في عدد السكان بإنشاء محطات لتحلية مياه البحر.