أيدي خفية تُحرّك بريق الذهب في مصر.. نفوذ عائلة السيسي يعبث بسوق المعدن النفيس وتأجيل “نبيو” يفضح الفوضى»

- ‎فيتقارير

أيدي خفية تُحرّك بريق الذهب في مصر.. نفوذ عائلة السيسي يعبث بسوق المعدن النفيس وتأجيل "نبيو" يفضح الفوضى

 

في تطور يعكس عمق الاضطراب الذي يعيشه سوق الذهب المصري، أعلنت شعبة الذهب والمجوهرات باتحاد الغرف التجارية تأجيل معرض "نبيو" الدولي للذهب لأول مرة منذ انطلاقه عام 2020، على أن يُعقد في يونيو/حزيران 2026 بدلًا من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بسبب "الاضطرابات السعرية الحادة" التي تضرب الأسواق المحلية والعالمية.

لكن وراء هذا التبرير الرسمي، تتكشف خيوط أزمة أعمق تتجاوز التذبذب العالمي إلى «تلاعب داخلي ممنهج» تقوده مصالح نافذة في دوائر السلطة.

فوضى الأسعار، من يحرك السوق؟

رغم تراجع الأسعار العالمية بأكثر من 8% خلال يومين لتصل إلى نحو 4,013 دولار للأوقية بعد قمة تاريخية تجاوزت 4,380 دولار، هبط سعر جرام الذهب عيار 21 في مصر من 5915 إلى 5500 جنيه في يوم واحد.

 

هبوط مفاجئ أعاد إلى الواجهة سؤالاً بات يتردد في أوساط الصاغة والمستهلكين: هل تحكم العرض والطلب فعلاً سوق الذهب، أم أن هناك من «يلعب» بالأسعار من وراء الستار؟ تجار ومحللون أشاروا إلى أن السوق فقد شفافيتها تمامًا، وأن الأسعار لم تعد تُحدد وفقاً للبورصات العالمية، بل وفق مصالح فئة محددة تتحكم في الكميات المعروضة، وتوقيت البيع والشراء، بل وحتى في بيانات الأسعار المتداولة.

 

بينما اتجه أغلب المصريين إلى شراء السبائك كملاذ آمن، تجمدت مبيعات المشغولات الذهبية، ما أدى إلى ركود كامل في القطاع الحرفي المحلي، وأجبر الشعبة العامة للذهب على تأجيل المعرض الدولي لعدم جدوى تنظيمه تجاريًا في «سوق بلا استقرار.

 

نفوذ «أحمد السيسي» في الكواليس مصادر اقتصادية وصحفية كشفت عن علاقة المستشار أحمد السيسي — شقيق رأس النظام — بعدد من كبار تجار الذهب والصرافة، بينهم شخصيات خضعت لتحقيقات سابقة في قضايا تهريب عملة وغسل أموال.

 

وتشير التقارير إلى أن هذه العلاقات أتاحت لشبكة صغيرة من رجال الأعمال المقربين من الدائرة الأمنية احتكار مسارات التوريد والتسعير، بما في ذلك السيطرة على مخزون الذهب الخام، والتحكم في كميات السبائك المعروضة بالأسواق.

 

تلك المعلومات، رغم أنها لم تُطرح أمام أي جهة قضائية حتى الآن، تفسّر بحسب محللين اقتصاديين جانباً من «الفوضى المصطنعة» في سوق الذهب، حيث تُستخدم المضاربات في الأسعار كأداة لتحقيق أرباح فاحشة وتبييض أموال في آنٍ واحد — وكل ذلك تحت مظلة الغطاء السياسي. تأجيل معرض «نبيو».. فضيحة مموهة قرار تأجيل معرض "نبيو" الدولي للذهب لم يكن مجرد إجراء تنظيمي كما زعمت الغرف التجارية، بل مؤشر على انهيار الثقة في السوق.

 

فالمعرض الذي كان يُفترض أن يكون منصة لترويج التصميمات الجديدة للمجوهرات وتحريك المبيعات، أصبح ضحية للفوضى السعرية والتضارب بين كبار التجار.

 

مصدر من داخل الاتحاد التجاري قال لـ«المنصة»: إن «عقد صفقات في ظل سوق متقلب هو مغامرة غير محسوبة، لأن الأسعار تتغير كل ساعة، ولا أحد يعرف من يحددها أو لحساب من؟"

 

ذهب مصر.. من ملاذ آمن إلى ملعب نفوذ ما كان يُفترض أن يكون «الذهب ملاذ المصريين الأخير» صار ساحة مضاربات وتحكم سياسي واقتصادي، وسط غياب كامل للرقابة والشفافية.

 ويرى مراقبون أن تداخل المصالح بين السلطة وشبكات التجار هو ما يفسر القرارات المفاجئة، والفجوة بين السعر الرسمي والموازي، والتقلبات اليومية غير المبررة. وفيما يواصل النظام ترديد خطاب «الإصلاح الاقتصادي»، يعيش المواطن حالة من انعدام الثقة في كل رقم يُعلن، سواء في أسعار الذهب أو الدولار أو الوقود، جرس إنذار تأجيل معرض «نبيو» ليس قراراً اقتصادياً بقدر ما هو جرس إنذار على أن «الذهب المصري لم يعد معدن القيم الثابتة، بل أداة في أيدي قوى النفوذ.

 

 وفي ظل صمت الأجهزة الرقابية، وتوسع الدائرة الاقتصادية المحيطة بعائلة الحاكم، يبدو أن بريق الذهب في مصر يُخفي خلفه شبكة فساد تتلاعب بأعصاب السوق وجيوب المواطنين.