استحواذ على الخدمات السياحية بلا رقابة مدنية أو مالية.. سر تشارك الإمارات والجيش “سبوبة “التاكسي الجوي !

- ‎فيتقارير

مشروع التاكسي الجوي الذي أعلن رسميا في مصر استحواذ شركة من شركات الصندوق السيادي لأبو ظبي عليه، يُدار لصالح جهات عسكرية، تحديدًا القوات الجوية المصرية، وهذا صحيح جزئيًا، حيث إن ذلك معلن أن المشروع بالشراكة بين شركة طيران أبوظبي والقوات الجوية المصرية.

وتستخدم الطائرات في مناطق سياحية، لكن التشغيل يتم بالتنسيق مع القوات الجوية، ما يعني أن هناك إشرافًا عسكريًا على المجال الجوي المستخدم.

 

بعض التقارير تشير إلى أن الجيش المصري يمتلك حصة تنظيمية أو تشغيلية في المشروع، لكن لم تُعلن نسب الملكية أو تفاصيل العقود.

 

ولا تخضع هذه المشروعات للرقابة؛ لأنها تُدار من خلال جهات سيادية تعتبر نفسها خارج نطاق الرقابة المدنية التقليدية، ولا تُدرج ميزانياتها ضمن الموازنة العامة للدولة المعروضة على البرلمان، وتُبرر الحكومة ذلك بـ"السرعة في الإنجاز" و"الطابع الاستراتيجي" لبعض المشروعات.

ولطالما انتقد أكاديميون وباحثون منهم يزيد صايغ إدارة مشاريع في مصر أو على الأقل في جزء منه من قبل جهة سيادية، يرى البعض أنه لا يخضع للرقابة المدنية أو البرلمانية.

ويعتبر صايغ وآخرون أن الشراكات من هذا النوع؛ امتيازات اقتصادية تُمنح للجهات العسكرية دون منافسة مفتوحة أو شفافية كاملة.

مشروعات لا تخضع للرقابة

وفي مصر، هناك عدد من المشروعات الاقتصادية الكبرى التي تُدار أو تُنفذ من خلال جهات سيادية أو عسكرية، وغالبًا ما لا تخضع للرقابة المدنية أو البرلمانية المباشرة، ما يثير جدلًا حول الشفافية والمحاسبة.

ومن أبرز الأمثلة:  العاصمة الإدارية الجديدة التي تدار من خلال شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، وهي شركة مملوكة لهيئة المجتمعات العمرانية وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة، ولا تخضع ميزانيتها أو عقودها لرقابة البرلمان، وتُعد من أكبر المشروعات العقارية في تاريخ مصر الحديث.

وتنفذ مشروع (القطار الكهربائي السريع) كنموذج ثاني للشراكات الأجنبية حيث تنفذه شركات (سيمنز الألمانية) بالشراكة مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، ويدار المشروع بميزانية ضخمة (تتجاوز 23 مليار دولار)، دون تفاصيل معلنة عن العقود أو نسب الأرباح.

وأغلق مشروعات الطرق والكباري كنموذج ثالث يُنفذ عبر الهيئة الهندسية للقوات المسلحة ويشمل شبكة الطرق القومية، محور روض الفرج، محور 30 يونيو، وغيرها ولا تُعرض تفاصيل التكلفة أو الترسية على البرلمان أو الرأي العام.

قطاع السياحة والفنادق

وفي هذا القطاع، تدير شركات تابعة للقوات المسلحة مثل "الوطنية لإدارة الفنادق"؛ فنادق ومنتجعات سياحية وتُبرم شراكات مع مستثمرين أجانب (من الإمارات والسعودية) دون رقابة تشريعية.

مشروعات صناعية وزراعية

ومشروع "مستقبل مصر الزراعي"، ومجمعات صناعية في العين السخنة والعاشر من رمضان، تُدار من خلال جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، وتُمنح امتيازات واسعة في الأراضي والتسهيلات.

مشروع التاكسي الجوي
والمشروع يُدار من خلال شراكة بين شركة
TCM المصرية وطيران أبو ظبي الإماراتية، وحجم الاستثمار المعلن نحو 5 مليارات جنيه مصري (حوالي 105 مليون دولار).

 

ولم تُذكر أي مساهمة من البنوك المصرية أو الميزانية العامة للدولة في تمويل المشروع، ما يعني أنه ليس عبئًا ماليًا مباشرًا على المواطن المصري برأي البعض ولكنه لن يعود ريعه على المواطن المصري الذي عطلت جهاته الرقابية الرسمية عن دراسة جدوى المشروع ومدخلاته المتنامية حال نجاح المشروع.

والإمارات، وتحديدًا عبر شركات مملوكة لصندوق أبو ظبي للتنمية، تواصل توسعها في قطاع السياحة المصري من خلال استثمارات ضخمة واستحواذات استراتيجية، أبرزها مشروع التاكسي الجوي، الذي يستهدف السياح ورجال الأعمال، ويغطي مناطق مثل القاهرة، الساحل الشمالي، سيوة، شرم الشيخ، والأقصر.

هذا إلى جانب تطوير فنادق ومرافق سياحية في مناطق حيوية مثل تطوير فندق فاخر قرب الأهرامات بالجيزة بتكلفة 120 مليون دولار ويضم أكثر من 300 غرفة، ويقع بجوار المتحف المصري الكبير، وتطوير فنادق في شرم الشيخ والغردقة بالبحر الأحمر بتكلفة 80 مليون دولار لتجديد شامل للفنادق القائمة لرفع مستوى الضيافة، ومشروع فندقي جديد في الأهرامات بقيمة 95 مليون دولار بالتزامن مع افتتاح المتحف الكبير إضافة لتطوير 3 فنادق بمواقع متعددة بكلفة 161 مليون دولار تشمل شرم الشيخ والغردقة والأهرامات، ضمن خطة توسع استراتيجية.

وكلها مشاريع تُدار عبر شركات إماراتية مملوكة لصندوق أبوظبي للتنمية، ما يمنحها سيطرة تشغيلية واستثمارية على المرافق.

تُصنف هذه التحركات على أنها استثمارات مباشرة، لكنها تمنح الإمارات نفوذًا كبيرًا في إدارة السياحة المصرية، خاصة في المناطق الأثرية والساحلية.

وبعض الأصوات الإعلامية والسياسية، مثل هيثم أبو خليل، عبّرت عن مخاوف من أن هذه الاستثمارات قد تحمل أبعادًا أمنية أو سيادية، خاصة في مشاريع مثل التاكسي الجوي الذي يمنح من السلطات الأمنية إذن التحليق فوق مواقع حيوية.

وفي منشور له، تساءل الإعلامي هيثم أبو خليل: ""كيف يُسمح لطيران أجنبي بالتحليق بحرية فوق المدن والمواقع الحيوية؟ ولماذا مُنحت طيران أبوظبي خدمة إير تاكسي بما يسمح لها بالاطلاع على الإحداثيات الكاملة لكل شبر من أرضنا؟"

 

وأضاف، "هل ندرك حقًا ما يعنيه أن تمتلك شركة أجنبية ترتبط بنظام له علاقات تطبيعية ساخنة مع العدو صلاحية الحركة في أجواء مصرية تحت غطاء خدمة سياحية؟"

وحذر من احتمالات "الرصد والتصوير والتجسس تحت لافتة الاستثمار"

وشركة طيران أبوظبي دخلت في شراكات عالمية، منها مع شركة Archer Aviation الأمريكية، لتطوير هذه التقنية وتكلفة الرحلة للفرد تبدأ من 200 دولار داخل القاهرة وتصل إلى 1500 دولار للمدن السياحية البعيدة مثل شرم الشيخ والغردقة.

ورغم أن المشروع يُعد نقلة نوعية في النقل السياحي، إلا أن الجمهور المستهدف محدود بسبب ارتفاع الأسعار، ما يجعله غير مناسب لعامة المصريين.

وبعض المحللين أشاروا إلى أن منح صلاحية التحليق لشركة إماراتية، في ظل علاقات تطبيع قوية مع إسرائيل، قد يُشكل ثغرة أمنية محتملة.