الفيضان وطرح النيل .. تصريح “مدبولي” واستمرار سياسة التلاعب بالمصطلح

- ‎فيتقارير

 

الإعلان الأخير الذي صدر من رئيس وزراء الانقلاب مصطفى مدبولي حول غمر المياه في قرى محافظة المنوفية والبحيرة، وقد يمتد إلى أكثر من 15 محافظة ، حمل دلالات تؤكد الاستمرار في سياسة التلاعب بالمصطلح بهدف تزييف الرأي العام وإعادة توجيهه بعيدا عن الأزمة الحقيقية الناجمة عن فتح أثيوبيا لمنافذ سد النهضة دون إنذار مسبق ، مما تسبب في إغراق مساحات واسعة من الأراضي في السودان ، ثم جاء الدور على مصر لتغمر المياه عددا من القرى من المتوقع أن تتسع دائرتها خلال شهر أكتوبر.

المصطلح الذي استعمله مدبولي وحاول الإصرار عليه ، هو " طرح النيل " بديلا عن الحقيقة التي تتمثل في حدوث فيضان ناجم عن قرار سياسي صادر من أثيوبيا يحمل دلالات تحذيرية بأن أثيوبيا باتت تملك قرار إغراق مصر أو تعطيشها.

ويحمل المصطلح " طرح النيل" دلالة خطيرة وهي تحويل الأماكن المتضررة والسكان المتضررين من ضحايا يتوجب على الدولة أن تتخذ نحوهم إجراءات الحماية والرعاية ، إلى كونهم مجموعات مخالفة للقانون تلقى مصيرها نتيجة تعديها واستيلائها على مناطق "طرح النيل" التي كانت يوما ما جزءا من مكون النهر.

وهو مصطلح صارف عن الحقيقة يبرر جريمة الصمت الرسمي عن بناء السد لسنوات طويلة، ويغض الطرف عن جريمة التوقيع على اتفاق المبادئ الذي وقعه المنقلب بعد أن أجرى حوارا مسرحيا مع رئيس وزراء أثيوبيا استقسمه فيه بعدم إحداث السد أي ضرر لمصر.

الحقيقة التي يريد تزييفها المصطلح أن مصر باتت في خطر كبير ، وما كان يتم التنبيه عليه والتحذير منه بالأمس ، أصبح اليوم حاضرا وماثلا للعيان ، وبدلا من التصدي له من خلال إجراءات سياسية ورادعة لأثيوبيا – وإن جاءت متأخرة – أو يتم التحرك العاجل لإنقاذ المتضررين وتوفير مساكن بديلة لهم ، يتم العبث مجددا بالمصطلح لصرف النظر عن المتسبب الحقيقي في الأزمة المتفاعلة إلى الضحية الذي يعاني اليوم من بدايات التأثيرات الخطيرة لتأخر القرار السياسي الرادع لدولة أثيوبيا.

إننا أمام حقيقة بالغة الوضوح وهي أننا اليوم نجني ثمار صمت بلغ حد التواطؤ على بناء السد الذي أجمع كل الخبراء على ضرره البالغ لمصر ، وها هي الأيام تتحرك سراعا لندرك أن الخطر أصبح بين أيدينا ماثلا وأن تحذيرات الأمس باتت اليوم واقعا يعاني منه المصريون ، دون أن يدرك معاناتهم أحد ، ناهيك أن يتم تحميلهم جريرة ما اقترفته أيدي السلطة التي تصر على تزييف الحقائق ورمي الضحايا بما اقترفته أيديها.