كشف حقوقيون عن وفاة المعتقل أحمد محمود محمد سعيد داخل سجن الجيزة العمومي، في مأساة إنسانية جديدة تُضاف إلى سجل الإهمال الطبي في السجون المصرية، وفقًا لتوثيق الشبكة المصرية لحقوق الإنسان.
وأحمد محمود محمد سعيد، البالغ من العمر 48 عامًا، يعمل في مجال الأعمال الحرة ويقيم بقرية ناهيا – مركز كرداسة – محافظة الجيزة. وقد توفي داخل سجن الجيزة العمومي (الكيلو 10 ونص).
وأُعلن يوم السبت 8 نوفمبر 2025 عن استشهاده نتيجة الإهمال الطبي الجسيم، بعد رفض إدارة السجن نقله إلى مركز متخصص لتلقي العلاج الكيميائي، رغم إصابته بسرطان الغدة في مرحلة متقدمة، ورغم المطالبات المتكررة لعلاجه.
واكتفت إدارة السجن بإجراءات طبية شكلية لا تتناسب مع حالته الصحية، وأعادت المعتقل إلى السجن بعد فترة قصيرة قضاها في مستشفى القصر العيني.
واستمر احتجاز أحمد محمود رغم صدور قرار بإخلاء سبيله في أكتوبر 2022، حيث تم تدويره على قضية جديدة، في مخالفة صريحة للمادة (486) من قانون الإجراءات الجنائية والمادة (56) من الدستور المصري.
وفي سياق حقوقي، اعتبرت الشبكة المصرية أن وفاة أحمد محمود ليست حادثة فردية، بل تعكس نهجًا ممنهجًا من الإهمال الطبي وسوء المعاملة داخل أماكن الاحتجاز، وسط غياب المساءلة القانونية وضعف الرقابة القضائية.
وبحسب مصادر الشبكة، فإن الفقيد كان يعاني منذ أكثر من عامين من سرطان بالغدة، وقد تم تشخيص حالته في مرحلة متقدمة من المرض.
ورغم ثبوت خطورة حالته، رفضت إدارة سجن الجيزة العمومي نقله لتلقي العلاج الكيميائي في مركز متخصص، واكتفت بإجراءات طبية شكلية لا تتناسب مع طبيعة مرضه، مما أدى إلى تدهور متسارع في حالته الصحية.
وقد نُقل مؤخرًا إلى مستشفى القصر العيني، حيث مكث لفترة قصيرة، ثم أُعيد إلى محبسه بسجن الكيلو 10 ونص، رغم استمرار تدهور حالته، إلى أن توفاه الله عصر السبت 8 نوفمبر 2025، داخل زنزانته، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة أثناء نومه، بعد أن وضع رأسه على قدم أحد زملائه.
وعقب وفاته، نُقل جثمانه إلى مشرحة القصر العيني تمهيدًا لإنهاء إجراءات الدفن في مقابر الأسرة بقرية ناهيا – مركز كرداسة – محافظة الجيزة.
وأكدت الشبكة المصرية أن استمرار حبس المواطن الراحل رغم حالته الصحية الحرجة يُعد مخالفة صريحة لنص المادة (486) من قانون الإجراءات الجنائية المصري رقم 150 لسنة 1950.
وحملت "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان" النيابة العامة المصرية ووكلاء النيابة الذين جددوا حبسه، المسؤولية عن استمرار احتجازه رغم علمهم بحالته الصحية المتدهورة.
كما حمّلت الشبكة مصلحة السجون المصرية وإدارة سجن الجيزة العمومي بالكيلو 10 ونص، المسؤولية الكاملة عن تدهور حالته الصحية ووفاته، نتيجة الإهمال الطبي الجسيم والامتناع عن تقديم الرعاية الصحية اللازمة في الوقت المناسب، بما يخالف أبسط معايير العدالة والإنسانية.
وكان المعتقل أحمد محمود محمد سعيد قد أمضى قرابة ثماني سنوات في السجن. وفي أكتوبر 2022، صدر قرار بإخلاء سبيله بكفالة، وبعد أن قامت أسرته بسداد الكفالة، أعادت الأجهزة الأمنية تدويره على ذمة قضية جديدة، لتستمر معاناته رغم تدهور حالته الصحية واحتياجه الملح للعلاج خارج السجن.
وحتى نوفمبر 2025، تم توثيق ما لا يقل عن 14 حالة وفاة داخل السجون ومقار الاحتجاز في مصر نتيجة الإهمال الطبي، وفقًا لتقارير منظمات حقوقية مثل لجنة العدالة، مركز الشهاب، والشبكة المصرية لحقوق الإنسان.
وفي سجن الجيزة، استشهد عبد السلام محمود صدومة في 2 يناير نتيجة إصابته بسرطان متقدم، كما استشهد وليد أحمد طه في أغسطس داخل قسم شرطة شبرا الخيمة في ظروف احتجاز سيئة بعد مشاجرة، واستشهد حازم فتحي في أغسطس داخل قسم شرطة نجع حمادي نتيجة التعذيب حتى الموت داخل الحجز، واستشهد الشيخ علي حسن عامر (77 عامًا) في أغسطس بسجن وادي النطرون بسبب أمراض مزمنة، واستشهد عبد الفتاح عبد العظيم عطية في ديسمبر 2024 (موثق في 2025) بمركز بدر 3 نتيجة فشل كلوي وكبدي، بالإضافة إلى حالات أخرى لم تُذكر أسماؤها علنًا، لكنها وُثّقت ضمن تقارير شهرية من مركز الشهاب ولجنة العدالة.
وقد يكون العدد الحقيقي أعلى بسبب ضعف الشفافية ومنع الزيارات، حيث تؤكد المنظمات الحقوقية أن هذه الوفيات ليست فردية بل تُعبّر عن نمط ممنهج، وأن غياب الرقابة القضائية على أماكن الاحتجاز يفاقم الأزمة. كما أن سياسة التدوير القضائي تحرم المعتقلين من تنفيذ قرارات الإفراج، مما يطيل مدة الاحتجاز رغم تدهور الحالة الصحية.
وطالب حقوقيون بتفعيل الإفراج الصحي وفقًا للمادة (486) من قانون الإجراءات الجنائية، وتشكيل لجنة طبية مستقلة لمراجعة أوضاع السجون، ووقف سياسة التدوير ومنع الاحتجاز التعسفي، ومساءلة المسؤولين عن الإهمال الطبي والوفاة داخل السجون.