قال وزير خارجية السيسي، بدر عبد العاطي، إن قوة الاستقرار الدولية "جزء من خطة ترامب، ونحن نرحب بها ونقبلها وندعمها"، مضيفًا أن "بعض الدول مستعدة للمساهمة فيها".
وفي رده على سؤال من شبكة CNN حول ما إذا كانت مصر قد حصلت على التزام من حركة حماس بنزع سلاحها في غزة، قال وزير السيسي إنه "يجب العمل على جميع التفاصيل المتعلقة بتنفيذ المرحلة التالية" من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في غزة.
وأضاف: "علينا بدء الحديث والتفاوض حول ذلك، بما في ذلك الآليات والصيغ والإجراءات"، مؤكدًا أن "كل شيء رهن بالمفاوضات القادمة بعد تنفيذ المرحلة الأولى".
نزع مقابل إعلان دولة
الطرح الذي قدّمته حركة حماس في أبريل 2024 بشأن حل جناحها العسكري مقابل إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، لم يعد مطروحًا بصيغته الأصلية في مفاوضات عام 2025، بحسب أحدث التقارير.
فما كان مطروحًا في عام 2024 من استعداد حماس لـ تفكيك جناحها العسكري (كتائب القسام) والتحول إلى حزب سياسي وعدم الدخول في مواجهة عسكرية مستقبلًا، كان مشروطًا بـ:
-
إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967،
-
وعودة اللاجئين وفق قرارات الأمم المتحدة.
وفي أكتوبر 2025، جاء المقترح الجديد عبر وسطاء مصريين وقطريين بأن حماس ترفض نزع سلاحها، لكنها تقبل بهدنة طويلة (5–7 سنوات) وتوافق على تسليم إدارة غزة لكيان فلسطيني توافقي.
وتعتبر الحركة أن السلاح ضمانة للبقاء في ظل غياب أي ضمانات دولية حقيقية لإقامة الدولة.
وخلاصة المطروح أن فكرة حل الجناح العسكري مقابل الدولة لم تعد قائمة بصيغتها الأصلية، بل تحوّلت إلى موقف أكثر تحفظًا من جانب حماس وسط تعقيدات سياسية وأمنية متزايدة.
دول أيدت تحفظ حماس
أبدت دولٌ عدّة تحفظًا أو رفضًا واضحًا لفكرة نزع سلاح حركة حماس، من أبرزها:
-
الجزائر التي تعتبر المقاومة المسلحة حقًا مشروعًا للشعب الفلسطيني، ورفضت المشاركة في أي بيانات دولية تدعو لنزع سلاح حماس، مؤكدة في تصريحاتها الرسمية أن "نزع السلاح يُضعف القضية الفلسطينية ويخدم الاحتلال".
-
تونس التي حافظت على موقف داعم للمقاومة، ولم تُصدر أي موقف مؤيد لنزع السلاح، بل شددت على ضرورة "وحدة الصف الفلسطيني دون إقصاء".
-
لبنان الذي يرى أن أي دعوة لنزع سلاح حماس تُعد تهديدًا مباشرًا لفكرة المقاومة في المنطقة، حيث اعتبر نواب ومحللون لبنانيون أن "نزع سلاح حماس هو تمهيد لتصفية القضية الفلسطينية".
تركيا والموقف المفاجئ
اتخذت تركيا موقفًا مفاجئًا ومثيرًا للجدل في ملف نزع سلاح حركة حماس خلال عام 2025، حيث انتقلت من دعم تقليدي للحركة إلى وساطة مشروطة تشمل تفكيك جناحها العسكري.
فمع توقيع أنقرة على "إعلان نيويورك" في أكتوبر 2025، صادقت تركيا على إعلان دولي يطالب بنزع سلاح حماس وإنهاء حكمها في غزة، إلى جانب السعودية وقطر ودول أوروبية.
أثار هذا التوقيع انتقادات داخلية حادة في تركيا، حيث اعتبره البعض تناقضًا مع الدعم التاريخي لأنقرة للمقاومة الفلسطينية.
وبحسب مسؤولين أمريكيين، ستكون تركيا جزءًا من لجنة مراقبة وقف إطلاق النار في غزة إلى جانب قوات أمريكية وعربية، في إطار ترتيبات ما بعد الحرب، بما يشمل تفكيك أسلحة حماس الثقيلة.
ويُعرف الإعلان الدولي الذي يطالب بنزع سلاح حماس بــ "إعلان نيويورك"، وقد صدر في يوليو 2025 خلال مؤتمر دولي في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك.
صدر الإعلان عن مؤتمر لتنفيذ حل الدولتين برئاسة مشتركة بين فرنسا والسعودية و17 دولة، إلى جانب الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، مع غياب الولايات المتحدة و"إسرائيل" بشكل لافت.
ويُعد الإعلان أول وثيقة دولية بهذا الحجم تطالب صراحة بإنهاء حكم حماس ونزع سلاحها، ويُنظر إليه كإطار سياسي لما يُعرف بـ"اليوم التالي لغزة".
متحمسون لنزع سلاح المقاومة
ومن بين الدول العربية المتصدّرة للدعوة إلى نزع سلاح حماس:
-
السعودية التي شاركت في "إعلان نيويورك" وتتبنى الرؤية ذاتها التي وردت في خطة ترامب، داعية إلى تسليم إدارة غزة للسلطة الفلسطينية، معتبرة أن "الحوكمة والأمن يجب أن يكونا حصريًا بيد السلطة".
-
قطر التي رغم تاريخها في دعم حماس، أظهرت تحولًا تدريجيًا في موقفها وشاركت في إعلان نيويورك.
-
الأردن الذي يدعم خطة ترامب لوقف الحرب ويؤيد تسليم غزة للسلطة الفلسطينية، ولم يعارض علنًا فكرة نزع السلاح، بل شارك في ترتيبات أمنية إقليمية.
-
الإمارات التي لم تُصدر موقفًا علنيًا واضحًا، لكنها تدعم الترتيبات السياسية لما بعد الحرب التي تُقصي حماس.
ادعاء كاذب
وادّعى بدر عبد العاطي أن "حماس ملتزمة تمامًا بأنها لا دور لها في إدارة غزة في المرحلة التالية، وأن النقاش جارٍ حول الجوانب الأخرى لخطة ترامب للسلام".
غير أن الفارق بين عبارتي "لا دور لها في إدارة غزة" و"التوافق الفلسطيني لإدارة غزة" يكشف تباينًا جوهريًا في الرؤية السياسية لما بعد الحرب، بين من يسعى إلى إقصاء حماس بالكامل، ومن يدعو إلى توافق فلسطيني شامل.
وما طرحه وزير خارجية السيسي من أن "لا دور لحماس في إدارة غزة" هو مضمون سياسي يدعو إلى إنهاء حكم الحركة سياسيًا وعسكريًا، ويدعم هذا الطرح كل من العدو الصهيوني، والولايات المتحدة، وبعض الدول الأوروبية، وأطراف عربية شاركت في "إعلان نيويورك".
ويرى مراقبون أن الهدف هو تسليم غزة للسلطة الفلسطينية أو حكومة تكنوقراط دون أي مشاركة من حماس، باعتبارها "جهة غير شرعية تسببت في الحرب ولا يمكن أن تكون جزءًا من الحل".
في المقابل، تدعو حماس إلى "توافق فلسطيني لإدارة غزة" من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية أو إدارة توافقية تشمل جميع الفصائل الفلسطينية، بما فيها حماس، وهو طرح تدعمه فصائل فلسطينية عدة مثل الجهاد الإسلامي.
قوة الاستقرار الدولية
وفي وقت سابق، قال مستشار أمريكي كبير لوكالة "رويترز" إن الولايات المتحدة تسعى إلى إرساء استقرار أساسي في قطاع غزة، ويُجرى التخطيط لإرسال قوة دولية إلى القطاع.
وكشف أن العديد من الدول أبدت استعدادها للمشاركة، من بينها إندونيسيا، وأن فكرة إنشاء مناطق آمنة رُحّبت بها من قِبل "إسرائيل"، مع احتمال إطلاق برنامج مكافآت للعثور على رفات الأسرى الإسرائيليين.
وأشار المستشار إلى أن "الأموال المخصصة لإعادة الإعمار لن تذهب إلى المناطق التي تسيطر عليها حماس".
كما صرّح بدر عبد العاطي مؤخرًا لشبكة أمريكية بأن "مصر تريد نشر قوات أمريكية في غزة لدعم جهود حفظ السلام هناك"، مضيفًا:
"نحتاج إلى نشر جنود أمريكيين على الأرض، فالقوات مهمة للغاية، ويجب أن يشارك الجنود الأمريكيون في عمليات التدريب والقيادة والسيطرة".
ورداً على سؤال عما إذا كانت مصر تدعو إلى نشر القوات داخل غزة، قال وزير الخارجية:
"نعم، لم لا؟ هذا مهم للغاية".
إلا أن نائب الرئيس الأمريكي جي. دي. فانس أكد الأسبوع الماضي أن واشنطن لا تخطط لنشر قوات في إسرائيل أو غزة.
وفي إطار ترتيبات ما بعد الحرب في غزة عام 2025، برزت فكرة نشر قوة دولية لضمان وقف إطلاق النار ونزع سلاح حماس وتأمين إعادة الإعمار، تُعرف باسم "قوة الاستقرار الدولية"، وتباينت مواقف الأطراف الإقليمية والدولية منها.
وقالت الولايات المتحدة إنها ستشارك بـ200 جندي في مهام التنسيق والإشراف دون انتشار مباشر في غزة، معتبرة أن القوة أداة لضمان الأمن ومنع عودة حماس عسكريًا.
ووافقت بعض الدول على المشاركة رغم تحفظات داخلية، سعيًا للعب دور الوسيط وضمان عدم استبعاد حماس سياسيًا.
بينما ترفض حماس تمامًا نشر أي قوة دولية في غزة، معتبرة إياها "احتلالًا جديدًا بغطاء دولي"، ومؤكدة تمسّكها بخيار المقاومة المسلحة.