خبراء لحكومة الانقلاب : إلغاء الدعم وزيادة أسعار الوقود والكهرباء ليس إصلاحا اقتصاديا

- ‎فيتقارير

 

أثارت تصريحات مصطفى مدبولي، رئيس مجلس وزراء الانقلاب حول زيادة أسعار الوقود والكهرباء والمياه، والتي قال إنها ستكون الزيادة الأخيرة وفق زعمه انتقادات الخبراء الذين أكدوا أن حكومة الانقلاب تتجاهل الكوارث التي يعيش فيها المصريون؛ بسبب ما يسمى ببرنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي .

وقال «مدبولي»: إن "حكومة الانقلاب ماضية في تنفيذ مسار الإصلاح الاقتصادي خلال العامين المقبلين بما يحقق مزيدًا من الاستقرار ويعزز معدلات النمو المستهدفة، مع الأخذ في الاعتبار التطورات الإقليمية التي قد تنعكس على الاقتصاد المصري" وفق تعبيره .

وشدد على أن ملف ضبط الأسواق يتم وفق منظومة متكاملة للرقابة تشمل أجهزة دولة العسكر كافة، داعيًا المواطنين إلى دعم الجهود الحكومية عبر الإبلاغ عن أي ممارسات احتكارية، نظرًا لصعوبة الرقابة الكاملة على مئات الآلاف من منافذ البيع، خاصة في القرى بحسب تصريحاته .

وأوضح «مدبولي»، أنه إذا استمرت معدلات الأسعار العالمية على وضعها الحالي، فمن الوارد أن تكون هذه الزيادة هي الأخيرة فيما يخص الزيادات الحقيقية لأسعار الوقود، زاعما استمرار دعم سعر السولار بعد تطبيق الزيادة.

 

موجة غلاء

 

يشار إلى أن ملف أسعار البنزين يحتل صدارة النقاشات الاقتصادية والاجتماعية، في وقت يعيش فيه المواطن المصري تحت وطأة موجة غلاء متصاعدة، ووسط ضغوط مالية تواجهها حكومة الانقلاب في سياق برنامجها الكارثي مع صندوق النقد الدولي .

ورغم أن آلية التسعير التلقائي للمنتجات البترولية تجعل من مراجعة الأسعار أمرًا دوريًا، إلا أن كل زيادة جديدة، ولو محدودة، تثير تساؤلات واسعة: ما حجم الزيادة المتوقعة؟ من يتحمل كلفتها؟ وهل تقترب دولة العسكر فعليًا من إلغاء الدعم بالكامل؟

الأرقام والقرارات قد تُتخذ على الورق، لكن تأثيرها الحقيقي يظهر في تفاصيل حياة الناس اليومية، في تعريفة المواصلات، وفي فاتورة السوبر ماركت، وفي ميزانية الأسرة التي بالكاد توازن بين الاحتياجات الأساسية والدخل الثابت.

 

التسعير التلقائي

 

في المقابل قال الخبير الاقتصادي الدكتور الحسين حسان: إن "أي زيادة متوقعة في أسعار الوقود خلال شهر أكتوبر المقبل ستأتي في إطار آلية التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، التي تم اُقرارها عام "2019.

وأوضح «حسان» في تصريحات صحفية أنه وفقًا لهذه الآلية، لا يجوز زيادة الأسعار بأكثر من 10% في كل مراجعة فصلية، ما لم يصدر قرار استثنائي من مجلس وزراء الانقلاب نتيجة ظروف اقتصادية استثنائية .

وأضاف: الزيادة المتوقعة في أكتوبر، حتى لو حدثت، لا تعني إلغاء الدعم بالكامل، لافتا إلى أن الموازنة العامة لدولة العسكر 2025/2026 ما زالت تحتوي على بند لدعم المواد البترولية، خاصة السولار، لكن بشكل متراجع.

 

النقل والمواصلات

 

وأشار «حسان» إلى أن حكومة الانقلاب تستند في توجهاتها على اتفاقات دولية مع صندوق النقد ، لكنها في الوقت نفسه ملزمة دستوريًا باتخاذ إجراءات حماية اجتماعية لحماية المواطنين من آثار قرارات كهذه.

وأكد أن أولى القطاعات التي ستتأثر مباشرة بأي زيادة في أسعار البنزين هي النقل والمواصلات، باعتبارها خدمة أساسية تعتمد على الوقود، ومن ثم تنتقل آثار الزيادة إلى أسعار السلع والخدمات الأخرى.

وطالب «حسان» حكومة الانقلاب باتخاذ إجراءات لحماية الفئات المتأثرة سلبًا بأي زيادة محتملة في أسعار الوقود، ومنها: توسيع برامج الدعم النقدي المشروطة مثل «تكافل وكرامة»، والإبقاء على دعم السولار جزئيًا لتقليل تأثير الزيادة على وسائل النقل الجماعي ونقل البضائع، وتثبيت أسعار بعض الخدمات مثل النقل العام، وتشديد الرقابة التموينية لمنع الممارسات الاحتكارية ورفع الأسعار بشكل عشوائي

 

تغييرات هيكلية

 

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد سليم: إن "تقليص الدعم وحده لن يحقق الإصلاح الاقتصادي، الذي تزعم حكومة الانقلاب أنها تسعى إلى تحقيقه من خلال برنامج صندوق النقد، ما لم يكن جزءًا من رؤية شاملة تتضمن تغييرات هيكلية في منظومة الاقتصاد ككل".

وأضاف سليم في تصريحات صحفية : "حكومة الانقلاب في حاجة إلى تعديل السياسات الضريبية لتوسيع القاعدة الضريبية بعدالة، دون أن يُرهق ذلك محدودي الدخل، مع تفعيل حقيقي لقانون الاستثمار لجذب رؤوس أموال محلية وأجنبية ".

وأشار إلى أن إعادة هيكلة الدعم يجب أن تُقابل بتحسين ملموس في الخدمات العامة، من تعليم وصحة ونقل، وإلا سيظل المواطن يتحمل التكلفة دون أن يرى مقابلًا حقيقيًا.

وشدد سليم على ضرورة إعادة توجيه الإنفاق العام نحو القطاعات الحيوية، وتفعيل الرقابة البرلمانية لضمان شفافية الإنفاق الحكومي، خصوصًا في ظل السياسات المالية الحالية.